وصف تقرير حديث لمنظمة العمل العربية الوضع الحالي للبطالة في الدول العربية بأنه الأسوأ بين جميع مناطق العالم من دون منازع وأنه في طريقه لتجاوز كل الخطوط الحمراء ما يحتم على الاقتصاديات العربية ضخ قرابة 70 مليار دولار لاستثمارها فى مجالات توفر حوالي 4 ملايين فرصة عمل جديدة لمنع تفاقم الأزمة ورفع معدل نموها الاقتصادي، مشيرا الى ان البطالة فى البلدان العربية لها مجموعة من الخصائص التى تميزها عن باقي أقاليم العالم أبرزها تدني المستويات التعليمية للعاطلين عن العمل بجانب انتشارها بين الشباب وضعف الخبرة المهنية المتوفرة لدى العاطلين عن العمل وغياب التدريب المهني الموجه لسوق العمل لغياب التخطيط وارتفاع نسبة الاناث المتعطلات عن العمل. وأوضح التقرير الذي اطلعت «القبس» على نسخة منه أن الأقطار العربية يمكنها تفعيل وتوثيق عرى التعاون ودعم التشغيل اذا تجاوزت الكثير من المشكلات التي تعاني منها حاليا وأن تكون قوة اقتصادية كبيرة ومؤثرة بعيدا عن الأيديولوجيات والاختلافات السياسية بموجب ما تمتلكه من سمات متشابهة وموقع استراتيجي وغيرها من سمات مما يحتم ضرورة تآزر الدول العربية لتحقيق أحلامها، وتعزيز الرغبة في التكامل ونبذ الأنانية القطرية. وقال التقرير ان سوق العمل العربي يعاني من خلل رهيب بين جانبي العرض والطلب، لافتا الى أن المقصود بجانب العرض جميع الراغبين في العمل من الخريجين الجدد من مؤسسات التعليم والتدريب والراغبين في الالتحاق بعمل أفضل وفائض العمالة بسبب الخصخصة والراغبين في العمل بعد انتهاء عقود عملهم المؤقتة سواء داخل بلدهم أو المهاجرين مؤقتاً للعمل بالخارج حيث تتمثل أوجه الخلل فى وجود تباين في توزيع قوة العمل جغرافياً سواء على المستوى القطري أو العربي وعدم التوازن بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل وعجز الاقتصاد العربي عن توفير فرص عمل للقوى العاملة العربية وزيادة نسبة البطالة في عدد من الدول العربية. ضعف التجارة ويعد التقرير أول رصد دقيق لأوضاع البطالة والتشغيل وتوقعات الأداء الاقتصادي والنمو السكاني في البلدان العربية في محاولة من جانب المنظمة للوقوف على أسباب تزايد معدلات البطالة وسبل مواجهة المعادلة الصعبة التي تشير الى وجود أكثر من 17 مليون عاطل عربي في الوقت الذي تستضيف فيه الدول العربية أكثر من 12 مليون عامل أجنبي. وانتقد التقرير بشدة ضعف حركة التجارة البينية بين الدول العربية رغم ما يتمتع به العالم العربي من ثروات مادية وبشرية كبيرة تشكل الأساس في عملية التكامل اللازمة لتحقيق التنمية الاقتصادية، وأوضح أن السبيل الى تحقيق التكامل بين الدول العربية يتطلب بالضرورة تنشيط حركة التجارة بشكل يحقق عائدا اقتصاديا مناسبا لكل أطراف التبادل وتعظيم الاستفادة من الموارد المادية والبشرية من خلال احداث التكامل بين تلك الموارد بما يحقق أهداف التنمية الاقتصادية. وأكد التقرير أن معدلات البطالة وصلت الى أرقام مخيفة ويجب التعاون والتكاتف بين جميع الدول العربية من أجل السيطرة عليها، حيث أصبحت الظاهرة تهدد كافة الدول العربية بلا استثناء فى ظل تراجع قدرة الحكومات والقطاع العام على التوظيف واستمرار تيارات التنقل المؤقت للعمل فى بعض الأقطار العربية وهو الأمر الذى يتطلب ضرورة التقدم فى دعم التشغيل اقتناع الفاعلين الاقتصاديين من جهات معنية بالاستثمار والتخطيط الاقتصادي والتجارة والتعاون