تقود المملكة السعودية حربًا غير مسبوقة في مواجهة صعود "أنصار الله" إلى الحكم، مستنفرة كل قواها وحجم مصالحها مع الدول ذات التأثير السياسي والعسكري في مجلس الأمن لإسقاطهم بموازاة إعادة التحالفات في الداخل لتصب ضد الحوثيين في ظل حصار اقتصادي شامل تعبّر عنه ماكينة إعلامية هائلة، ومثّل قرار مجلس الأمن، الذي تم التصويت عليه بالإجماع، تصعيدًا ضد الحوثيين؛ حيث تم تحديدهم وتحميلهم المسؤولية أكثر من مرة، حتى وإن لم يأتِ على ذكر الإعلان الدستوري أو يصف ما جرى بالانقلاب، متحدثًا عن السلطة التي تم حلها باعتبار أنها ما زالت شرعية، وبهذا الخصوص طالب الحوثيون فورًا، ودون قيد أو شرط: - الانخراط بحسن نية في المفاوضات بوساطة الأممالمتحدة. - سحب قواتهم من المؤسسات الحكومية، بما في ذلك في العاصمة صنعاء، وتطبيع الوضع الأمني في العاصمة والمحافظات الأخرى، ومغادرة المؤسسات الحكومية والأمنية. - الإفراج بأمان عن جميع الأفراد تحت الإقامة الجبرية أو الاعتقال التعسفي. - الامتناع عن اتخاذ مزيد من الإجراءات الأحادية الجانب، التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي وأمن اليمن. يطالب جميع الأطراف في اليمن، ولا سيما الحوثيين، وقف جميع الأعمال العدائية المسلحة ضد الشعب والسلطات الشرعية في اليمن، وتسليم الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية في اليمن، وفقًا لاتفاق السلم والشراكة الوطنية. وفي إشارة إلى إيران.. دعا المجلس جميع الدول الأعضاء إلى الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى إثارة النزاع وعدم الاستقرار، وبدلا من ذلك دعم الانتقال السياسي.. وهو ما ردّ عليه الناطق الرسمي للجماعة محمد عبدالسلام - في بيان له، نُشر الاثنين - أنه "كان لمجلس الأمن الدولي، وهو يدعو الدول الأعضاء أن تمتنع عن التدخل الخارجي في اليمن بما يذكي الصراع، أن يدرك أنه في قراره (اليوم الاثنين) بشأن اليمن قد وقع في نقيض ما دعا إليه، فهو لم يختلف كثيرًا عن قراراته السابقة، ولم يخرج عن سياسته المرتكزة على الإصغاء لقوى الهيمنة الإقليمية والدولية." وفيما ترك مجلس الأمن الباب مفتوحًا للتصعيد فقد طالب الأمين العام أن يقدم تقريرًا عن تنفيذ هذا القرار، ومواصلة تقديم تقارير عن التطورات في اليمن، بما في ذلك تنفيذ مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، واتفاق السلم والشراكة الوطنية وملحقها الأمني في غضون 15 يومًا من تاريخ اعتماد هذا القرار، وكل 60 يومًا بعد ذلك؛ معلنًا الاستعداد لاتخاذ المزيد من الخطوات في حال عدم التنفيذ من قِبل أي طرف يمني لهذا القرار، وبخاصة الفقرات (6 و7 و8 و9) أعلاه.. وقرر أن يُبقي المسألة قيد نظره الفعلي. وعلى ذات السياق قابلت جماعة "أنصار الله" بيان مجلس الأمن بموقف متحدٍّ وغير مبالٍ، فيما تعاملت بلين مع التصعيد السعودي والخليجي أحيانًا، وبالشدة أحيانًا أخرى؛ حيث دعت اللجنة الثورية العليا، مجلس الأمن الدولي إلى احترام إرادة الشعب اليمني وسيادته، وتحري الدقة والموضوعية، وعدم الاستناد إلى المصادر المضللة، والانجرار وراء قوى إقليمية تسعى جاهدة إلى إلغاء إرادة الشعب اليمني. وأبدت اللجنة - في بيان أصدرته الاثنين - استغرابها لمواقف دول مجلس التعاون الخليجي التي وصفتها بغير المبررة والمتشنجة والمتشددة، والتي وصلت لدرجة دعوة مجلس الأمن الدولي للتدخل في الشأن اليمني.. مثمنةً - في ذات الوقت - الموقف الروسي والصيني الإيجابي، ومواقف كل الدول المحبة للسلام والرافضة لإذلال الشعوب. واعتبر بيان اللجنة ما يجري من تصعيد بكونه مؤامرة خارجية على الثورة التي لن تقبل بغير تحرير القرار الوطني من كل أشكال التبعية والارتهان. ودافع عن إصدار الإعلان الدستوري باعتباره ممارسة من جانب الشعب اليمني لحقه في التعبير عن خياراته السياسية دون إملاءات من أي كان. ودعت اللجنة الثورية من وصفتهم بالإخوة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي إلى مراجعة مواقفهم تجاه الشعب اليمني وثورته العادلة