عصام السفياني - ثلاثة أشهر الا أيام تفصل اليمنيين عن رابع انتخابات برلمانية ولا زال الخلاف بين الأحزاب السياسية وتحديداً تكتل المشترك المعارض وحزب المؤتمر الحاكم حول آلية ادارة العملية الانتخابية يراوح مكانه مع تمسك كل طرف برؤيته . المشترك الذي يتهم كتلة الحاكم البرلمانية بإيصال الحياة السياسية في البلد الى هذا الحال لم تعد التعديلات الجزئية على قانون الانتخابات او تشكيل لجنة الانتخابات تغريه بمنافسة القوى الأخرى على مقاعد برلمان 2009 بل ان قوى اليسار في المشترك وهي الحزب الاشتراكي والتنظيم الوحدوي الناصري أصبحت أكثر تمسكاً بتغيير النظام الانتخابي الى نظام القائمة النسبية . الإصلاح وهو مهندس الاتفاق مع المؤتمر على تعديل قانون الانتخابات الذي أسقطه نواب المؤتمر في أغسطس 2008 بعد تلكؤ المشترك في تقديم أسماء ممثلية في لجنة الانتخابات الى البرلمان يعتبر الحائر الأكبر في المشهد القائم فهو أكثر حرصاً ربما من المؤتمر على دخول الانتخابات لانه كان يعتبر الاتفاق مع المؤتمر يفي بمطالبه الدنيا لدخول الانتخابات حيث والقائمة النسبية ليست غاية بالنسبة له. واذا ماعدنا إلى أغسطس الماضي فإن إسقاط نواب المؤتمر لمشروع التعديلات كان مخرجاً للاصلاح بعد رفض الاشتراكي صيغة الاتفاق الذي وافق عليه أمين الاصلاح عبد الوهاب الانسي ولحقه بعد ذلك الوحدوي الناصري الذي كان على استعداد لمسايرة الاصلاح في حال وافق الاشتراكي على مشروع الاتفاق. الحزب الاشتراكي وجد نفسه مجبراً على رفع سقف مطالبه الإصلاحية لدخول الانتخابات نتيجة توزع أطره التنظيمية القيادية والقاعدية على مشاريع خارج إطار الحزب وخصوصاً في محافظات الضالع ولحج وعدن ولم يعد بمقدوره دخول الانتخابات من باب الحفاظ على تماسك المشترك كما يفعل الاصلاح في مسايرته للاشتراكي في مطلب القائمة النسبية. في حين يجد الاصلاح نفسه مشتتاً بين مواصلة السير مع الاشتراكي ومقاطعة الانتخابات ويكون بذلك حكم على نفسه بالإعدام حد تعبير قياداته التي دائما ما تكرر أن أساس التعددية هو الانتخابات وما دون ذلك فهو الموت السريري وخيار دخول الانتخابات دون الاشتراكي وإعلان موت اللقاء المشترك أو دخول الانتخابات بطرق أخرى تتيح لكوادره الفرصة للبقاء في المشهد السياسي ومنح الحزب حرية المناورة على خيارات أخرى. موقف المشترك من الانتخابات لم يعد مربكاً للحزب الحاكم الذي يجري مايشبه الاستفتاء داخل أطره التنظيمية حول المشاركة في الانتخابات من خلال مؤتمراته الفرعية في المديريات والمحافظات والتي اجمعت على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد بالمشترك او بدونه بل تعدى ذلك الى رسم صورة عن شكل البرلمان القادم الذي وصفه القيادي في المؤتمر سلطان البركاني بأنه سيكون نوعي ويضم المجتمع المدني والمرأة وقوى معارضة خارج المشترك. واذا كان المؤتمر قد حسم أمره حيال موعد الانتخابات ورفضه حتى مناقشة فكرة التأجيل فإن أحزاب المشترك جميعها أمام امتحان عسير بدأت قواعد أحزابه تشكك في مقدرته على اجتيازه فهو لم يقرر قطعياً عدم المشاركة في الانتخابات ولم يعلن مطالب بإمكان الطرف الأخر تلبيتها في إطار الوقت المتاح كما انه لم يعلن المراهنة على التأييد الشعبي لتوجهاته والذي كثيراً مايسوقه في خطابه السياسي والإعلامي ويدخل الانتخابات بعيداً عن المشاركة في إدارتها . الشارع اليمني بمختلف توجهاته السياسية أمام صورتين الأولى رسمها المؤتمر بإستعداده دخول الانتخابات غير أبه بمن سيرافقه في هذا الاتجاه مع استعداد أنصاره للاستحقاق والثانية لم ينته المشترك من تحميضها وتتلخص في عدم فهم موقفه حتى ألان مع عدم قدرته حتى على تهيئة أنصاره لاية خيارات قد يتخذها كما كان عليه في الانتخابات الرئاسية والمحلية. غموض موقف المشترك بزعامة الاصلاح بدأ يستفز قيادات في أحزاب المشترك ذات التوجه اليساري والتي ربطت مشاركتها في الانتخابات بتعديل النظام الانتخابي إلى القائمة النسبية وهو مايتطلب تعديلا دستورياً وتأجيل الانتخابات كما أن هناك قوى في المشترك تكتفي بموافقة المؤتمر على تغيير النظام الانتخابي وفق اتفاق معين يتم بموجبه دخول الانتخابات والمشاركة في إدارتها بحسب اتفاق ماقبل 18 أغسطس وهو تقاسم لجنة الانتخابات وتعديل القانون إضافة إلى إيجاد حل للأسماء المضافة إلى السجل