الدولي، وكذلك الجهات المعنية بتنمية الموارد البشرية من خلال التعليم والتدريب للتعاون مع أطراف الانتاج الثلاثة لتجسيد أولوية التشغيل ومكافحة البطالة. تحديات التشغيل وأشار التقرير الى وجود تحديات كثيرة تواجه دعم التشغيل والحد من البطالة في البلدان العربية، ما يتطلب توفير فرص عمل جديدة تناسب الداخلين الجدد فى سوق العمل والذين يقدر عددهم بحوالي 4 ملايين شخص سنويا حتى يمكن الابقاء على البطالة عند معدلاتها الحالية وزيادة معدل تشغيل النساء وضرورة اصلاح التعليم والتدريب وتطوير الأنشطة الاقتصادية لتستوعب المهارات الرفيعة والاهتمام بالقطاع غير المنظم وحماية المشتغلين فيه وزيادة الانتاجية لرفع فرص النمو الاقتصادى المستدام وتطوير شبكات الأمان الاجتماعية. استراتيجية متكاملة وقال التقرير ان المنظمة وضعت استراتيجية متكاملة للتشغيل ومواجهة البطالة تقوم على توفير المزيد من فرص العمل الجديدة من خلال الاضافات الى القسم العامل من قوة العمل العربية، لمقابلة كل من البطالة الصريحة الفعلية، والداخلين الجدد الى قوة العمل ومواجهة الظاهرة المزدوجة لكل من نقص التشغيل والعمل في وظيفتين أو أكثر ومواجهة ظاهرة «تدنّي نوعية العمل» من خلال رفع مستوى المهارة وتعميق المكون العلمي التكنولوجي للعمل وتحسين القدرة على الابتكار والتوافق بين عرض العمل والطلب عليه وتوليد الطلب على العمالة الماهرة واعادة بناء نظم التعليم والتدريب والتأهيل ورفع مستويات الانتاجية وتنافسية منشآت الأعمال وتطوير مهارات العمل في القطاع الزراعي. وكشف التقرير أن عدد السكان في الدول العربية سيبلغ 338,4 مليون نسمة خلال العام الحالي بعد ان كان بحدود 319,2 مليونا في عام 2006 منهم 200,8 مليون تمثل ما نسبته 62,6% سكان الدول العربية الواقعة في أفريقيا، يبلغ متوسط نسبة الذكور منهم 51,2%، والاناث47,8%. وأكد التقرير أن معدل الالتحاق الاجمالي في مرحلة التعليم ما قبل التعليم الابتدائي بلغ 17%، حيث يرجع انخفاض معدل الالتحاق بهذه المدارس الى أن معظم المدارس (رياض الأطفال) مملوكة للقطاع الخاص التي ترتفع فيها تكلفة بشكل يفوق القدرة الاقتصادية للآباء ويبلغ معدل الالتحاق الاجمالي في مرحلة التعليم الأساسي في المنطقة العربية 95% ويبلغ معدل الالتحاق الصافي للعام نفسه 83% فى حين يبلغ معدل الالتحاق الاجمالي في التعليم الثانوي88% وبلغ متوسط الالتحاق الاجمالي في التعليم العالي 21%. الإنفاق على التعليم أشار التقرير الى أن حجم الانفاق على التعليم في الدول العربية كنسبة من الناتج القومي الاجمالي يتراوح بين 1,3% في الامارات الى 9,6%فى اليمن، أما نسبة الانفاق على التعليم كنسبة من الانفاق العام الاجمالي فقد تجاوزت 25% في كل من الامارات والسعودية والمغرب واليمن، وتراجعت بين 20 الى 25% في كل من الأردن وتونس والجزائر وعمان، وتتراوح النسبة بين 10 الى 15% في كل من سوريا والبحرين والكويت ولبنان، وبلغت في موريتانيا 8,3%. وطالب التقرير بضرورة التكامل في مجال تبادل الأيدي العاملة، حيث ان هذا التبادل شهد بعض النكسات على المستوى الثنائي حين خضع استقدام العمال أو طردهم للمواقف السياسية في الوقت الذى يبلغ فيه حجم الأيدي العاملة العربية حوالي 10 ملايين في الوطن العربي تحول الى بلدانها أكثر من 20 مليار دولار سنويا، ويذهب قسم كبير من هذه الأموال الى الاستثمار والانفاق على الأسر. (القبس الكويتية)