لا معنى للمسيرات السلمية التي كان يجوبها الحوثين في شوارع صنعاء وغيرها ولا ميزان لها في المنظور الاممي والاقليم " رعاة المبادرة " .. لسبب بسيط وهو ان السلم لا يقوده رجال السلاح حسب مفاهيم النهج السلمي للثورات ،اضافة الى انه ليس هناك مفهوم لأي مسيرة سلمية يقودها كيان مسلح في قاموس المجتمع المدني على الاطلاق مهما كان حجم وعدد المتظاهرين ،ناهيك على انها مازالت تسعى الي التدريب والتسلح .. وهذا ما كان يدركه الحوثي وما كان ملاحظ ايضا على الساحة اليمنية طيلة الفترة السابقة التي تؤكد ان المسيرة التي كان يخرجها الحوثين لا قيمة لها وان امتلأت الشوارع بحشودها او استمرت اعتصاماتهم واقول ان لا قيمت لها اي انها لا تصنع اي تأثير على متغيرات المشهد السياسي ولا حتى ادنى من الارباك .. حشود وتكاليف وصرفه "ههه" للمتظاهرين وتواصل وتنسيق ومواصلات كل هذه التكاليف والاتعاب تؤخذ في كل مسيرة كمتطلبات لها ومع ذلك لا تشد انتباه الراي العام ولا تفرض نفسها على الوسائل اعلامية المختلف بإستثناء خبر واحد نشاهده مع خروج اي مسيرة لانصار الله "الحوثين " في قناة المسيرة فقط واحيانا على قناة الساحات "يعني لا تهش ولا تنش كما يقول المثل .. ما اقصده هو اننا لازلنا نتذكر حملة 14يناير والارباك الكبير الذي احدثته في المشهد وكم تحدثت عنها الصحافة المحلية والدولية كذلك بينما مسيرات الحوثي كانت لا تحظى باي لفتة من الاعلام لأنها توجهها معروف وهويتها واضحة "جماعة العنف لا تؤمن بالتغيير السلمي". لنا مثالا اخر هنا حتى لا يأخذ القارئ ابعاد المقارنة في من يقف وراء حملة 14يناير هو من كان يخاف منه على كل حال ، الخروج السلمي للحوثين لم يستطيع ان يعمل ما كان يعمله ثوار دبش في اي عمل ثوري يقررون القيام به بعد تخزينه طبعا ... ورغم توضع خروجهم المعدود والبسيط في اي وقفه احتجاجية .. اخبار خروجهم تتصدر واجهة الصفح وتملئ جدران المواقع الإلكترونية .ويوم الله محلق .. المسيرات السلمية التي كان ينتهجها الحوثي ليس فقط لم تضمن له تداول اسمه وحضوره في المشهد السياسي بل انها كانت مقبرته وطريق موته ..وهذا ما اكده الفيلسوف سينبوزا في كتابه علم الاخلاق ان قوى العنف مقبرتها السلام . لذلك مطالبة الحوثي الالتزام بالنهج السلمي في التغيير ، مطالبة عبثية فعلا هو يعلمها ولكن هذه المطالب تؤكد تدين اصحابها بتهمة القراءة والتقييم الخاطئين لظاهرة الحوثي والمشروع الايراني في المنطقة .. الحوثين قوى عنف ولهذا-ولا اتكهن زورا هنا في وصف هذا الجماعة بالعنف والجميع يعرف سعيها وراء تطوير قدراتها القتالية يوما بعد اخر وليس ادوات التغيير السلمي - فهي لا تحتاج سوى ميدان قتال واسع ،وخصم اخر لديه الاستعداد لمواجهتهم ولكنه بحاجة الي مبرر فقط ..هذه مقومات العيش المتعارف عليها عند قوى العنف والصراع.. المتابع للمشهد السياسي اليمني والمقيم لتحولاته ،يجد بان طوال فترة الثورة و المرحلة الانتقالية الاولى والثانية لم نرى للحوثيين اي حضور في المشهد الا من يوم قام بفتح جبهات قتال عدة خاصة في مناطق شمال الشمال مع القبائل او بيت الاحمر او حزب الاصلاح بدأ يظهر صوته .. رغم ان هذه المعاركة التي يقودها في اكثر من مكان لا شك انها تكبد خسائر بشرية ومادية كبيرة الا انها تجعله يحتكر المشهد السياسي ويبقى حديث الصحافة والشارع لأيام وربما لأسابيع حوله فقط ،الجميع ايضا يتحدث عنه في الشوارع والباصات والمطاعم " الحوثي وسيطرته والحوثي صنع والحوثي قام والحوثي وصل والحوثي وفاق والحوثي رفض .. هذا المساحة ما كان ليستطيع ان يأخذها الا بعمل فوضى وقتال مع العقائديين والمتشددين من حزب الاصلاح او انصارهم ،ولا يستطيع هو الاخر ان يعيش دون صراع وان اضطر هو بنفسه صُنع هذا الصراع لصنعه من العدم ومع اي كيان سوى كان يتفق معه او يخالف على اعتبر ان الصراع هو قوت عيش