استنكرت اليمن ما تداولته وسائل الإعلام حول نية المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية إصدار أوامر قبض لعدد من المسؤولين السودانيين بما فيهم الرئيس عمر حسن البشير رئيس جمهورية السودان واتهامهم بارتكاب جرائم حرب في درافور. واعتبرت الخارجية اليمنية في بيان أصدرته الليلة " إن هذه الخطوة تمثل سابقة خطيرة وتدخلاً سافراً وغير مقبول في الشؤون الداخلية للسودان الشقيق ولبلدان الأمة العربية والإسلامية"، منبهة إلى أن من شأن هذا القرار أن يؤدي إلى إشعال المزيد من الحرائق في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وقال البيان:" إن الجمهورية اليمنية قيادة وحكومة وشعباً، وهي تعبر عن تضامنها ووقوفها إلى جانب السودان الشقيق, قيادة وشعباً إزاء صدور مثل هذا القرار غير المسؤول، والمستهدف التدخل في الشؤون الداخلية للدول والشعوب بصورة انتقائية وسافرة تعكس التطبيق المتعسف لسياسة المعايير المزدوجة, فإنها تنبه من أن هذا القرار سيضاعف من تعقيد الأوضاع في دارفور، ويمنح الجماعات الرافضة للحوار والسلام فرصة الإمعان في مواقفها المتعنتة، والرافضة للمصالحة الوطنية". وأضاف:" إن الجمهورية اليمنية تؤكد بأن ما يجب على المجتمع الدولي عمله في مثل هذا الظرف، هو تهدئة الأوضاع في دارفور، وإحلال السلام فيه، والابتعاد عن أية خطوات تزيد الأمور تعقيدا، وتفضي إلى مزيد من الضعف وعدم الاستقرار". وكان الرئيس على عبدالله صالح –رئيس الجمهورية عبر عن تضامن اليمن قيادة وحكومة وشعبا مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير والشعب السوداني إزاء القرار الذي تسعى محكمة الجنايات الدولية لإصداره ،واصفا اياه ب"قرار غير مسؤول وتدخل سافر ومرفوض في الشأن السوداني الداخلي وشؤون الأمة العربية والإسلامية". وأكد الرئيس صالح في اتصال هاتفي أجراه الليلة مع نظيره السوداني رفض واستنكار اليمن لمثل هذا القرار الذي "لايخدم الأمن والإستقرار في المنطقة ولايؤدي سوى الى إشعال المزيد من الحرائق وعدم الإستقرار". وقال " ان الأمة العربية والإسلامية تقف الى جانب السودان إزاء مثل هذا القرار المجحف في حال صدوره وهو لايزيد الأمور إلا تعقيدا ويشجع على المزيد من التطرف والعنف وعدم الإستقرار في المنطقة والعالم". واضاف " ان محكمة الجنايات الدولية تعرف من هم الذين ينتهكون حقوق الإنسان "، معتبرا سياسة الكيل بمكيالين أو تطبيق المعايير المزدوجة إزاء مثل هذه القضايا وغيرها ضد الشعوب والدول الصغيرة أو الفقيرة أمر لا يمكن القبول به ولا يحقق العدالة أو يخدم الإستقرار والسلام. وكان مجلس الوزراء السوداني أعلن اليوم عدم اعترافه بالمحكمة الجنائية الدولية وبكل ما يصدر عنها من قرارات أو مذكرات توقيف. ودعا المجلس في جلسة طارئة رأسها الرئيس عمر حسن البشير المجتمع الدولي إلى وقف ما سماه الابتزاز السياسي غير المسؤول "بجانب وقف الكيل بمكيالين في تعامله مع قضايا الشعوب والسودان على وجه التحديد". وأعلن وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الزهاوي إبراهيم مالك أن ديوان النائب العام السوداني أعد كافة الردود القانونية لمجابهة المستجدات, مشيرا إلى إعداد خطة شاملة لمواجهة التحركات التي يقوم بها مدعي المحكمة الجنائية الدولية. كما حث مجلس الوزراء الشعب السوداني للتحلي بأعلى درجات اليقظة "لتفويت الفرصة على المتربصين بأمن البلاد وسلامتها". في هذه الأثناء تظاهر آلاف السودانيين في الخرطوم تنديدا بالولايات المتحدة بعد الكشف عن احتمال سعي المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني في إطار اتهامات عن جرائم حرب مزعومة في إقليم دارفور. وهتف المتظاهرون وهم يسيرون في شوارع الخرطوم باتجاه مكتب الأمم المتحدة "بالروح بالدم نفديك يا بشير" و"تسقط تسقط أميركا". كما تجمع مئات المتظاهرين قرب مقر الحكومة التي عقدت اجتماعا طارئا لبحث الموقف. وفي بيان سلم لمكتب الأمم المتحدة قال المتظاهرون إن المحكمة الجنائية "تفعل بالضبط ما يطلبه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل". من جهته اتهم وزير العدل السوداني عبد الباسط سبدرات المحكمة الجنائية بالسعي لإشعال حريق في كافة أنحاء البلاد, وقال للحشد المتجمع أمام مقر الحكومة إن المحكمة "لا تستهدف فقط رئيس البلاد وإنما استقرار شعب السودان لأن الرئيس يمثل الأمة". وقد تزامنت تلك المظاهرات مع تشديد لإجراءات الأمن في العاصمة حيث أجلت الأمم المتحدة عائلات موظفيها وقيدت تنقلات الموظفين ونقلت غير الضروريين منهم بعيدا عن دارفور. من جهة ثانية نقلت رويترز عن مسؤولين سودانيين أن الخرطوم ستطلب على الأرجح دعما صينيا وروسيا وأفريقيا في الأمم المتحدة للمساعدة على منع إصدار أي أمر باعتقال البشير. يشار إلى أنه يمكن لمجلس الأمن الدولي أن يجيز قرارا بتعليق أمر اعتقال أو تحقيق تصدره المحكمة الجنائية الدولية. على الصعيد ذاته قال سفير السودان لدى جامعة الدول العربية عبد المنعم مبروك إنه واثق من أن الجامعة العربية التي ستعقد اجتماعا طارئا لمناقشة الأزمة ستؤيد السودان. في غضون ذلك قال متحدث باسم الجامعة إن موعد الاجتماع لم يتحدد بعد. يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت بالفعل مذكرتي توقيف بحق مسؤولين سودانيين قالت إنهما متورطان في النزاع بتهمة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية, لكن البشير يرفض تسليمهما.