على مدى سنوات حكم عبدربه منصور تصاعدت دعوات ما يسمى بالحراك الجنوبي، وهو ما يوجب التفكير بين ذلك التصاعد وبين الرئيس الجنوبي الذي اختاره أبناء الشمال دون أبناء الجنوب، وظل يردد منذ صعوده أن شغله الشاغل هي ما تسمى إعلاميا القضية الجنوبية، واعتبر أن ما تبناه واقترحه في مؤتمره الموفنبيكي هو الحل السحري لمطالب من يدعي انتماءه لهم، كما أن الرجل قدم مجموعة من الجنوبيين في موفنبيك على أنهم مكون في الحراك الجنوبي، ووقّعوا على ذلك، وقالوا إن ما وقّعوا عليه يمثّل الحل لمشكلة أبناء دولتهم الجنوبية - كما قالوا - فيما نشاهدهم حاليا في ساحة الاعتصام بعدن مطالبين بالانفصال!!!. لا يستطيع أشد المحللين السياسيين براعة إلا أن يقف مذهولاً من قيادات الحراك الجنوبي ومن يعملون في السياسة في الجنوب، فمتابعة خطاباتهم تشعر المتابع بالتقزز لحجم التناقضات وحجم التقلب في المواقف وحجم وعدد الممثلين والحركات والتيارات وكل ذلك لا يحويه إلا لفظ واحد بامتياز (الابتزاز باسم بقاء الوحدة).. لا يرغب من يعتبرون أنفسهم ساسة الجنوب وقادته بالانفصال لعلمهم يقينا أنهم تقاتلوا في ظل دولة شمولية قوية، التعددية وحرية الرأي فيها كانت جريمة، فكيف إذًا سيفعلون في دولة جديدة سيبدؤون بتكوينها من الصفر.. مكوناتها السياسية لا تتفق على إدارة ساحة اعتصام، فضلا عن اتفاقها على إدارة دولة؟!.. يزايد باسم الجنوب كل من يمسك بمنصب من أبناء الجنوب، وأكثر المزايدين هم لصوص السلطة ومن لا شرعية لهم كعبدربه منصور المنتهية مدة ولايته، أو وزير دفاعه الذي يفترض أن يحاكم على جرائم الخيانة العظمى التي أرتكبها ولا يزال، أو نائب رئيس مجلس النواب المنتهية ولايته منذ سنين، والذي وقّع على وثيقة حل القضية الجنوبية، أو مدير مكتب الرئاسة الذي حلم بمنصب رئيس الحكومة، أو الوزراء وأعضاء البرلمان والمحافظين، أو العسكريين، أو أعضاء مؤتمر الحوار والذين يقيمون في الشمال ويتمتعون بالقصور والسيارات والسفريات والمال من الخزينة العامة، كل هؤلاء الفاسدين جدا هم أكثر المزايدين باسم بقاء الوحدة، وهؤلاء في الغالب هم فئة الهاربين إلى الشمال في عام 86، أي الزمرة، ويلي هؤلاء في المزايدة الطغمة الجنوبية التي بقت على الحكم بعد 86، ووقّعت وثيقة الوحدة !!. يبقى المواطن الجنوبي بين هذين الفصيلين مجرد ورقة يستخدمونها لكي يكسبوا منه مزيدًا من السلطة والمال والنفوذ، أغلب من يخرج مع المطالبين بالانفصال هم من صغار السن ومواليد ما بعد الوحدة ممن شاهدوا دولة الوحدة، ولم يشاهدوا نعيم دولة اليمن الديموقراطية الشعبية التي كانت ديونها في عام 1990 ستة مليارات دولار، وعدد سكانها اثنين مليون ومئتي ألف، بينما ديون الشمال ذي الأربعة عشر مليونًا قرابة مليار ونصف دولار.. يستخدم الزمرة والطغمة صغار السن ومواليد سنوات الوحدة لعلمهم أن هؤلاء لا يعلمون شيئًا عن جرائمهم قبل 90، ولأن ساسة الجنوب أفضل من يمارس الشعبوية (الديموجوجية) أسلوب عمل في السياسة.. لم تعد الوحدة بالنسبة لغالبية أبناء الشمال سوى وسيلة ابتزاز من قبل الجنوبيين، وصار أغلب الشماليين مقتنعين أنهم حتى لو وضعوا الشمس في يمين الجنوبيين والقمر في شمالهم فلن يتغير شيء من أساليب الابتزاز المتجلية بوضوح في السب والشتم والتهديد - كل ثانية - بالانفصال، أو ما يسمونه بفك الارتباط.. صارت الوحدة بالنسبة ﻷغلب الشماليين كابوسًا حين يشاهدون طريقة إدارة الجنوبيين لبلدهم، والتي مزقت الشمال وجعلته كانتونات متناثرة وبؤرًا ملتهبة وعاصمة ساقطة ما زال رئيسها ووزير دفاعه متمسكين بنهبها حتى الرمق الأخير، مدعين أنها لم تسقط ولن تسقط في إعجاز لُغوي لا يعلم معناه سيبويه..!!. ليعلم الجميع أن كل تهديد بالانفصال ليس أكثر من ابتزاز تمارسه السلطة الجنوبية للبقاء أطول فترة ممكنة، ونهب ما تبقى من بقايا وطن وبقايا نفط وبقايا خزينة عامة، وأن بقية الجنوبيين من منافسي السلطة الجنوبية الذين لم تشاركهم في قسمتها يبحثون عن نصيبهم في السلطة لشعورهم أن أبناء جلدتهم من الجنوبيين لم يعطوهم نصيبهم في الكعكة وسرقوها كاملة لهم.. إن الشماليين هم أكبر الخاسرين من مراضاة المبتزين من ساسة الجنوب، وبالذات زمرتهم وطغمتهم، ولو خير لأبناء الشمال أن يدخلوا في استفتاء على بقاء الوحدة مع جنوبيي عبدربه وزمرته أو علي سالم وطغمته لقالوا، وبنسبة 99%، "نعم للانفصال".. إن كل خرافات التهديد بالانفصال يوم ال30من نوفمبر القادم، وفتح اعتصام مفتوح من قبل مجموعة من أبناء الجنوب من بينهم أفراد في حزب الإصلاح وأفراد في حزب المؤتمر ليست أكثر من طريقة ابتزاز جديدة للحصول على مكاسب أكثر وممارسة قديمة لدغدغة عواطف الشماليين الذي يظن هؤلاء أنهم ما زالوا يتمنون الوحدة معهم.. فلينفصل الساسة الجنوبيون إنْ أرادوا، وليتركوا لأبناء الشمال وطنهم القبيح الذي يحكمونه ودمروه في 3 سنوات فقط، وليأخذوا من الشمال كل زمرتهم وطغمتهم وكل من يؤيد دولتهم الأفلاطونية التي سنتمتع برؤية مشهد جديد فيها أشد دموية من المشهد السابق في 13 يناير 1986م. سئمنا ابتزازكم.. سئمنا وحدة مع فصيلي الزمرة والطغمة.. ما الذي تنتظرونه.. اعلنوا دولتكم.. لم يبقِ إلا أن تطلبوا منا أن نرسل لكم شماليين ليعلنوا الانفصال بدلا عنكم.. صارت الوحدة الابتزازية أكثر كلفة على الشماليين من الانفصال.