عبد الوهاب قطران حين يختنق العنب عطشًا، يكتبون عن "السُرّة"! في آخر الليل، وأنا أعدّ الهموم كما يعد الجائع لقيماته المتبقية، داهمني صوت إشعار، فتحت الرسالة على الخاص وهي التى تروا صورتها ادناه ... فإذا بأحدهم يتفجّع، لا من الجوع المتوحش الذي ينهش بطون الغلابى ، ولا من القحط الذي ييبّس الزرع ويقصف العمر، بل من لباس النساء في قاعات الأفراح! نعم، هذا ما شغله في زمن الهلاك... مشغول ب"التبرج"! مهموم ب"العري"! يكتب بلهفة كي تنهض "سلطة المؤمنين" فتقمع النساء، وتطاردهن، وتمنع عليهن حتى زينة أفراحهن! وأنا... كنت أفكّر في الجوع الذي عضّ إخواني... في العنب الذي مات واقفًا على عروقه من شدّة العطش... في بنات بلادي وهن يخرجن للشوارع للتسول وقد ذبلت أحلامهن قبل أن تتفتح... كنت أتأمل الخراب الذي امتدّ من الحقول إلى الأرواح... وأتساءل: كيف يعود زمن الجوع و القحط هكذا في القرن الواحد والعشرين؟ أي لعنة حطّت بنا حتى صار الدين عند البعض مهووسًا بالسرة والصدر، لا بعدالة الأرض ولا جوع الإنسان؟ حقًا... كُلٌّ يغني على ليلاه، وهذه ليلاهم البائسة، يغنون فيها على خصر امرأة، بينما نحن نغني على ميتة الكروم، وجفاف البطون، وأوجاع الناس. ما أقسى أن ترى من يتفيقه في الشكليات، بينما تموت الحياة على أطراف أصابعك كل يوم! وليت العقول تُشترى... لكنت أول من تبرّع، بما بقي لي من قوت، لعلّ بعض العقول تُروى، كما لم يُروَ عنبنا هذا العام.