انتقدت اللجنة البرلمانية المكلفة بدراسة مشروع الموازنة العامة في اليمن للسنة المالية 2009م ، البيان المالي التي تقدمت به الحكومة للبرلمان بخصوص الموازنات المستقلة والملحقة والصناديق الخاصة, ومشاريع موازنات الوحدات الاقتصادية . وتوقع تقرير للجنة ان يكون الأداء للاقتصاد الوطني مخيب للآمال نظرا لعدم قابلية النمو التي اشارت اليه الحكومة - والبالغ 9،1 % - للاستمرار في السنوات التالية لعام 2009م مما يعد تراجعا عن ما هو مستهدف من النهوض بمستوى معيشة المجتمع وتحقيق أماله وطموحاته في التنمية الشاملة بجوانبها وأبعادها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية. ولفت التقرير إلى انه كان من المؤمل ان يتضمن البيان ما يشير إلى وجود توجهات لإعادة النظر في منظومة السياسات والإجراءات المرتبطة بوجه خاص برفع مستوى الاستثمار وزيادة معدلاته وذلك للإسهام في الدفع بنمو القطاعات الأخرى غير النفطية التي تواضع أداؤها ونموها الفعلي خلال السنوات الماضية وبما يمكنها ليس فقط من تحقيق المعدلات المستهدفة لها في خطط التنمية والبيان المالي فحسب وانما أيضا بما يكفل إسهامها في تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفع وقابل للاستمرار في المستقبل. واتهم تقرير الميزانية الحكومة بدعم سوء الإدارة في الكثير من الوحدات الاقتصادية لافتة الى ارتفاع عجز العمليات الجارية المقدر بقرابة (24) مليار ريال بفارق يزيد على (3) مليارات عن ربط ميزانية السنة الجارية. وذكرت اللجنة أن الوحدات الاقتصادية مازالت تشكل عبئا على موازنة الدولة بدلا من أن تكون رافدا لها . موضحة أن حصة الدولة من فائض نشاط تلك الوحدات قدرت بما يقارب (64) مليارا . فيما مساهمة الحكومة في المشاريع الرأسمالية قاربت (70) مليار ريال، غير ما قدر لمشاريع الوحدات من قروض خارجية بمبلغ يقترب من (153) مليار ريال مقارنة بحوالي (31) مليارا عن ربط هذا العام ،في حين بلغ الاستخدام الفعلي للقروض عام 2007م نحو (13) مليارا بوفر يصل (59) مليار ريال. وأشارت اللجنة الخاصة الى ضعف إيلاء الميزانية الاهتمام الكافي لاستكمال المشاريع الاستثمارية بما يشغل أكبر شريحة عاملة في القطاع الاقتصادي والتخفيف من الفقر والبطالة، وكذا الحد من الفاقد الذي وصل في شبكات المياه والكهرباء الى ما بين (30%- 35%). وتشاءم تقرير اللجنة الخاصة من تقليص اعتمادات السلطة المحلية المقدرة للسنة القادمة حيث بلغت مليارين و (459) مليون ريال بينما كان المخصص لها في ربط ميزانية العام الجاري مليارين و (674) مليونا. وقال التقرير :أن تقليص نفقات المجالس المحلية التي تزيد على (350) مجلسا محليا على مستوى اليمن لا يبشر بخير على صعيد تعزيز نظام السلطة المحلية. ولاحظت اللجنة نقص الاستهلاك المقدر للسنة القادمة من النفط إلى نحو ( 9) ملايين برميل وكانت الكمية المخصصة هذا العام ما يقارب (50) مليون برميل . وبالمقابل زادت تقديرات دعم المشتقات النفطية بنسبة حوالي (9%) بفارق (27) مليار ريال. واعتبر التقرير ان العجز المقدر في مشروع موازنة 2009م بنسبة 8.26% من الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة 7.37% كعجز صافي ، بأنه يعمل على تهديد ما تحقق من نجاحات خلال سنوات برنامج