ما أن يلتفت المرء منا صوب البحر العربي والبحر الأحمر حتى يُفاجأ بطوفان الموت والدمار القادم ممثلاً بثالوث الأرهاب والمخدرات والغرقى من مهاجري القرن الأفريقي ممن غُرر بهم من قبل قراصنة البحر بأنهم على موعدٍ بالوصول إلى الفردوس المفقود ...! وما أن تلتفت شمالأ صوب الحدود الشمالية لليمن حتى ترى حجم المعانات لأولئك المغامرين ممن فضلوا مغامرات المطاردات البوليسة مع سلطات الدول المجاورة على شظف العيش ومرارة البطالة والفاقة والحرمان التي يعيشونها داخل البلد...! تلك هي الصورة أذاً بكل ملامحها وابعادها..! فماذا ياتُرى نحن فاعلون أمام هذه التحديات التي تكاد تعصف بحلمنا ووطننا الجميل؟ وقبل الأجابة على ذلك دعونا نذهب بقراءة تحليلة لتلك المسببات عل وعسى أن نجد الحلول أو بعض منها لذلك المشهد المرعب ..! على الصعيد الأقليمي: 1- شبح الأرهاب، ذلك الموت القادم البغيض الناتج عن تبعيات وتعبئات خاطئة قامت بها بعض التنظيمات وباركتها ورعتها بعض الدول مع الأسف الشديد بسبب نظرات قاصرة أرادت بها تلك الدول والتنظيمات القيام ببعض من الأعمال المسلحة تجاه حكومات وتنظيمات وشعوب دول أخرى أو تصفية حسابات داخلية أو قطرية أو اقليمية أو دولية. تسببت ظاهرة الأرهاب تلك بضرب مفاصل الأقتصاد اليمني في مناسبات ومحافل عديدة أثرت في حركة التدفق السياحي ونفور بعض المستثمرين خوفاً مما قد يلحق بهم وبرؤس اموالهم... بل ذهبت قوى الأرهاب لأكثر من ذلك، لقتل وتدمير كل ما فيه آمال واحلام الأمة بضرب الآمنين من اطفال المدارس والمصلين في المساجد..!! واهمين بذلك تدمير حلم الوطن والمواطن ومقدرات الأمة وأمنها واستقرارها. 2- من اللافت للنظر، انه في الأوانة الأخيرة قد تم ضبط أكثر من شحنة (وبالاطنان..!!!) من شحنات المخدرات القادمة ( من باكستان على وجه التحديد)إلى السواحل اليمنية في المهرة وحضرموت والحديدة وغيرها.. واذا ما أردنا معرفة مصادر تلك الشحنات ووجهتها النهائية، فذلك باليسير ... فمصدرها افغانستان ووجهتها النهائية دول الخليج لأنه لا يُعقل ان تكون اليمن هي محطتها النهائية بسبب عدم توفر القدرة الشرائية لها في السوق اليمنية... ويبقى السئوال المطروح: من يروج لها ؟؟!! ومن هي تلك القوى التي تقوم بنقلها من أقصى سواحل اليمن حنوباً إلى أقصى الحدود الشمالية ...؟! نحن نثمن عالياً الدور الوطني لقوات خفر السواحل اليمنية وقوات الأمن الأخرى ودورها ويقضتها في محاولتها الجادة لردع أولئك العابثين ؟؟ ولكن هل يا تُرى تلك الجهود كافية لردع هذا الغول القادم المدمر ؟؟ أم هناك حاجة ماسة لتظافر الجهود من الدول الشقيقة المجاورة بما لديها من امكانيات لعمل تحالف مشترك مع اليمن للتصدي لذلك الخطر القادم...!! قد يبدوا هذا الخطر حالياً متواضعاً وبعيدا عن الأضواء وحلقات النقاش، ولكن لن يكون كذلك خلال الأعوام القادمة، أذا لم تكن هناك حلول عملية وجذرية تتآز فيها كل القوى الوطنية الداخلية والأقليمة والدولية. 3- من المآسي الملفتة للنظر أيضاً ظاهرة النزوح من القرن الأفريقي لليمن..! تلك الظاهرة المقترنة بالموت المحقق لمغامريها الا ما رحم ربي..! ارتبطت تلك العملية بقراصنة البحر الذين زادوا عتواً وفساداً في الأوانة الأخيرة لدرجة تظهر وكأننا لا زلنا نعيش في القرون الوسطى..!! وبرغم تلك الأساطيل والأمكانيات الضخمة التي وضعتها الدول الكبرى في المياة الأقليمة، تقف تلك الأمكانيات عاجزةً عن ردع أولئك العابثين تجار القرصنة البحرية وسفاكي دماء الابرياء..!! نحن ندرك تماماً بأن هذه المشكلة هي اكبر من أن تتحمل أوزارها اليمن، كما هو الحال في القضتين السابقتين... وندرك ايضاً بأن اليمن ليست بمحطة الأستقرار النهائية لهؤلاء اللاجئين، فهي محطة مؤقته للتقاط الأنفاس واخذ قسط من الراحة لتبدء مرحلة المسير القادمة لدول الجوار أو إلى ما وراء البحار مجدداً..! على الصعيد الداخلي: يؤازر الحالات آنفة الذكر خطر داهم (هذه المرة من الداخل...!!). غول استفحل على غيره من الأخطار الأخرى ..!! وأذا ما اعلن حالة التزاوج أو الأقتران مع الحالات السابقة يكون خطر اجتماعياً و أقتصادياً و أخلاقياً ( بل خطر يطغى على كل مناحي الحياة ..!!!). تلك هي البطالة ...! البطالة التي ينظر اليها البعض نظرة مجرة عادية تعكس حالة الفقر والحاجة وشحت الموارد وقلة الوظائف ...!! ولكن أذا ما امعنا النظر في نتائجها فهي كارثية...! أكاد اجزم ان الحالات آنفة الذكر ( الأرهاب والمخدرات واللجوء والموت على قوراب وسفن القراصنة والغرق ..) هي بلا شك حالات وُلدت من رحم البطالة..!! المتتبع لحالات المتسللين اليمنيين عبر الحدود وحجم المعاناة التي يعانونها من أمتهان واخطار قاتله، لا لشئ..!! بل لضيق الحال والهروب من شبح الحاجة المرعب، قد يستدرك بأن هولاء العاطلون قد يتحولون إلى قوى تنفذية على الأرض ( إذا ما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت..) ليكونوا حماة للظواهر والأخطار آنفة الذكر...!! وحينها تستفحل عصابات المافيا وقراصنة البر والبحر ..!! وما الصومال عنا ببعيده ..!! وما كان لأولئك القراصنة بأن يقبلوا بحالة السلم لبلادهم لأن في ذلك ضرباً لمصالحهم وكساداً لمهنتهم! أذاً يكمن جزء من الحل في خلق فرص عمل شريفة ومناسبة لأولئك العاطلين، ولا نتوهم ولو للحظة، بأن نغرس فيهم روح الولاء والأنتماء الوطني وهم يعانون شظف العيش والفاقة والحرمان... فكما قال الأمام علي كرم الله وجهه " لو كان الفقر رجلا لقتلته".