إن هذه هي حضرموت كانت منذ أن خلق الله الدنيا ومن عليها وستضل حتى يرث الله الارض ومن عليها، لا نريدها إقليما شرقيا ، ولا غربيا، ولاشماليا، إنها حضرموت التاريخية (الكبرى) بلاد الأحقاف (عاد و ثمود)، التي ملأت الدنيا شعاعاً و ضياء ، و أدخلت جموع الآسيويين في دين الله افواجاً. فليس هناك عليها أوصياء سوى شعبها أو من تفوضه، أو تنيبه من أبنائها للتحدث باسمها ، فكلنا رهن الامر و الطاعة،- فهي روحنا ودنيانا - نقول هذا ليس من قبيل الادعاء أو الهذيان العاطفي ، و إنما وفقا لمعطيات تاريخية لا غبار عليها ولا تدليس، فقد حمل الأسلاف (الحضارمة) . رسالة السماء مبلغين و منذرين سكان تلك الأصقاع في الجنوب الشرقي من القارة الآسيوية - في وقت كانت فيه الدعوة المحمدية تعاني من ضائقة فجاء الفرج على يد الأسلاف الحضارمة .وفي هذا السياق، فإننا نتوجه بحديثنا هذا إلى من يريدون أن يقرروا مصير وطن بحجم حضرموت، و دوره التاريخي أن يعوا هذا الدور والتاريخ وان لا يصدروا أحكاما فيما لا يفقهون ولا يملكون، فتاريخ ومصائر الأمم والشعوب يقرره ، ويوثقه أبناؤها الخلص بتفويض وإجماع شعوبهم دون سواهم وهم كثر في حضرموت الخير والهوية والإنسان . ( لا إعطاء من لا يملك من لا يستحق ) .إن الأممالمتحدة ومجلس الأمن وما انبثق وتفرع منهما ، فإنهم بمثابة العوامل المساعدة والمساندة لبلوغ الانسانية والأوطان مبتغاها في تقرير مصيرها وحكم أبنائها المختارين من قبل شعوبهم على ما تقره وترضاه هذه الشعوب - وليست سيفاً مسلطاً على مصائر ورغبات الشعوب التي ارتضت أن تعيش على أرضها وفوق ترابها الذي ضحى من أجله أبناؤها وأسلافها، والنماذج في هذا العالم الفسيح شاهد على ما نقول.إننا ونحن نطرح كل ما سبق من حيثيات فإننا لا نريد شيئا سوى إحقاق الحق وعودة الأمور الى نصابها الصحيح دون تزييف أو تدليس سياسي ، أو محاباة ، كفانا ادعاءات وحجج تاريخية زائفة ، وأقول زائفة لأن معطيات الواقع والتاريخ المعيش ، والقديم ، شواهد على ذلك.لقد مرت فترة زمنية على انطلاق الهبة الحضرمية وتحديدا منذ 20 ديسمبر ، هذا الحدث الأعظم والأنبل في تاريخ حضرموت الحديث ، وهو نزول الملايين في مدن وحواضر حضرموت الكبرى من عدن إلى المهرة، طلبا للحرية والعدالة والكرامة الإنسانية ، و لم يطالب "الحضارمة " برحيل جند الاحتلال ومعسكراته من مدنهم وثغورهم الاستراتيجية وهم في بيوتهم قابعون ، أو على المواقع الإلكترونية يناظرون، إنما كسروا حاجز الخوف ، ونزلوا إلى الشوارع في جموعهم الهادرة في كل ربوع وطننا الغالي .إن العشرين من ديسمبر ، هي الهبة العظيمة ، وهي حركة الناس العادية ، وهم قبائل حضرموت ومعهم وبهم التقى كل طلائع القوة الحضرمية الثورية الحية في كل بقاع هذه الأرض الطيبة وعلى امتداد رقعتها الكبيرة " حضرموت التاريخية " من عدن إلى المهرة ممثلة بجميع فصائل العمل الثوري ، وجميع قيادات العمل الوطني الذين فضلوا الانتماء إلى وطنهم حضرموت وليس إلى الأحزاب التي هي امتدادا للاحتلال ، مؤمنة به وبترسيخه وديمومته على أرضنا الطاهرة ، ونظرية الضم والإلحاق ، والتي تدعيها "جميع الأحزاب اليمنية " بأننا جزء من كل ، هذه الفكرة التي لازالت وستظل تعشش في أذهانهم . ودليلنا ما حدث من إجماع داخل ما يسمى مؤتمر الحوار الوطني العام ، وكأننا لسنا أصحاب أرض وسيادة وتاريخ مدته الزمنية خمسة آلاف سنة ، وقبل أن يكون هناك شعاع من نور في هذه الرقعة المباركة ، ولم يكن زادنا سوى الصدق في القول والإيمان برسالة السماء ونشرها بين الأنام وخصال حميدة هي جزء من سجايا الحضرمي أينما حل ورحل . وبناء عليه يجب علينا أن لا ننسى أن حضرموت في حاجة ماسة كل يوم الى استدعاء قيم ومبادئ ابنائها، فهي رصيدهم الدائم الذي لا ينضب على مدى الأزمنة، وذلك من أجل بناء نظام سياسي ديمقراطي يتبوأ مركز القيادة فيه طلائع حضرمية تنتمي إلى هذه التربة بدون مزايدة أو ادعاء بالمصير المشترك وواحدية النضال وأداتها.والأصول الواحدة، والتي لا وجود لها إلا في اذهان دعاتها وفي عقولهم النهابة والعطشى للسلب والفيد .كفى الفرص الضائعة على هذا الوطن والثروة المنهوبة والتاريخ الذي يحاولون طمس معالمه أو نسيانه وتزوير أحداثه وهو ما يحلم به ويتمناه أصحاب النفوذ ومراكز القوى ، المتنفذين في صنعاء ( اليمن ) لكي يمحى من الذاكرة، ولكن هيهات لهذا الوجود بعطائه الإنساني وهويته الثقافية العالمية أن يمحى أو ينصهر في بوتقة غير بوتقته أو في ديار غير داره .من هنا ومن هذا المنطلق علينا أن نحول قيم وطاقات هذا الشعب التي تجلت وأظهرت عن أصالة معدنها الحضرمي النقي ، نحول كل هذا الى طاقة بناء وإصلاح حقيقي وجراحي لكل شيء. من الفرد إلى المجتمع إلى الدولة المستقبلية .وفي الختام نؤكد أن عدم المعرفة بالتاريخ ودخائله وتفصيلاته من شأنه أن يعمل على سد منافذ المعرفة، وبالتالي يزيد الفرقة ويشعل نار الصراع والنزاع ، أما العلم بالتاريخ فإنه رحم بين أهله من شأنه أن يفتح الباب أمام التسامح وقبول حق الآخر ، واحترام وجهات النظر المخالفة، ونحن هنا قد نحسن الظن بالجميع الذين يكونون قد أخطئوا بل ارتكبوا الخطيئة لجهلهم بالتأويل أو التفسير بالتاريخ ، والذين يكونون قد أصابوا كبد الحقيقة والسير إلى سواء السبيل . أ.د مبارك قاسم البطاطي حضرموت في 27/01/2014