لا اقول الوحيد ولكن المفضل ،كما ذكرنا سابقا .. وبناء على المعطيات السابقة التي تؤكد ان الحوثي يعيش فترة بحث عن مناكفات في المناطق التي تتوفر فيه مقومات الصراع اي مناطق شمال الشمال ،بينما في مناطق الوسط والجنوب لا نسمع عنه بنفس القدر الذي نرى فيه شعاراته . توفر البيئة المناسبة والمهيئة لقيام اي صراع طائفي حزبي مناطقي عرقي على عمر او علي ليس مهما ،بقدر ما يكون هناك شخص مستعدا لذلك وهذا ما تمتلك منه الكثير هذه المناطق عمرانوحجة والجوف وصنعاء ومأرب . النظر الي تفاصيل المعارك التي خاضها الحوثي في هذه المحافظات تشير الي ان بدايتها خلاف بسيط -مع من يرى ان الحوثين روافض ،ويسبون الصحابة -على دخول شعار الحوثيين المعروف "الموت لامريكا الموت لإسرائيل " او تعليقه سواء في حجة او عمران او ارحب مؤخرا ولكن هذا الخلاف البسيط يخرج عن سيطرته بفعل الاحتقان والتعبية السابقة كل لأنصاره و مواليه اتجاه الاخر طبعا فينتهي الموقف بقتل احدهما للاخر وهنا تبدا رغبة الانتقام الذي يقود وراءه تعصب القبيلة او ما يسمى بفزع القبيلة .. ولا ننسى انه هناك نوع من الفوبيا من شعار الحوثي تولد لدى البعض وخاصة السلفين واعضاء حزب الاصلاح وهو ما يولد خلاف يجر الي قتل المئات بعده . الامر الاخر وهو ما نسمع تتداول اليوم عن امكانية سقوط صنعاء بيد الحوثي وانصاره ،هذا الحديث خارج منهجية العقلنة في قراءة مؤشرات المشهد السياسية المحكوم بقرارات اممية منذ عامين وزياده على ذلك اللحقة الاخيرة التي جاءت تحت الفصل السابع ولا نريد الحديث في الموضوع الواضح للجميع بإستثناء من غاب عنه التعرف على القرار والاطلاع عليه..العجيب ايضا ان هذا الحديث تتداوله الماكينة الاعلامية لحزب الاصلاح وشبابه المفسبكين رغم خطورته ومدى تأثيره على تهيئة الناس لتقبل هذا الامر كواقع فروض بدل عن مقاومته والوقوف ضده-في حال تم هذا المستحيل -ناهيك على ان هذا الترويج عباره عن دعوة صريحة للالتفاف -خاصة للقبائل - حول القوة ومن يمتلكها اليوم -اي الحوثي - ولدينا كثيرين من من يؤمننا بمنطق القوة وثقافتها وخصوصا ابناء شمال الشمال . الحوثي لن يتجرأ حتى على اسقاط قسم شرطة -ولا اقول العاصمة -خارجة محافظة صعدة التي استولى عليها في عهد صالح وقبل مجيئ النظام الجديد الغير قادر على لملمت شتات الدولة بما يجعلها تحافظ على ما هو تحت سيطرتها ولو بالحد الأدنى من الالتزام وحضور كيانيتها .. توسع الحوثي وامتداده اليوم الذي يبعد عن العاصمة ببضع الكيلو مترات كما يقولون او كما يروج له في اعلام نقيضه الاخر في الصراع .. مع ان الجميع هنا صراحة يجهل الكيفية التي يتبعها هؤلاء على الحكم او قياس توسع الحوثي وتحديد مسافات بعده عن صنعاء ؟؟اضافة الي ان العاصمة صنعاء تدرك ونحن ايضا حجم الحوثيين المتواجد فيها "في باب اليمن "صنعاء القديمة" وشعوب والروضة والمطار ،هبره ، والقبة الخضراء وحزيز والسواد وعصر ومسيراته في صنعاء خير دليل .. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه وهو ما ماهية التوسع الذي يقوم به الحوثي اليوم ونوعيته ،هل التوسع يتمثل في بسط النفوذ والسيطرة على مؤسسات الدولة "المعطلة حتى نكون دقيقين "مثلا ؟ اما ان الحوثي يتجنب مواجهة الدولة واسقاط المعسكرات والاستيلاء عليها كلما حاول التمدد ؟ .. التوسع الذي يقوده الحوثي ليس توسعا جغرافيا -شبيها بالاحتلال - حتى نقول ان سيسقط صنعاء وانما توسع نطاق الصراع مع اضداده في الصراع الديني وهذا ما يمكنه من حاجات كثيره الاولى انه يتصدر حضوره المشهد السياسي ويحظى بخاطبة الجهات الرسمية التي تقوم بدور الوسيط في كل جبهة يفتحها مع القبائل او الصلاحيين ،والاهم من ذلك انه يتقوى مع كل حرب يخوضها ، تزداد شعبيته وسط من يؤمنون بثقافة القوي وهذا يؤكده الفيلسوف "كانت kANT" وهو ان الحرب يقوي جماعة العنف ولا يضعفها .