في الوقت الذي تشير المؤشرات إلى إمكانية سقوط محافظة الضالع وبالذات المديريات التابعة للجنوب بعد المواجهات المستمرة بين الجيش والحراك الجنوبي مازالت السلطة غير قادرة على اتخاذ موقف واضح مما يحدث للتخفيف من حال الاحتقان الحاصل، وفي ظل تركت الرئاسة، السلطة المحلية والجيش المرابط هناك لمواجهة مصيره دون أن تتدخل بفرض حلول من شأنها إيقاف تصاعد الاقتتال. دعا محافظ محافظة الضالع علي قاسم طالب كل عقلاء ومشايخ ووجهاء ومواطني محافظة الضالع إلى تحكيم العقل والمنطق ومراعاة مصالح الناس التي تعطلت نتيجة الأخطاء وردود الأفعال غير المنطقية التي يقوم بها بعض العناصر التي لجأت إلى استخدام السلاح.. الأمر الذي أدى إلى تعطيل عمل عدد من المؤسسات بما فيها البنك المركزي والبريد وبنك التسليف نتيجة انعدام السيولة.. مؤكداً بأن قيادة المحافظة قد وجهت بعدم استخدام القوة.. في حين تقوم الجماعات المسلحة بأعمال التقطع وعدم السماح بالحركة الآمنة في الطرقات التي تربط المحافظة بالمحافظات الأخرى وداخل المحافظة نفسها.. ودعا طالب في تصريح نقلته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إلى التهدئة وهدنة لمدة شهر يتم خلالها تمكين الأجهزة المختصة من صرف مرتبات ومستحقات الموظفين والمديريات وكذا إتاحة المجال لصوت العقل تجنباً لمزيد من إراقة الدماء، لأن الخاسر من تأزيم الأوضاع في المحافظة هم أبناء محافظة الضالع أنفسهم وليس أحدا غيرهم. يأتي هذا في ظل البيان رقم (1) الذي أذاعته قناة "عدن لايف" التابعة للرئيس علي سالم البيض ونسبته لما أسمتها "المقاومة الوطنية الجنوبية" وأعلنت خلاله تبنيها شن هجمات على مواقع عسكرية في الضالع، السبت، وأدت إلى مقتل 4 جنود بعد يوم من مقتل مدنيين في قصف للجيش أعقب اشتباكات جنود ومسلحين رداً على مقتل القيادي في الحراك بركان محمد مانع، وأفراد أسرة ياسين علي حسن ، وجاء في البيان: "شنت المقاومة الجنوبية هجوماً كاسحاً استهدف المواقع العسكرية التابعة للواء 33 مدرع والمتمركز في الضالع وهي: معسكر الجرباء والمواقع التابعة له، ومعسكر عبود والمواقع التابعة له" ، وأضاف: "أن المسلحين سيطروا على موقعي "المظلوم والخربة" التابعين لما وصفه ب"جيش العدو" في إشارة إلى قوات الجيش، وأن أحد الجنود استسلم، بينما فر الآخرون، وجرى الاستيلاء على عتادهم العسكري" ، وتابع البيان: إن "مسلحين هاجموا دورية عسكرية تابعة للجيش اليمني في منطقة الراحة بمحافظة لحج، ما أسفر عن مقتل 4 جنود وإحراق الدورية، والاستيلاء على بعض الأسلحة"، وفقاً للبيان ، وتوعد بشن هجمات على الجيش حتى استقلال الجنوب، مشيراً إلى أنه سيسلم الجندي المحتجز إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر "في المستقبل" دون تحديد موعد، وقال "إنه سيرد على أي هجوم يستهدف أي مواطن جنوبي".. إلى ذلك تشهد محافظة لحج مواجهات متواصلة بين الجيش المرابط هناك وبين من يسمون أنفسهم لجان المقومة الوطنية ويؤدي في العادة إلى سقوط ضحايا من الطرفين ومن المواطنين حين تخطئ القوات المتمركزة التصويب وتصيب مواطنين أبرياء وهو ما يؤدي إلى تهييج الشارع الجنوبي الذي يتم استغلاله من خلال نشر صور للضحايا من المواطنين والأطفال والنساء. وتشير