سببت مذكرة التوقيف التي اصدرتها المحكمة الجنائية الدولية اليوم الاربعاء بحق الرئيس السوداني عمر البشير, بحجة ارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية في اقليم دارفور غرب السودان, انزعاجا عربيا وتباين في الموقف الدولي . ففي السوادن حذر الجيش السوداني عقب صدور المذكرة من انه سيتعامل بحزم مع المتعاملين مع المحكمة الجنائية الدولية التي اصدرت مذكرة جلب بحق الرئيس عمر البشير. وقال الناطق باسم القوات المسلحة السودانية العميد الركن عثمان الاغبش في تصريح نقلته الاذاعة السودانية ان "القوات المسلحة ستتعامل بالحسم مع كل من يتعامل مع ما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية ويتخذ منها منبرا للابتزاز السياسي وزعزعة الامن والاستقرار في البلاد". ونفى الاغبش ادعاءات المدعي العام للمحكمة لويس مورينو اوكامبو "بضلوع ضباط القوات المسلحة في ارتكاب جرائم حرب في دارفور"، مؤكدا ان "القوات المسلحة تعمل بمهنية واحترافية عالية وتملك من المؤسسات العدلية ما يمكنها من معاقبة كل من يخالف القانون". ويتوقع ان تشهد العاصمة السودانية الخرطوم مظاهرات مؤيدة للرئيس السوداني عمر البشير البالغ من العمر (64 عاما ) الذي تزعم المحكمة الجنائية الدولية انه ارتكب جرائم في اقليم دارفور الواقع غرب السودان الذي يشهد حربا اهلية اودت منذ 2003 بحياة نحو 300 الف شخص وفق هيئات الاممالمتحدة، وعشرة الاف وفق الخرطوم. الى ذلك اكد وزير العدل السوداني عبد الباسط سبدرات في تصريح لقناة الجزيرة الفضائية القطرية الاربعاء ان بلاده "لا تتعامل" مع المحكمة الجنائية الدولية، بعد صدور مذكرة توقيف بحق الرئيس عمر البشير. وقال الوزير السوداني ان بلاده "لا تتعامل" مع المحكمة الجنائية الدولية لانها "لا اختصاص ولا ولاية لها",مضيفا "قرارنا واضح لم نسلم احمد هارون ولم نسلم علي كوشيب، لا نتعامل مع هذه المحكمة، لا يمكن لانهم اصدروا مذكرة بحق البشير ان نتعامل معها، لانها لا اختصاص ولا ولاية لها". فيما عبرت مصر عن "انزعاجها الشديد" اثر صدور مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني, محذرة من تداعياته "السلبية المحتملة" على الوضع في السودان. وقال وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط في بيان صحافي ان مصر "تلقت قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير بانزعاج شديد نتيجة التداعيات السلبية المحتملة لمثل هذا القرار على استقرار الأوضاع فى السودان، وعلى مستقبل تنفيذ إتفاق السلام الشامل، وجهود تفعيل العملية السياسية فى دارفور". ودعا الوزير المصري مجلس الامن الدولي الى "عقد اجتماع عاجل وطارىء (..) بهدف إتخاذ قرار بطلب تفعيل المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة لتأجيل تنفيذ قرار التوقيف". وأضاف ابو الغيط ان "مصر سبق وأن حذرت عند صدور لائحة الإتهام من مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس البشير، من خطورة التعامل غير المسؤول مع الأوضاع فى السودان. وأكدت أكثر من مرة على أن التسوية السياسية الشاملة والعادلة لأزمة دارفور هى الضمان الوحيد لتحقيق العدالة على الأمد الطويل". وجدد دعوة مصر لعقد مؤتمر دولي رفيع المستوى تحت رعاية سكرتير عام الأممالمتحدة للاتفاق على رؤية شاملة ومتكاملة للتعامل مع التحديات المختلفة التى تواجه السودان وعلى رأسها أزمة دارفور". بينما اكد رئيس مفوضية الاتحاد جان بينغ ان من شأن مذكرة التوقيف التي اصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير تهدد السلام في السودان. وقال بينغ "لقد علمت للتو بقرار المحكمة الجنائية الدولية اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني، ويهمني ان اوضح اولا ان موقف الاتحاد الافريقي هو اننا مع مكافحة الافلات من العقاب، ومن غير الوارد لدينا ترك مرتكبي الجرائم من دون عقاب". واضاف "لكننا نقول ان السلام والعدالة يجب الا يتعارضا، وان مقتضيات العدالة لا يمكن ان تتجاهل مقتضيات السلام"، مؤكدا ان قرار المحكمة الجنائية الدولية "يهدد السلام في السودان". وسبق لدول الاتحاد الافريقي ال53 ان اعلنت هذا الموقف مرارا. من جانبها اعتبرت روسيا المذكرة "سابقة خطيرة", وجاء على لسان مبعوث الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف للسودان اليوم ان اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير تشكل "سابقة خطيرة". واكد المبعوث الروسي ميخائيل مارغيلوف "ان القرار غير الملائم للمحكمة الجنائية الدولية يوجد سابقة خطيرة في نظام العلاقات الدولية ويمكن ان تكون له آثار سلبية على السودان". بينما اكتفت الولاياتالمتحدة الاميركية بدعوة السودانيين الى ضبط النفس. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية روبرت وود خلال زيارة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون لرام الله في الضفة الغربية "ندعو كل الاطراف بما فيها الحكومة السودانية الى ضبط النفس". واضاف "يجب تجنب اعمال عنف اضافية تطال المدنيين والمصالح الاجنبية ولن يسمح بها". كما هو حال الموقف الفرنسي الذي اكتفى هو الاخر بدعوة السودان الى "التعاون" مع المحكمة الجنائية الدولية بعد صدور مذكرة التوقيف بحق البشير. وكانت الناطق باسم المحكمة لورانس بليرون, قالت خلال مؤتمر صحفي عقدته في مقر المحكمة بلاهاي "اليوم اصدرت الغرفة التمهيدية الاولى (...) مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية". وتعد هذه اول مذكرة توقيف تصدرها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس دولة يمارس مهامه منذ تأسيسها في 2002.