القدس العربي - طروبة هي المكلا وعريقة كعراقة تاريخها الذي يعبق بالأصالة، تمتاز المكلا بتراثٍ وارفٍ، وأصالة تجذب الوجدان وتأسر القلوب والأنظار، كما تمتاز بفلكلورها الفني الأصيل الذي يجسد حياة الابن الحضرمي ويتلون بتلون المكان والزمان.. فللبحر أهازيجه وأغانيه وشيلاته ومواويله ورقصاته التي جُسَّدت من خلال تجارب ورحلات البحارة الذين خاضوا البحار شرقاً وغرباً حتي أصبحت مع الزمن جزءاً من ذكرياتٍ جميلة كرقصة الكاسر البحرية التي ترتبط بالملاحين، وكلمة كاسر يقصد بها كسرة الدفوف أثناء أدي الرقصة وهي رقصة ابتهالية يؤديها البحارة علي ظهر السفن وفي الموانئ التي يصلون اليها أو يرحلون منها. أما الوادي في حضرموت فهو حكاية تجسد عبقه وأصالته وحياة قاطنيه الذين يحيونه بالأهازيج والرقص والطرب، وتعد رقصة الدحيفة الدوعنية لوادي دوعن ذي التاريخ الفني والتراثي العريق والتي تصاحبها في الغناء الآلات الشعبية لمجمل الرقصات كالدحيفة والدوعنية والظاهري، كما أن للمرأة دورا مهما في الأغاني الدوعنية ذات الألحان الشجية. أما صحراء حضرموت فهي دوحة غراء تأسر الألباب لما لها من أصالة وعبق تاريخي فريد قل ما تجده في أي بقعة من الأرض، وللصحراء في حضرموت لون تراثي فريد من نوعه يمتاز بذوق رفيع في اختيار الأزياء التي تعاصر الحضارة والتراث الحضرمي، ومن رقصات الصحراء رقصة شرح المناهيل والتي تنسب لقبيلة المناهيل وهي من القبائل التي تقطن الصحراء والتي تتمتع المرأة فيها بمساحة من الحرية في الرقص قلَّ أن تجدها في طبقات المجتمع الحضرمي، ففي هذه الرقصة يتساوي عدد الرجال والنساء علي السواء. ومن الرقصات الجميلة في المكلا رقصة الغيَّة والتي تعني في اللهجة الحضرمية الانسجام والتفاعل مع الرقصة الي درجة الغيّ، وهي رقصة بحرية لا يرقصها الا سكان الشريط الساحلي الممتد من المكلا حتي الديس الشرقي وهي رقصة خاصة بالصيادية التي تجسد الطريقة التي يصطادون بها أسماكهم، كما يرقصونها في حفلات الزواج والزيارات السنوية والمناسبات الوطنية ويرقصها الرجال والنساء علي السواء وهي من الرقصات التي تمتاز بالألحان الشجية التي تعبر عن حياة الصياد في المكلا. أما البادية في حضرموت فهي دوحة وجنة من جنان الله علي الأرض، ومن رقصات البادية رقصة شرح غيل بن يمين والتي تعبر عن حياة البادية الحضرمية والتي تعتبر الأجمل تاريخاً وحاضراً والتي تحمل من القيم والجمال ما يميزها ويرسم ملامحها، فهذه الرقصة والتي يطلق البعض عليها بالغيلي نسبة الي غيل بن يمين وهي من أقدم الرقصات في حضرموت والخاصة بالبادية حيث تعتبر من رقصات الحصاد والابتهاج بوفرة المحصول، وهي ذات ايقاع سريع لتؤكد أنها من رقصات الحصاد وتعتمد علي المزمار والغناء الجماعي ويرقصها الفلاحون من البادية في جلسات السمر والسهر وحفلات الزواج والأعياد. ولوادي حضرموت أصالته وتراثه وتاريخه، ومن الرقصات الخاصة بوادي حضرموت رقصة القطن والتي تنسب لمدينة القطن التي تعتبر من أهم المدن العريقة في وادي حضرموت وهي الرقصة الوحيدة التي لا توجد فيها مساجلات شعرية بين الشعراء بل تعتمد أساساً علي آلة المزمار أو كما يطلقون عليها أبو عشرة أي عشرة ثقاب، ويصنع من سيقان النسر وقطع الخشب التي يرقص علي أصواتها الراقصون وتسمي باللهجة الدارجة بالمراقيص وهي رقصة لا توجد لها أصوات كالرقصات الأخري بل تعتمد علي الايقاع والمراويس وتشارك بهذه الرقصة راقصة واحدة وصفان من الراقصين من الرجال، وهي من رقصات الفلاحين والتي تؤدي في جلسات السمر والسهرة بعد يوم مضنٍ في الحقول والمزارع وهي من أسرع الرقصات في أدائها وفي ايقاعها وقد امتدت جذورها الي بقية مدن الوادي كشبام والحوطة وسيئون وتريم ونقلها أبناء الوادي الي المدن الساحلية كالمكلا والشحر ووادي دوعن. هذه هي حضرموت غنية بتراثها وبتاريخها الذي يعكس للناظر اليها مدي أصالتها وجمالها ورونق تربعها علي الأرض كحورية تأسر الفؤاد.. نعم هذه حضرموت الأصالة والابداع...