التي استهدفت تقويم انحراف السلطة، وسد الفراغ الحاصل فيها، وأن ما صدر عن الثورة من إجراءات لا تستهدف الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي لا في الحال ولا في المستقبل.. واعتبرت إغلاق بعض الدول سفاراتها، وتعليق أعمالها، وإحراق وثائقها، إساءة من هذه الدول إلى العلاقات الدبلوماسية، وما يحكمها من أعراف دولية، نافية أن يكون ذلك نتيجة اختلالات أمنية في العاصمة صنعاء. وأكدت أن الشعب اليمني ماضٍ في تحقيق أهداف ثورته، وبناء مستقبل أجياله، وتدعو اللجنة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي وغيرهم ممن كانت لهم مواقف سلبية من ثورة الشعب اليمني إلى التعاطي مع المتغيرات على الساحة اليمنية بإيجابية. والتزمت اللجنة الثورية العليا بالعمل على حماية الحقوق والحريات المكفولة لسائر المواطنين، وتكليف الجهات المختصة بالتحقيق في أي انتهاك. إلى ذلك وفيما كانت روسيا تدخلت لمنع مجلس الأمن من إصدار قرار تحت البند السابع من بيان لمجلس الأمن في معرض إدانته الممارسات التي يقوم بها الحوثيون.. قالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، الجمعة: إن حل الأزمة السياسية في اليمن لا يزال بعيدًا.. مشيرًا إلى أن هذه الأزمة تفاقمت على خلفية استيلاء عناصر حركة «أنصار الله» على المباني الحكومية واستقالة الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح وحلّ البرلمان. ورفضت روسيا إصدار بيان من مجلس الأمن يحمّل الحوثيين مسؤولية ما يجري في اليمن، كما اصطدم مشروع القرار الخليجي الذي تقدمت به دول مجلس التعاون، والذي يدين بشدة الانقلاب، ويحمّل الحوثي أسباب فشل العملية السياسية في اليمن، أيضًا بالرفض الروسي. وكان قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الخميس، لأعضاء مجلس الأمن الدولي: إن "اليمن تنهار أمام أعيننا". وتأجل اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية، كان دعا إليه الدكتور نبيل العربي، على مستوى وزراء الخارجية كان مقرر انعقاده اليوم الأربعاء؛ لبحث تطورات الأوضاع في اليمن بناءً على طلب قطري.. وقالت سفيرة بريطانيا السابقة بصنعاء، جين ماريوت: إن توصل كافة الأطراف السياسية إلى اتفاق مبني على "حوار سياسي حقيقي"، هو الحل الوحيد لإعادة فتح سفارة بلادها في اليمن سريعًا. وأضافت ماريوت - في مقال على مدونتها الخاصة، بعنوان "الكرة في ملعب الحوثيين": إنه "يجب أن يشمل ذلك الاتفاق مَن يمثّل النساء والمجتمع المدني وفق ما تنص عليه مخرجات الحوار الوطني.. لافتة إلى أن "خارطة الطريق محددة في مبادرة مجلس التعاون الخليجي، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة الوطنية".. وأكدت أن "ذلك ليس حُلمًا، بل يجب أن يصبح واقعًا ملموسًا". وقالت السفيرة البريطانية: إن استيلاء جماعة الحوثي على السلطة بالقوة "يعني أن الكثير من أعضاء المجتمع الدولي سيجدون من الصعب جدًّا من الناحية القانونية تقديم دعم اقتصادي لليمن"، الذي أصبح في الرمق الأخير.. لافتة إلى أنها "بحثت هذه المخاوف مع ممثلين عن حركة أنصار الله". وتابعت: لدينا أهدافنا الوطنية بشأن مكافحة الإرهاب فيما يتعلق بالتصدي لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، لكن كان تواجدنا في اليمن - أيضًا - لتنفيذ برنامجنا التنموي الهائل (300 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات) لمساعدة 15.9 مليون يمني لا تتوفر لهم المواد الغذائية والخدمات الأساسية. لكن منذ شهر سبتمبر، فرضت جماعة واحدة - الحوثيون - إرادتها على الساحة السياسية في صنعاء.. وكان ذلك مخالفًا للنظام السياسي الجديد الذي طالب به اليمنيون في ساحة التغيير عام 2011.. كما أثارت أفعالهم مخاوف كبيرة بشأن مستقبل اليمن، بما في ذلك وحدة البلاد. وإعادة فتح سفارتنا يتطلب كذلك وجود حكومة شرعية تؤدي عملها، وتكون قادرة على توفير الحماية لبعثاتنا الدبلوماسية كي نتمكن من العمل مع الحكومة ومختلف مناطق اليمن للعودة لتحقيق ما يريده اليمنيون.