كشفت عملية اقتحام السجن المركزي عن تقسيم العاصمة إلى ساحات نفوذ للمسلحين من مختلف الاتجاهات، إذ وخلال دقائق معدودة من الانفجار العنيف الذي طال السجن المركزي الخميس الماضي، وتخللته اشتباكات عنيفة، كانت المليشيات المسلحة لكل طرف تنتشر في المربع الذي تتواجد فيه، وفيما انتشر مسلحو أولاد الأحمر في الحصبة وقطعوا الشوارع المحيطة بمنزلهم، فعل الحوثيون الشيء نفسه في الجراف حيث انتشر المسلحون الحوثيون بأطقمهم وقطعوا الشوارع المؤدية إلى مقر المجلس السياسي ومكتب قناة المسيرة التابعة لهم في تحسب لكل طرف منهم أن هناك هجوما مباغتا على مقراته، مما يؤكد أن تقسيم صنعاء تضاعف بدلا من أن ينتهي. وحدها وزارة الداخلية التي كانت مسترخية وتأخرت في التدخل، وحين وصلت كان الأمر قد انتهى، ومع ذك لم يتم الأمر دون ضرب نار كثيف في الهواء فيما أسئلة كثيرة لم تحصل على إجابة حتى اليوم عن كيفية حدوث الهجوم وتوقيته وعن سبب تقصير وزارة الداخلية الفاضح الذي سهل نجاح عملية تهريب السجناء إلا أنه كما جرت العادة في قضايا مماثلة طالت مؤسسات دولة وضباطا وجنودا تم قتلهم بدم بارد لم تقم الرئاسة بأي فعل حقيقي إزاء المقصرين بينما تكتفي بتشكيل لجنة تحقيق هي في العادة بمثابة ذر الرماد على العيون. وفي الحادثة الأخيرة التي نالت السجن المركزي العام ونجح فيه مسلحون بتهريب 29 مسجونا، أغلبهم من عناصر القاعدة، تمثل رد رئيس الدولة بالاجتماع مع القيادات الأمنية في وزارة الداخلية وحثهم على مزيد من الحيطة ورفع جاهزية الأداء لينتهي الأمر بأخذهم في زيارة تفقدية إلى مبنى السجن الذي دفع مديره العقيد محمد الكول ثمن التقصير بعد ذلك بأن تم توقيفه من قبل الوزارة، بحسب مركز الإعلام الأمني، بعد أن كان واجه وزير الداخلية بعدم الالتفات إلى طلبات عدة له بتعزيز السجن بجنود وسلاح أثناء زيارته مع الرئيس إلى السجن. مع أن ذلك لا يختلف مع ما صرح به رئيس مصلحة السجون اللواء محمد الزلب، لموقع الثورة من أن المصلحة قامت مسبقاً برفع تقارير إلى قيادة وزارة الداخلية بخطورة تواجد سجناء القاعدة، وضرورة وجود تعزيزات أمنية على سجن صنعاء والسجون المركزية الأخرى. ومن أنه حذّر مراراً وتكراراً حتى لا يتكرر المشهد، كما حدث في السجن المركزي بسيئون، وتهريب سجناء القاعدة هناك، وكذلك ما حدث في مستشفى العرضي بوزارة الدفاع. إلا أن المحاصصة الحزبية وعدم جراءة الرئيس منعته من أن يتخذ قرارا بوقفه عن العمل والتحقيق معه حول ما تم اتهامه من تقصير. نفذ المسلحون عمليتهم الذي قال الزلب لوكالة الصحافة الفرنسية "إن عدد المهاجمين لا يقل عن 50 أو 60، يستقلون ما يقارب اثني عشر سيارة، مشيراً إلى أنهم عناصر من تنظيم القاعدة". بأريحية شديدة ورغم تبادل إطلاق النار معهم فإن أيا منهم لم يصب بأذى كما أن موكبا بهذا العدد من السيارات والأشخاص مروا من نقاط التفتيش دون أن يسألهم أو يفتشهم أحد إلا في حالة ما كان هؤلاء يسكنون على مقربة من المكان، ومع ذلك سيظل التساؤل عن كيف تمكن هذا الموكب من الفرار دون أن يتبعه أو يعترض مسيره كل هؤلاء الجنود المرابطين في نقاط تفتيشهم رغم ما يحملونه معهم من أسلحة خفيفة ومتوسطة وقذائف الآر بي جي والرشاشات وهي التي استخدموها في عملية الهجوم بحسب الزلب أيضا. ليس