قوبلت مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية أمس الأربعاء بحق الرئيس السوداني عمر البشير, بحجة ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في إقليم دارفور غرب السودان, بتباين الموقف الدولي، وانزعاج الموقف العربي, حيث عبرت اليمن عناستنكارها الشديد لقرار محكمة الجنايات الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق فخامة الرئيس عمر حسن البشير رئيس جمهورية السودان الشقيق. وقال مصدر مسئول في الجمهورية اليمنية أن هذا القرار يمثل سابقة خطيرة بما تعنيه من تدخل سافر في شؤون الدول وسيادتها وتقويض لاستقرارها وهو قرار لا يخدم بأي حال جهود إحلال السلام في دار فور يبرز وبصورة فجة وجلية تلك المعايير المزدوجة والمختلة في تطبيق مفاهيم العدالة الدولية ففي الوقت الذي يتخاذل فيه مجلس الأمن الدولي ومحكمة الجنايات الدولية عن اتخاذ أي إجراء لمحاكمة مجرمي الحرب الحقيقيين من القادة الإسرائيليين الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني وأخرها ما ارتكبوه من جرائم حرب وحرب إبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل والمحاضر في قطاع غزة وهدموا المساكن على رؤوس ساكنيها وقتلوا الأطفال والشيوخ والنساء بدم بارد وعلى مرأى ومسمع من العالم كله فإن المحكمة لا تتردد في الاستقواء وبمبررات واهية على من خدموا السلام وعملوا من أجل الدفاع عن أمن واستقرار وسيادة واستقلال دولهم. وقال المصدر إن الجمهورية اليمنية تطالب مجلس الأمن الدولي الذي أحال قضية دارفور إلى محكمة الجنايات الدولية أن يعيد النظر في هذا الإجراء غير العادل وتفعيل المادة (16) من اتفاقية المحكمة ولما يخدم الأمن والاستقرار في السودان والمنطقة. وفي هذا السياق اعتبرت روسيا المذكر ة "سابقة خطيرة", وجاء على لسان مبعوث الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف للسودان اليوم ان إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير تشكل "سابقة خطيرة". وأكد المبعوث الروسي ميخائيل مارغيلوف "ان القرار غير الملائم للمحكمة الجنائية الدولية يوجد سابقة خطيرة في نظام العلاقات الدولية ويمكن ان تكون له آثار سلبية على السودان". بينما اكتفت الولاياتالمتحدة الأميركية بدعوة السودانيين إلى ضبط النفس. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت وود خلال زيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لرام الله في الضفة الغربية "ندعو كل الإطراف بما فيها الحكومة السودانية إلى ضبط النفس". وأضاف "يجب تجنب أعمال عنف إضافية تطال المدنيين والمصالح الأجنبية ولن يسمح بها". كما هو حال الموقف الفرنسي الذي اكتفى هو الآخر بدعوة السودان إلى "التعاون" مع المحكمة الجنائية الدولية بعد صدور مذكرة التوقيف بحق البشير. الموقف المصري عبر عن الانزعاج الشديد اثر صدور مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني, محذرا من تداعياته "السلبية المحتملة" على الوضع في السودان. وقال وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط في بيان صحافي ان مصر "تلقت قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير بانزعاج شديد نتيجة التداعيات السلبية المحتملة لمثل هذا القرار على استقرار الأوضاع فى السودان، وعلى مستقبل تنفيذ إتفاق السلام الشامل، وجهود تفعيل العملية السياسية فى دارفور". ودعا الوزير المصري مجلس الأمن الدولي إلى "عقد اجتماع عاجل وطارىء (..) بهدف اتخاذ قرار بطلب تفعيل المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة لتأجيل تنفيذ قرار التوقيف". وأضاف ابو الغيط ان "مصر سبق وأن حذرت عند صدور لائحة الاتهام من مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس البشير، من خطورة التعامل غير المسؤول مع الأوضاع في السودان. وأكدت أكثر من مرة على أن التسوية السياسية الشاملة والعادلة لأزمة دارفور هي الضمان الوحيد لتحقيق العدالة على الأمد الطويل". وجدد دعوة مصر لعقد مؤتمر دولي رفيع المستوى تحت رعاية سكرتير عام الأممالمتحدة للاتفاق على رؤية شاملة ومتكاملة للتعامل مع التحديات المختلفة التى تواجه السودان وعلى رأسها أزمة دارفور". بينما أكد رئيس مفوضية الاتحاد جان بينغ ان من شأن مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير تهدد السلام في السودان. وقال بينغ "لقد علمت للتو بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني، ويهمني ان أوضح أولاً ان موقف الاتحاد الإفريقي هو أننا مع مكافحة الإفلات من العقاب، ومن غير الوارد لدينا ترك مرتكبي الجرائم من دون عقاب". وأضاف "لكننا نقول ان السلام والعدالة يجب ألا يتعارضا، وان مقتضيات العدالة لا يمكن ان تتجاهل مقتضيات السلام"، مؤكدا ان قرار المحكمة الجنائية الدولية "يهدد السلام في السودان". فيما حذر الجيش السوداني عقب صدور المذكرة من انه سيتعامل بحزم مع المتعاملين مع المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة جلب بحق الرئيس عمر البشير. وقال الناطق باسم القوات المسلحة السودانية العميد الركن عثمان الاغبش في تصريح نقلته الإذاعة السودانية ان "القوات المسلحة ستتعامل بالحسم مع كل من يتعامل مع ما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية ويتخذ منها منبراً للابتزاز السياسي وزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم مظاهرات مؤيدة للرئيس السوداني عمر البشير البالغ من العمر (64 عاما) الذي تزعم المحكمة الجنائية الدولية انه ارتكب جرائم في إقليم دارفور الواقع غرب السودان الذي يشهد حرباً أهلية أودت منذ 2003 بحياة نحو 300 ألف شخص وفق هيئات الأممالمتحدة، وعشرة آلاف وفق الخرطوم. وتعد هذه أول مذكرة توقيف تصدرها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس دولة يمارس مهامه منذ تأسيسها في 2002.