فرضت الوثيقة، التي أقرها الشهر الماضي، وزراء الإعلام العرب، بشأن الفضائيات العربية، نفسها على فعاليات المؤتمر الخامس للإصلاح العربي، وتعرضت لانتقادات حادة، واتهمها المشاركون بأنها تمثل ردة عن الحريات العامة، وليس حرية التعبير وحدها. كما فرضت المحرقة "الإسرائيلية" ضد الشعب الفلسطيني في غزة، نفسها على المشاركين في المؤتمر، الذي تنظمه مكتبة الإسكندرية، وتختتم فعالياته اليوم. واعتبر المشاركون في المؤتمر، الذي انطلقت فعالياته أمس الأول أن وثيقة الفضائيات تعتبر تدخلا واضحا من الحكومات العربية لتقييد الحريات العامة، واستغلالها من جانبها لتقييد الإعلام، ودعوا الإعلاميين أنفسهم إلى التحاور مع منظمات المجتمع المدني لإعداد وثيقة تراعي حقوقهم وواجباتهم، بالتعاون مع اتحاد المحامين العرب، لتكون بديلا عن الوثيقة الرسمية، وقالوا إن الوثيقة صدرت في عجالة شديدة، على الرغم من وجود قضايا عربية عديدة، يتم تأجيلها في جامعة الدول العربية، ومنها الاستراتيجية الإعلامية المدرجة على مناقشات مجلس وزراء الإعلام العرب أنفسهم، منذ العام 2000. ويشارك في المؤتمر، أكاديميون اماراتيون، هم: الأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية في جامعة الإمارات الدكتورة ابتسام الكتبي، ونائب مدير جامعة الإمارات لخدمة المجتمع الدكتور سعيد عبد الله حارب، والشاعرة ميسون صقر، بالاضافة إلى نحو 600 صحافي وأكاديمي. وحذر مدير مكتبة الاسكندرية الدكتور إسماعيل سراج الدين من خطورة انزلاق الوطن العربي في شرك الفتنة والذي قد تؤدي إليه قضية التعددية، وطالب الجميع بالتكاتف من أجل الإصلاح وضرب مثلا بالتفاف المجتمع المدني حول قضية البيئة والتي دفعت أكثر من 114 رئيس دولة لحضور قمة الأرض في ريو. وأضاف ان العالم العربي مستهدف وله من الأعداء ما يكفيه، وفي داخله من يبثون الفتن بين أبنائه في السودان والصومال وحتى العراق وفلسطين، وهاجم وزير الإعلام المصري الأسبق محمد فائق وثيقة الفضائيات العربية، وقال إنها جاءت حافلة بالعبارات الغامضة والفضفاضة، ويجب على الإعلاميين إعداد وثيقة مقابلة، بالتعاون مع الجهات التشريعية. وانتقد صدور الوثيقة على النحو الذي ظهرت به، والتي تعزز بنودها حماية الحكومات، واستنكر استمرار العقوبات المغلظة على الصحافيين وحبسهم في قضايا النشر، كما الحال في مصر. ورأت الكاتبة الكويتية ونائب رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان سهام الفريح، أن الحرية هي الشرط الأساسي للتنمية البشرية، وقالت إن الإعلام الوسيلة الوحيدة لحماية الحرية التي تتمثل في منح الشعوب حرية الحصول على المعلومة وإبداء الرأي والنقد. وتساءلت عن دور الصحافة العربية في كشف الفساد، ودور وسائل الإعلام في إعادة الذائقة الفنية لدى الشباب ودورها في توعيتهم بالقضايا الأساسية المتصلة بهم وبمجتمعاتهم. واتهمت وسائل الإعلام الحكومية في العالم العربي بالفشل في نقل هموم وآراء المواطن العربي وإهمالها المتعمد لقضايا المشاركة السياسية. وقالت الفريح إن هناك فجوة ضخمة بين عدد المؤسسات الإعلامية وتأثيراتها المطلوبة في المتلقي العربي نظراً إلى عدم توافر الصدق والموضوعية، وأسفت لما وصلت إليه وسائل الإعلام من أنها أصبحت منابر لبث الفرقة والتفكك بين صفوف الشعوب العربية. ووصفت وثيقة تنظيم البث والاستقبال الفضائي، بأنها تعزز من سيطرة الحكومات على وسائل الإعلام، وعبرت عن خشيتها من أن تصبح ذريعة لقوانين تحد من الحريات الإعلامية. ورهن المفكر التونسي عبدالسلام المسدي، نجاح الإصلاح في العالم العربي بمقدرة المجتمعات العربية على إعداد القيادات الواعية على كل المستويات وقيام تلك القيادات بعملها على النحو المرجو. وقال إن للإصلاح ثلاثة أطراف هي الجماهير العربية والقوة الدولية والأنظمة السياسية العربية، ولتكن المصادرة المنهجية الأولى هي أن المجتمع العربي مجتمع يتحرك نحو الديمقراطية، مجتمع في حالة صيرورة نحو الديمقراطية، فهو مجتمع غير ديمقراطي لكنه لا يرفض الديمقراطية. وحذر الأمين العام للاتحاد البرلماني العربي السفير عدنان عمران، من خطورة تداعيات الوثيقة على الحريات الإعلامية، ورآها تقود الإعلاميين إلى انزلاق خطير، ووصفها بأنها وثيقة إذعان، لأنها صنعت من طرف واحد وبسرعة كبيرة في أيام.(الخليج)