هناك رواية رسمية أعلنتها الداخلية عن كيفية الهجوم كما لم تجب عن اتهاماتها بالتقصير، ولكن، وبحسب رئيس مصلحة السجون، وهو مسؤول محترم فإن العناصر الإرهابية قامت في بداية العملية، بوضع سيارة "هايلوكس" خصوصي، تحمل رقم لوحة معدنية 4-22711، أمام بوابة المصلحة، جوار سور السجن. وأضاف المصدر: "انهار جزء من السور جراء انفجار السيارة، وأحدث فتحة يمكن لأي شخص الدخول منها". وأوضح أنهم: " اقتحموا في البداية مصلحة السجون مقابل السجن، وقتلوا من كانوا فيه، ثم فجروا سور السجن واقتحموه"، موضحاً أنهم حاصروا السجن من كل الجهات حتى من المباني المجاورة للسجن التي أطلقوا النار منها". وأضاف: "أثناء الهجوم قام الإرهابيون بإطلاق النار على حراسة المصلحة، ما أدى إلى استشهاد ضابط أمن وسبعة جنود من حراسة أمن المصلحة وشخص كان مارا بجوارها بالإضافة إلى ثلاثة جرحى، وتحدث عن دخول الإرهابيين إلى مكاتب المصلحة، بحثاً عن أي شخص ليقتلوه. وأشار إلى أن الهجوم الذي استمر نصف ساعة، قام خلاله الإرهابيون بتفجير سيارة مفخخة، كانت وضعت أمام رئاسة المصلحة، والذي يوجد فيه قسم تأهيل السجناء المنعزلين عن السجناء الآخرين، وعددهم 29 سجيناً، بينهم 18ممن عليهم قضايا إرهابية، والبقية على ذمة قضايا أخرى. وأضاف أن الإرهابيين قاموا بإطلاق ألعاب نارية تمويهية، بعد إطلاق القذائف والنيران على السجن المركزي، من جميع الاتجاهات، بعد أن حدثت اشتباكات بينهم وبين حراسة السجن المتواجدين، من أجل التمويه على عملية فرار السجناء. وفي استفاقة متأخرة لوزارة الداخلية، وجهت الوزارة كافة إدارات الشرطة في العاصمة والمحافظات بضرورة تشديد الحماية الأمنية على السجون المركزية والاحتياطية ومباني التأهيل تحسباً لأية هجمات أو محاولات تهريب سجناء على غرار ما حدث مساء الخميس الماضي في السجن المركزي بصنعاء. وقال مركز الإعلام الأمني إن قيادة الوزارة شددت على ضرورة رفع اليقظة الأمنية والتعامل بحزم وقوة مع الجرائم الإرهابية التي تستهدف السجون. هذا التوجيه المتأخر رغم أن حادثة السجن المركزي ليست الأولى فقد تم استهداف أكثر من سجن في عدن وسيئون والمكلا وغيرها، وكل ذلك لم يجعلها تتعامل مع مثل هذه التهديدات. وعلى ذات الاتجاه اجتمعت الداخلية برئاسة الوزير الأحد الماضي لتقر إعادة النظر في الخارطة الأمنية للعاصمة وإعادة تقسيم المناطق والمربعات الأمنية إلى 12 قسما، وفق أسس وخطط أمنية محكمة. بحيث يبدأ تنفيذ الخطة الجديدة ابتداء من ذات اليوم، وبحيث تتحمل الأجهزة والجهات الأمنية في كل منطقة مسئولية الحفاظ على الأمن والاستقرار. وحتى هذه الخطة الأمنية لست وليدة اليوم وكان أحالها رئيس الجمهورية إلى وزير الداخلية منذ أشهر إلا أنه لم يتم العمل بها. وكما جرت العادة فإنه ومع كل عملية جديدة تتذكر وزارة الداخلية أو الدفاع دورهما حيث قرر الاجتماع السابق البدء بتحديث وتطوير غرف العمليات في القيادة والسيطرة والعمليات المشتركة وتوفير الإمكانيات اللازمة لها، بصورة تمكنها من تلقي البلاغات الأمنية، والتعامل معها بشكل سريع ومباشر وكأنما هذه هي العملية الأولى التي يتم اختراق السياج الأمني المنيع لها متغاضية عن حوادث مماثلة كان أقساها اقتحام مكتب القائد الأعلى في العرضي بالإضافة