المصادر إلى أن قوات الجيش قامت بحملة واسعة ضد من تعتبرهم مسؤولين عن مهاجمة مواقعهم بمديرية الملاح حيث اعتقلت عددا من الأشخاص. وكان استشهد ما لا يقل عن 10 أشخاص وأصيب حوالي 36 آخرين بجروح متفاوتة وذلك في اشتباكات بين مهاجمين وقوات الجيش التي تقوم بقصف مدفعي ضد مواقعهم في بعض مناطق وقرى بلدة الضالع الواقعة شمال عدن. كما حدث مساء الجمعة حين وقعت قذيفة مدفعية على إحدى منازل المواطنين في منطقة لسلاف الواقعة على بعد حوالي أربعة كيلومترات من معسكر الجربا في أطراف مدينة الضالع أدت إلى تدمير المنزل بالكامل على رؤوس ساكنيه وأسفرت عن استشهاد أم حامل وطفلتيها وإصابة رب الأسرة بجروح بالغة. وكانت طفلة أخرى قد استشهدت برصاصة دوشكا ظهر نفس اليوم أطلقها جنود ذلك المعسكر على منطقة الجليلة القريبة منه، هذا بالإضافة إلى استشهاد أربعة آخرين بينهم امرأة كانت على متن حافلة ركاب في طريقها إلى صنعاء، بينما لقى الثلاثة الآخرون مصرعهم في أماكن متفرقة جراء القصف العشوائي، وأصابت طلقة مضاد للطيران طفلا كان يلعب بجانب منزله بمنطقة البجح توفي عقب محاولة إسعافه إلى إحدى المستشفيات القريبة بعد لحظات من وصوله المستشفى. وأصيب طفل آخر لم يتجاوز عمره الأربع سنوات في نفس المنطقة، واستشهد أثنان بقذائف الرشاشة التي أطلقها جنود جيش الاحتلال الذين كانوا قد نصبوا نقطة في تلك الأثناء وأمطروا حافلة الركاب التي كانا على متنها بنيران اسلحتهم، وبحسب الإحصائية بلغ عدد الشهداء 10 بينهم أربعة أطفال وامرأتان، وبلغ عدد الجرحى 36 جريحا. كما أصيب جنديان وطفل في تجددت الاشتباكات بين قوات الجيش ومسلحي الحراك في منطقة سناح بمحافظة الضالع . في الوقت الذي قام مسلحو الحراك باختطاف جندي جريح من قوات الأمن الخاصة بعد اشتباكات قرب موقع الحود. وكان مئات الآلاف من الجنوبيين قد شيعوا جثامين خمسة عشر شهيدا قضوا في مخيم عزاء جراء قصف بقذائف الدبابات أطلقها صوب المخيم جنود وحدة عسكرية تابعة للجيش بمنطقة سناح نهاية ديسمبر من العام الماضي. وكانت هيومن رايتس ووتش قالت إن الحكومة اليمنية لم تجر التحقيق في مجزرة مخيم العزاء بسناح في الضالع والتي راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح بشكل شامل ونزيه. وطالب هيومن رايتس في تقرير صادر عنها السلطات اليمنية أن تعلن نتائج التحقيقات في الحادث. وحسب التقرير قال 6 شهود إن اللجنة الحكومية المُشكلة من مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى لم تتصل بهم. كما قالت منظمة "صح" لحقوق الإنسان، والتي تقدم الدعم لضحايا الهجوم وعائلاتهم، إن اللجنة التقت فقط بمحافظ الضالع وقائد القوات المسلحة بالمنطقة. وقال نائب المدير لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس إن ما تقوم به السلطة في محافظة الضالع لا يتناسب مع الخسائر الفادحة في الأرواح هناك. مضيفا أنه أمام الحكومة فرصة هامة في تعاملها مع هجوم الضالع، لتثبت أنها لن تتستر على مثل هذه الأحداث". وقامت الحكومات اليمنية السابقة، والحكومة الحالية بالتعامل في مناسبات عديدة مع أحداث العنف الجسيمة بتشكيل لجان تحقيق خاصة. ومع ذلك، فإن تلك اللجان عادة لا تنشر نتائجها، ولا ينجم عن عملها أي ملاحقات قضائية.