كشف تقرير برلماني بأن الاقتصاد اليمني أصبح يواجه تحديات كبيرة في ظل الأزمة المالية العالمية وتراجع أسعار النفط الذي يشكل 95 % من الواردات اليمنية إلى الخارج، وقال بأن انخفاض أسعار النفط في الأسواق الدولية يعتبر المتغير الأكثر عمقاً للأزمة المالية على الموارد العامة للدولة وبالتالي فإن التحدي الأعظم يتمثل في تعزيز القدرات التصديرية غير النفطية للاقتصاد اليمني. وأوضحت اللجنة المالية بمجلس النواب في تقريرها حول تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني، بأن انخفاض أسعار النفط سيكون له آثار سلبية على ميزان المدفوعات والموازنة العامة للدولة على مجمل الأوضاع المالية والاقتصادية والتنموية، حيث تراجعت أسعار النفط من أعلى مستوياتها 146 دولاراً في يوليو الماضي إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل في 17 أكتوبر الماضي، متوقعة استمرار تراجع أسعاره إلى مستويات أدنى في ظل الركود الاقتصادي العالمي.. وفيما يتعلق بالقروض والمساعدات الخارجية لليمن، أكد التقرير بأنه ورغم التطمينات التي حصلت عليها الحكومة اليمنية من الدول والمنظمات المانحة إلا أن التوقعات تؤكد تدني فرص حصول اليمن على قروض ومساعدات خارجية في المستقبل، بما في ذلك المساعدات المخصصة لمؤسسات القطاع العام والصناديق الخاصة كالصندوق الاجتماعي للتنمية.. ووفقاً لإيضاحات محافظ البنك المركزي اليمني فإن استثمارات الاحتياطي النقدي لليمن تعتبر آمنة، لأنها تستثمر على شكل ودائع آجلة بعيدة عن مخاطر المضاربة، ويتم توزيعها على الأسواق العالمية لتخفيف المخاطر باستثناء الأرصدة المودعة في بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي الذي تصب فيه كافة عائدات بلادنا النفطية، حيث بلغ الرصيد الاحتياطي في هذا البنك بتاريخ 15 أكتوبر الماضي 150.9 مليون دولار أميركي، وهو ما يمثل 1.7 % من إجمالي احتياطات بلادنا النقدية التي تستثمر في بنوك أوروبية وتتوزع على سلة من العملات بنسبة 69.3 % بالدولار، و20.6 % باليورو الأوروبي، و7.8 % بالجنيه الإسترليني، و 1 % على بقية العملات. وأشار التقرير إلى أن الاحتياطات النقدية لبلادنا بلغت في 15 أكتوبر الماضي ثمانية ملياراً و 788 مليوناً و630 ألفاً و435 دولاراً أمريكياً، وتشمل هذه المبالغ إلى جانب أصول البنك المركزي اليمني ودائع البنوك المحلية والمؤسسات والهيئات بالإضافة إلى الاحتياطي الإلزامي على ودائع البنوك المحلية وتأمينات الاعتمادات. وقال التقرير بأن البنك المركزي اليمني في ظل الأزمة المالية العالمية يقوم بإدارة هذه الأموال من خلال المتابعة المتواصلة على مدار الساعة في جميع البنوك التجارية في الخارج، وقيام بعمليات تحويل كبيرة من حساباته إلى بنوك أوروبية، حيث بلغ إجمالي حركة الودائع التي حولها خلال الفترة من 1 18 أكتوبر الماضي حوالي 550 مليون دولار أميركي، منها 360 مليون دولار لعمليات استثمار جديدة في بنوك أوروبية. وقلل التقرير البرلماني من تأثر البنوك المحلية بالأزمة المالية العالمية، غير أنه أشار إلى أن البنك المركزي اليمني قدر متوسط السيولة لدى البنوك التجارية بحوالي 70 % في حين تقدر لدى البنوك الإسلامية ب50 %. وأوصى التقرير البرلماني الحكومي باتخاذ تدابير وإجراءات حازمة لمواجهة تداعيات الأزمة المالية على بلادنا، على رأسها ترشيد جميع نفقات الموازنة العامة للدولة وإلغاء النفقات الترفية وغير الضرورية دون المساس بمخصصات النفقات الرأسمالية والاستثمارية، مشدداً على ضرورة التزام الحكومة بتقديم تلك التدابير أثناء عرضها لمشروع موازنة العام القادم 2009م على مجلس النواب. ونوه التقرير إلى ضرورة قيام الحكومة بتحصيل جميع الضرائب والرسوم الجمركية وتفعيل القوانين الضريبية والجمركية وعلى وجه الخصوص قانون الضريبة العامة للمبيعات، بالإضافة إلى الإسراع في تقديم مشروع قانون لتعديل ضرائب الدخل ومراجعة وإلغاء الإعفاءات الجمركية غير الضرورية، مؤكداً على ضرورة اتخاذ كافة التدابير لوقف تهريب المشتقات النفطية. وطالب التقرير بإصدار قانون يمنع جميع المؤسسات العامة والصناديق الخاصة من الاستثمار في أذون الخزانة وإلزام تلك الجهات بتوجيه مدخراتها للاستثمار في المجالات الاقتصادية والتنموية، ملزماً الحكومة بالعمل على مراجعة منظومة السياسات المالية والاقتصادية والنقدية في ضوء المتغيرات المالية القائمة والمتوقعة وبما يجنب الاقتصاد الوطني تداعيات الأزمة المالية العالمية، بالإضافة إلى تشكيل غرفة عمليات لمتابعة تلك التداعيات ووضع الحلول الهادفة إلى مواجهة آثارها على بلادنا.