إلى ما يحفل به سجل الوزارة من أعداد ظلت تتعاظم من الشهداء والجرحى والذي بلغوا في إحصائية لها مقتل( 51 ) ضابطا ، و (92) صف ضباط ، و (108 ) جنود، فيما أصيب خلال ذات الفترة (8 )ضباط و( 4 )صف ضباط وعدد( 340 ) جندياً في عدد (175) اعتداء مسلحا على وحدات ومواقع عسكرية وأمنية في معظم محافظات الجمهورية . وأعلنت وزارة الداخلية رسميا استشهاد (79) وجرح (325) آخرين من ضباط وأفراد قوات الأمن الخاصة (قوات الأمن المركزي قبل الهيكلة) دفاعا عن الأمن والاستقرار العام الماضي 2013م ، واستشهاد (22) وجرح (115) من قوات شرطة الدوريات وأمن الطرق (شرطة النجدة قبل الهيكلة ) خلال ذات الفترة. وبالعودة إلى ملف قضية اقتحام السجن المركزي الذي قال بيان الداخلية إنها تمكنت من إفشال اقتحام السجن المركزي مع تأكيدها في ذات البلاغ عن هروب 29 مسجونا، فقد سارعت وسائل إعلام الأطراف المتصارعة وبالذات الإصلاح والمؤتمر إلى اتهام كل الآخر بعملية الاقتحام وطرح أدلة على صدق ما يطرحه كل طرف ضد الآخر. واتهم محامي أهالي تفجير دار الرئاسة حزب الإصلاح في حادثة الهجوم على السجن المركزي في الوقت الذي نقلت قناة اليمن اليوم التابعة لرئيس المؤتمر عن تهريب السجناء المتهمين في القضية ودعت قيادات المؤتمر مناصري وأعضاء الحزب إلى التمسك بأكبر قدر من ضبط النفس عقب ما قال إنه تهريب لهؤلاء المتهمين، وحمّل المؤتمر الشعبي العام قيادة الدولة والحكومة مسئولية تأمين السجون والسجناء معبرا عن رفضه للمسرحيات التي تفتعلها بعض القوى لتهريب متهمين في الجريمة الإرهابية. وبهذا الخصوص زاد الناشط في حزب الإصلاح محمد اليمني، من تأكيد الاتهام دون أن يقصد حين كشف أن هجوم المسلحين على السجن المركزي، سبقته زيارة للقيادي الإخواني خالد الآنسي، إلى مقر السجن، لزيارة بعض المعتقلين الذي يتهمون بتفجير دار الرئاسة. وأوضح اليمني، أن الزيارة كانت فور استقبالهم للآنسي في مطار صنعاء، قادماً من الدوحة، بعد مشاركته في حلقة "الاتجاه المعاكس" التي بثتها قناة "الجزيرة" مساء الثلاثاء. وقال اليمني في منشور له في "فيسبوك": "وبعد أن تطمنا عليهم قررت البقاء معهم إلا أن إبراهيم الحمادي رفض ذلك وقال بقاؤك بجوارنا لن يفيد، تستطيع مساعدتنا في الجانب الإعلامي ولن يفيد اعتصامك معنا..". وأضاف: "وبعد دقائق من خروجنا من السجن تم الهجوم ومحاولة اقتحام السجن المركزي..". كما جاء الخبر الذي نشره موقع "الصحوة نت" وتم تعميمه في رسالة خبرية عبر "الصحوة موبايل" ونشرته قناة سهيل خلال الدقائق الأولى من الهجوم , ويتحدث عن "انقطاع الاتصالات مع شباب الثورة المعتقلين بالسجن المركزي بصنعاء ومخاوف على حياتهم" بمثابة دليل إضافي مع كون كل ذلك عبارة عن تكهنات استباقية تم إضفاء الدليل عليها من خلال الاستشهاد بفعالية تمت الثلاثاء في الستين بصنعاء، حذرت من التأخر في إطلاق المعتقلين وحذر الخطيب مما أسماه "غضبة الحليم". طرف الإصلاح أيضا، ولذات السبب، حمل النظام السابق، وتجديدا الرئيس السابق، تبعات الهجوم بغرض قتل المسجونين من الشباب، وتحركت وسائلهم الإعلامية والإعلاميون المحسوبون عليهم ومنهم مراسل البي بي سي الذي نقل عن مصدر أمني قوله إنه سمع عددا من المهاجمين وهم يرددون بصوت عال "سنقتل القتلة