الانتخابي في مرحلة مراجعة جداول الناخبين الأخيرة. مساعد أمين عام الحزب الناصري محمد مسعد الرداعي وبعده نائب رئيس إعلامية الاشتراكي حددا القائمة النسبية كشرط لاتراجع عنه لدخول الانتخابات الأول يمثل حزبه والثاني وان أعلن في مقال نشرته صحيفة الاشتراكي ان موقفه شخصي فإن موقف حزبه واضح في ذات المسألة. وقبل الرداعي والمقالح كان القيادي الاشتراكي انيس حسن يحي قد انتقد موقف المشترك الغامض من الانتخابات وذلك في محاضرة القاها على مسامع الاشتراكيين في لحج. القيادي في الوحدوي الناصري محمد مسعد الرداعي اكد ان حزبه لايرى في أي انتخابات قادمة جدوى مالم يتم إجراء إصلاح للمنظومة الانتخابية والتي في مقدمتها الأخذ بالقائمة النسبية بدلا عن الدائرة الفردية , وتصحيح السجل الانتخابي وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وتحقيق استقلاليتها ,وحيادة الوظيفة العامة والمال العام . وقال بحسب موقع حزبه الالكتروني ان مطالبة التنظيم والمشترك بهذه الإصلاحات ورفضهما لأي مشاركة في الا نتخابات مالم تكن وسيلة للتغيير ليس من باب المماحكة والمكايدة أو المكاسب الشخصية, وانما نابع من موقف القواعد .ومطالب السواد الأعظم الذي أصبح محبطا ورافضا للانتخابات حد تعبيره. محمد المقالح القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني تعدى مطالبة الرداعي بالقائمة النسبية إلى انتقاد إدارة المشترك للازمة مع المؤتمر وغموض موقفه من الانتخابات. وانتقد المقالح في مقال نشرته الثوري الخميس موقف المشترك الغامض من المشاركة في الانتخابات وتضارب مطالبها..وقال انه" لا يجوز مطلقا وليست من السياسية في شيء أن تبدأ مرحلة الترشيح وفقا لأجندات السلطة السارية وجمهور المعارضة لا يعلم بالضبط الموقف النهائي والحاسم للمشترك من هذه العملية المصيرية . وبصراحة ناقضت ما تقوله أحزاب المعارضة المنضوية في المشترك من ان حزب المؤتمر الحاكم هو من ينقض الاتفاقات ، حمل القيادي في المشترك محمد المقالح الأخيرة مسئولية نقض الاتفاق مع المؤتمر في 18 أغسطس وقال" ان المعارضة تصر على تنفيذ الاتفاقات السابقة وفي مقدمتها ما أسمته باتفاق 18 أغسطس الذي نكث به المؤتمر وكتلته البرلمانية... تقول هذا دون أن يرف لها جفن وهي تعلم علم اليقين أن من نقض ذلك الاتفاق البائس هو الحزب الاشتراكي وجميع أحزاب اللقاء المشترك بعد أن تأكدت انه لم يستوعب أي شيء جدي من الإصلاحات الانتخابية بما في ذلك توصيات الاتحاد الأوربي". ودعا المقالح المعارضة إلى أن تطرح المعارضة بوضوح بأن القائمة النسبية خط احمر وان المقاطعة ومن الآن هو خيار المعارضة الايجابي والوحيد لهذه الانتخابات المقرر إجراؤها في 27ابريل، وان السلطة ليس إمامها سوى احد أمرين إما الحوار الجدي وبإشراف المفوضية الأوربية حول الإصلاحات الوطنية ومنها الإصلاحات الانتخابية وتحديد موعد الانتخابات القادمة، أو السير بمفردها وعليها أن تتحمل نتائج هذا الموقف المغامر لوحدها. مساعد أمين عام المؤتمر الشعبي العام سلطان البركان رد في حلقة نقاش نظمتها بصنعاء الأسبوع الماضي منظمة وفاق للتأهيل الديمقراطي" وتد" على أطروحات معارضة بخصوص نظام القائمة النسبية بقوله أن هذا يأتي من باب المزايدة مشيراً إلى أن اتفاقات الأحزاب وتعديلات قانون الانتخابات خلت من أي بنود متعلقة بنظام القائمة النسبية. حصر المشاركة في الانتخابات بتعديل النظام الانتخابي إلى القائمة النسبية مطلب ناصري اشتراكي قد لايفيد الاصلاح بشيء إذا كون قيادات الاصلاح التي وصلت البرلمان في انتخابات 2003 كانت ممثلة بخطباء جوامع وأكاديميين وتربويين خدمتهم صلتهم الشخصية بالناس في مواقع عملهم ومن الترف أن تطالب وفق القائمة النسبية ناخب في الجوف اوفي مأرب ان يصوت لأكاديمي في صنعاء أو خطيب جامع في تعز لايعرف عنهما شيء . وقد يكون الناصري والاشتركي أكثر حظاً من الاصلاح في الاستفادة من القائمة النسبية حيث يراهن الاول على مناصرين مشتتين في المحافظات ويأمل الثاني ان يخدمه البعد الجغرافي لاستعادة توازنه في الجنوب . والى حين يجد الجميع مخرج لازال المواطن اليمني اكثر شوقاً من ذي قبل لان يرى صوته في صندوق الاقتراع أداة تغيير لوضع أوصله إلى الكفر بالديمقراطية المسلوبة نتائجها من المشائخ او التوافقات خارج الدستور او سطوة المال والسلطة .