الثابت أن الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962 – 14 أكتوبر 1963، كانت تعاني عشية الاستقلال الوطني نوفمبر 1967 من مشكلات عديدة أبرزها كان مواجهة النظام الجمهوري تهديدات حصار صنعاء، وتراجع دور مصر عبد الناصر الداعم للثورة والنظام الجمهوري، ووطأة محاولات فرض وصايا إقليمية أو أجنبية على السلطة الوليدة للاستقلال الفتي. لعل الحديث عن إرهاصات ومخاضات عام الاستقلال يفيد في فهم المنعطف التاريخي والعمل الراهن إذا قدر لنا أن نستفيد من تجارب الماضي القريب من تاريخنا الحديث والمعاصر. ولكن الكلام النافع عن ذلك الزمن والعبر والدروس المستقاة من تعسر ولا تيسر في نظري لدى الإنسان الذي يريد أن يتوخى الحقيقة ولا شيء غيرها ..ولا حيلة لمن يريد الإبحار في يم الحقيقة من الخوض في الكلام بما يراه من صحيح الكلام. بالرغم من أن هذا الموقف يقود صاحبه إلى مواجهة غير محسوبة مع كل الأطراف المتنافسة حيث قد يجد نفسه محتاراً في موقف لا يحسد عليه من الجميع. يقول عقلاء الناس في اليمن إن "القبيلي يخبر من حيث أتى"، والقبيلي إنسان بسيط يتحرى الصدق في الكلام. أعلم أنني لا أقوى على إرضاء كل الناس فيما اكتبه أو أقوله من ملاحظات وأفكار بشأن هذا الحدث أو ذاك .. ولكن اعتدت ان أزجي بما أراه لوحة الحقيقة ولا احفل من قريب أو بعيد بغضب الغاضبين. من يعتقد الصواب لا يملك أن يحجبه عن الرأي العام ولو كان ذلك حول نفسه أو أعز الناس عنده. قال سقراط: "أنا أحب أفلاطون ولكن الحقيقة أحب إلى نفسي". ففي الحراك السياسي الذي اشتعلت نيرانه مستعرة بين قيادات الحركة السياسية الوطنية اليمنية المتنافسة على الاستئثار بالشرعية الثورية والسلطة التي غدت قاب قوسين أو أدنى؛ احترقت قدرات وإمكانات اليمن وهي في مسيس الحاجة إلى توظيفها في الخلاص من التخلف. هكذا دفع المواطن واليمن أثمان جهالات وحماقات القيادات الطائشة والمأجورة التي تمارس من الداخل والخارج تنظيم الفتن والتمردات تجاه الوطن. لاغرو فقد سالت الدماء وأزهقت الأرواح في كل بقعة من بقاع اليمن في معارك التنافس الغاشم بين القيادات السياسية المتنافسة على السلطة والجاه. مناضلو الثورة اليمنية الأحياء باعتبارهم آباء اليوم لأبناء جيل الثورة والجمهورية والاستقلال والوحدة والديمقراطية، ينبغي أن يكونوا اناسا معتدلين ومتوازنين وصادقين في التعبير عن شهاداتهم على عصرهم، وأن يكونوا محبين لليمن واليمنيين دون استثناء. أعتقد أن هناك عوامل ذاتية وموضوعية تلاقت وتواشجت وتلاقحت لتنجب ما نحن فيه من البلاء وعدم التوافق في كثير من المسائل، لكن النظام الجمهوري والاستقلال والوحدة والديمقراطية ثوابت لا تفريط فيها من أحد. الوحدة اليمنية كانت ومازالت وستظل بمثابة حجر الزاوية في يقين الحركة السياسية الوطنية اليمنية والأصوات الناشزة التي تظهر من وقت إلى آخر ناكرة أو مستنكرة واقع اليمنيين الطبيعي، آن لها أن تخرس وأن تسكت وأن تكف عن الصراخ بين أوساط الملايين من أبناء اليمن المحبين للوحدة. أعلم أن اختلافات وتباينات بين الناس قد تنشأ لأسباب تعود إلى الثقافات والمعارف والتجارب والخبرات الإنسانية المختلفة في الحياة، وأعلم أن العقلاء من الناس يلجأون إلى الحوار في المسائل المختلف حولها المؤدي إلى إيجاد تفاهمات تساعد على إجراء تسويات واتفاقات شراكة تصون إمكانات وقدرات الوطن. نعم أصرح ولا ألمح أن منهج القيل والقال وتوزيع التهم بين شركاء الحياة السياسية لا يبني ثقة، ولا يعمر وطناً، ولا يوحد كلمة وصف اليمنيين كي يزيد من القدرات في مواجهة التحديات والأخطار .. لا أظن إلا أننا كيمنيين قد حُسِدنا أو أن عينا قد أصابتنا، لذا علينا أن ننظر مليا في مثالب وعيوب واقعنا الراهن، وان نعقد العزم عل العمل والنضال من اجل إصلاح ما ينبغي إصلاحه بإرادة سياسية وطنية. ما الفائدة يا ترى في الاختلاف إذا لم يكن على الأحسن والأفضل؟، وما جدوى ممارسات التشويهات تجاه بعضنا بعضا؟.. نحن يا صاح ركاب سفينة حياة سياسية واحدة إذا غرقت -لا سمح الله- غرقنا جميعاً. أرى أن علينا في أوقات الرياح العاصفة وأمواج البحار الهائجة أننا لا نستغني عن ربان السفينة بما لديه من مهارات وخبرات في قيادة السفينة وأمواج البحار الهائجة، كما أننا نحتاج إلى وجود البحارة المعتادين على تقلبات أحوال البحار، الصابرين على العمل في قلب العاصفة حتى يصل الجميع بالسلامة إلى بر الأمان -بإذن الله.*السياسية