بأيدينا." ومع ما في ذلك من إيحاء بأن المهاجمين هم أسر ضحايا دار الرئاسة. الحوثيون أيضا لم يكونوا بعيدين عن القضية إذ إن مكتب قناة المسيرة التابع لهم لا يبعد عن السجن المركزي إلا بمقدار خمسمائة متر، وحين سماع الانفجار الذي كان عنيفا ولحقه اشتباكات عنيف ظنوا أنهم المستهدفون، وبسرعة تدل على حرفية انطلقت أطقمهم بالمسلحين وقاموا بقطع الشوارع التي تؤدي إلى المكتب تحت توقع من أن الهجوم من قبل أولاد الأحمر، فيما هؤلاء أنفسهم قاموا بذات الفعل مع سماع الانفجار إذ قاموا بقطع شوارع الحصبة واستنفروا مقاتليهم تحسبا لهجوم مباغت من الحوثيين وهو ما كان أوضحه علي البخيتي، القيادي في جماعة الحوثي، الذي قال إن مسلحين تابعين لأولاد الأحمر تجمعوا حول مسجد رابعة "التابع للإخوان المسلمين في اليمن" وبكثافة وحاولوا الانتشار في المربع الذي يتواجد فيه المجلس السياسي لأنصار الله ويوجد فيه أيضاً السجن المركزي. وأضاف: "واجهوا مقاومة من الأمن المنتشر حول السجن, وخروج كثيف واستنفار وانتشار واسع لمسلحين من أنصار الله والشرطة العسكرية في المنطقة المحيطة بالمجلس السياسي, استعداداً لصد أي هجوم على المجلس أو المباني القريبة منه"ظو هذا قبل أن يتبين الأمر ويقوم بحذف المنشور من على صفحته في الفيسبوك. من جانبها، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية، الجمعة، أن الشرطة ما زالت تبحث عن السجناء الفارين، داعية "كافة الإخوة المواطنين للتعاون مع الأجهزة الأمنية في ضبط الفارين". وقد اسفرت العملية عن استشهاد كل من: الرائد عبد العزيز سنين، والجنود: علي منصر و فيصل علي البروي، وعبدالملك السعادية، وسعيد علي حفظ الله، وعبد الإله الخدري، وكمال أبو بكر، وعلي العميسي، ونبيل التويتي، وجميعهم من حراسة أمن المصلحة، باستثناء الأخير فهو مواطن كان ماراً أمام السجن، وقت العملية. وثلاثة مصابون، هم المهندس عبد الرحيم السماوي، وحارس المصلحة الحاج علي البروي، والجندي عماد ثابت. هذا وسعت وزارة الداخلية إلى الإعلان عن تحقيق انتصارات للتغطية على الانكشاف الأمني من خلال نشر المركز الإعلامي الأمني عن القبض على 29 عنصر من القاعدة دون أن تذكر أسماءهم كانوا يخططون لتفجير مصافي عدن. وأعلن نائب مدير أمن محافظة عدن العميد نجيب المغلس أن الأجهزة الأمنية تمكنت فجر السبت الماضي من إفشال هجوم إرهابي لعناصر من تنظيم القاعدة على مصافي عدن. ومن أن أجهزة الأمن وبالتعاون والتنسيق مع الوحدات العسكرية التابعة للمنطقة العسكرية الرابعة في مديرية البريقة، أحبطت الهجوم حيث ألقت القبض على 6 إرهابيين كانوا يستقلون سيارة هيلوكس في طريقهم إلى المصافي لتنفيذ الهجوم الإرهابي وبحوزتهم أسلحة.. مشيرا في تصريح ل"26سبتمبرنت" إلى أنه تم ضبط عدد آخر من عناصر التنظيم ليصل إجمالي من تم ضبطهم في العملية إلى 27 إرهابيا بينهم عدد من قيادات التنظيم يجري حاليا التحقيق معهم. وفي أغسطس توعد زعيم تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" ناصر الوحيشي، بتحرير أنصاره المعتقلين في سجون اليمن. وقد فر هو نفسه من سجن في صنعاء في فبراير 2006، مع 22 عضوا آخرين في التنظيم. يشار أنه وخلال العام الماضي 2013 تمكن العشرات من السجناء، بينهم عناصر للقاعدة، من الفرار.