الإصلاح الاقتصادي والذي تمكنت معه الحكومة من محاصرة العجز في الحدود الضيقة. ورغم تأكيد الحكومة على تمويل هذا العجز من مصادر غير تضخمية وتمويله عبر الاقتراض الداخلي الإ أن اللجنة رأى ان لذلك آثارا سلبية عديدة أبرزها تحويل مدخرات المجتمع بعيدا عن القطاع الخاص . وتوقع التقرير ان يودي التوسع في العجز في الموازنة إلى تنامي حجم الدين العام وتزايد أعبائه من سنة إلى أخرى ومن ثم يسهم في زيادة عجز الموازنات العامة في المستقبل. واعتبر تنامي العجز وبهذه النسب يعكس عدم كفاية الإجراءات والتدابير المرتبطة بضبط الإنفاق وإعادة هيكلته والتراخي عن تطوير وتحصيل الموارد العامة الضريبية والجمركية والذي جعل بلادنا من أقل بلدان العالم النامي فيما يتعلق بنسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي التي تصل في بلادنا إلى حوالي 8 % مقابل نسبة 18 % في البلدان النامية و38 % في البلدان المتقدمة. وأكدت تقرير اللجنة في توصياتها للحكومة على الاهتمام بقضية الأمن الغذائي عبر تبني سياسات داعمة لزيادة الإنتاج الزراعي خاصة الحبوب لتجنيب اليمن أي آثار سلبية لأزمات غذاء عالمية قد تتكرر مستقبلا. وحث على مراجعة السياسات النقدية والائتمانية بما يجعل منها أدوات فاعلة لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي، وخلق بيئة مواتية للاستثمارات المحلية والأجنبية، مشددة على إيلاء الشراكة مع بلدان مجلس التعاون الخليجي الاهتمام اللازم. ونوهت اللجنة البرلمانية الى ضرورة معالجة القصور في الأداء الضريبي..مشيرة الى أن حاصلات الرسوم الضريبية والجمركية لا تمثل سوى (8%) من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة ب(18%) في الدول النامية الأخرى. وأوصت اللجنة الخاصة برصد (20%) من إجمالي تكلفة كل مشروع من المشاريع الاستثمارية ضمن الموازنات العامة للدولة لإخراج المشاريع من دائرة التعثر ،وأيضا ضرورة اهتمام الحكومة بمعالجة مشكلة المياه التي تعاني منها مختلف المحافظات اليمنية وبالأخص أمانة العاصمة وتعز. هذا ووصلت الإيرادات المقدرة في ميزانية العام القادم تريليونا و(537) مليارا و(168) مليون ريال ،وبلغت الاستخدامات ( النفقات ) تريليونا و(963) مليارا و(995) مليون ريال بعجز يقارب (427) مليارا . وبلغ إجمالي مشروعات البرنامج الاستثماري (882) مشروعا تكلفتها الإجمالية قدرت بحوالي (221) مليارا بزيادة (39) مليار ريال عن ربط ميزانية العام الحالي أي بفارق نسبة (22%). ومن المتوقع أن يصوت النواب على الميزانية السبت المقبل وسط رفض كتل أحزاب المشترك المعارضة كما هي العادة سنويا . وبلغت تقديرات الإيرادات حسب البيان المالي للموازنة الذي تقدمت به الحكومة الى البرلمان تريليون و 537 مليار ريال. وتتمثل أهم الإيرادات بعائدات النفط والغاز المقدرة بحوالي 835 مليار ريال يساهم دخول الغاز المسال كمادة تصديرية جديدة بحوالي 47 مليارا معوضا الى حد ما الانخفاض في إيرادات النفط نتيجة نقص الإنتاج والأسعار حيث قدرت مساهمة المواد النفطية في ميزانية العام الجاري ب(888) مليار ريال ونصف منخفضة بذلك في موازنة العام المقبل الى نحو 42% من إجمالي الإنفاق العام و 58% من الإنفاق الجاري مقارنة بحوالي 49%، و 69% على التوالي هذه السنة.