شهدت اليمن الاثنين يوما حافلا بالمفارقات ، حيث عادة الأوضاع إلى طبيعتها في مديرية الحبيلين ومديريات ردفان الأخرى بمحافظة لحج والتي كانت قد شهدت خلال الأسابيع الماضية اشتباكات بين مسلحين داعين للانفصال وقوات الجيش خلفت 9 قتلي 4 عسكريين و 5 من المواطنين ، فيما تضخمت دائرة الانتهازيين ومصانع إنتاج الأزمات وتواصل القصف الإعلامي بين السلطة والمعارضة لصب الزيت على نار الأوضاع الملتهبة أصلا، وعلق مجلس النواب جلساته لشهر نتيجة استمرار غياب الأكثرية وسط عاصف من ردود الأفعال اثر قرار القضاء الأعلى انشاء محكمة متخصصة للنظر في قضايا الصحافة والمطبوعات بعد ايام على إلحجز الاداري على صحف وبدء استجوابها حول وقائع نشر ضد الوحدة الوطنية والتحريض على الخروج على القانون وبث الكراهية والعداء. الأوضاع في مديريات لحج والتي كانت العنوان اللافت للصحافة في الآونة الأخيرة ، عادت للهدوء اثر نجاح اللجنة الرئاسية المكلفة بإدارة الأحداث وانهاء التوتر في مساعيها هناك برئاسة وزير الادارة المحلية السابق عبدالقادر هلال وبتعاون فاعل من قبل السلطات المحلية والفعاليات الاجتماعية . وأكد مصدر مسئول في اللجنة الرئاسية, استتاب الأمن في المديريات الأربع لمنطقة ردفان وانتهاء المظاهر المسلحة من قبل بعض العناصر المسلحة من خارج مديريات ردفان ونزع فتيل الفتنة التي كانت بعض العناصر الخارجة على القانون من خارج ردفان تخطط لجعل هذه المنطقة ساحة لها ,مشيرا كذلك الى إخلاء ومغادرة العناصر المسلحة من المناطق التي كانوا يتمركزون فيها أو يحاولون إثارة القلاقل. وأوضح أن مئات الأسر التي كانت قد نزحت من منازلها في الحبيلين خلال الأيام الماضية عادت إليها وأعيد فتح أكثر من ألف محل تجاري , وأن الخيرين من أبناء منطقة ردفان والشخصيات الاجتماعية والمجالس المحلية استجابت وتفاعلت مع رسالة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الموجهة إلى أبناء المنطقة والتي حملتها اللجنة إليهم حيث شددت الرسالة على أن يكونوا عند مستوى المسئولية وأن يتنبهوا للعواقب التي كانت ستحدث لهم لاسمح الله جراء تصرفات القلة القليلة من داخل المنطقة وخارجها مثل قطع الطرق والأعمال المخلة بالأمن والاستقرار في المنطقة أو من خلال الشعارات والفعاليات التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي المصدر اكد أن الشخصيات الاجتماعية والكوادر المدنية والعسكرية من أبناء المنطقة عبروا في لقاءاتهم باللجنة الرئاسية عن رفضهم لأن تكون ردفان ساحة للفوضى والتخريب وقاطعي الطرق أو مثيري الشغب أو من يحاولون بث ثقافة الكراهية بين أبناء الشعب اليمني الواحد أو ساحة للإضرار بالوحدة الوطنية أو السلم الاجتماعي. بالمقابل كبرت دائرة الانتهازيين على الصعيد المحلي بحسب مقتضيات وتداعيات الظرف في تعاطيها مع المشكلات الوطنية بين التقليل منها او وضع المعالجات الترقيعية لها من قبل السلطة وحزبها المؤتمر الحاكم،ومضاعفتها من قبل المعارضة من خلال تعقيدها والتحريض عليها بدلا من طرح حلول لها. وتواصل القصف الاعلامي بين المؤتمر الشعبي الحاكم وأحزاب المشترك المعارضة وانقشعت سحابة الهدوء التي أعقبت التوافق بينهم على تأجيل الانتخابات بعد تمديد فترة البرلمان لعامين ، فيما يبدوا هروبا من اجندة الحوار المفترض بين الطرفين بموجب اتفاقهما . سلطان العتواني، رئيس المجلس الأعلى للقاء المشترك وخلال لقاء تضامني مع الصحف والصحافة اتهم السلطة وحزبها الحاكم بممارسة الانفصال لكونها "تقوم بممارسة الفساد في الأرض وتقوم بقمع الحقوق والحريات"، مشيرا إلى أن الديمقراطية التي تريدها السلطة لا يمكن أن تصلح الأوضاع وإنما تزيدها تأزما وتفاقم المشكلة وتجعلها أكبر مما هي عليه اليوم. وقال العتواني "إنما تمارسه السلطة اليوم هي أعمال بوليسية"، داعياً وسائل الإعلام والصحف التي لم تقوم السلطة بمصادرتها إلى العمل على كشف ممارسات السلطة السيئة في الجنوب، مشيرا إلى أن الوحدة مهددة بممارسة الفاسدين والمظاهر المسلحة التي يتم نشرها في القرى الآمنة، مشيرا إلى أن مثل هذه التصرفات توحي على أن السلطة مجبولة على التعامل بقوة السلاح وليس قوة القانون. وأشار رئيس اللقاء المشترك إلى أن الوقت قد تغير وعلى السلطة أن تعلم ذلك وأن عهد التجسس قد انتهى وولى دون رجعة، داعيا السلطة إلى توجيه القوات المسلحة إلى البحر العربي والبحر الأحمر لحماية سيادة الوطن بدلا من نشرها في أوساط المواطنين لترويعهم وتخويفهم. ودفع قصف المعارضة اعلام السلطة والحزب الحاكم عبر تصريح استبق نشره موقع 26 سبتمبرنت القريب من قصر الرئاسة الى التعبير عن الأسف لانزلاق الخطاب الاعلامي والسياسي لبعض قيادات أحزاب اللقاء المشترك – في اشارة للعتواني- إلى هذا المستوى "الذي يظهر بأن هذه القيادات قد افتقدت الشعور بالمسئولية والحس الوطني وأنها ما زالت في حالة من اللاوعي ومنغمسة في أجواء المناكفات السياسية التي تضر بمصالح الوطن في الوقت الذي يجابه فيه الوطن الكثير من التحديات وحيث لم تتعلم هذه القيادات أبدا من تجارب الماضي أو تعي حقيقة ما يجري حولها وهم لا يميزون بين معارضتهم للنظام ومعارضتهم للوطن ووحدته". التصريح الذي جاء على لسان مصدر إعلامي مسئول في المؤتمر الشعبي العام وصف حديث سلطان العتواني رئيس المجلس الأعلى للمشترك حول الفساد ب"أمر مثير للاستغراب ومردود عليه فهو أول من يعلم من هم الفاسدون وأن من يتحدثون عن الفساد إنما هم رموزه وغارقون في أوحاله وهم عناوين بارزة للفساد السياسي والثقافي والمالي والأخلاقي وغيره "، مؤكدا بأن مكافحة الفساد مسئولية وطنية للجميع وأن مكافحة الفساد سياسة ثابتة للدولة التي عملت على تشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد وتفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ونيابات الأموال العامة من أجل محاربة الفساد المالي وتجفيف منابعه. المصدر المؤتمري قال "إن محاولة ركوب بعض قيادات أحزاب المشترك موجة أحداث التخريب والعنف التي تقوم بها بعض العناصر الخارجة على الدستور والقانون في بعض مديريات المحافظات الجنوبية والشرقية والتي استهدفت من ورائها النيل من الوحدة الوطنية وإثارة ثقافة الكراهية والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد وتعكير صفو السلم الاجتماعي لا شك أنها سياسة خاطئة ومدمرة من تلك الأحزاب في المشترك".وأضاف ان الرهان على مثل هذه الأعمال الخارجة على الدستور والقانون رهان خاسر وسيلحق الضرر بهذه الأحزاب نفسها قبل غيرها، واختتم المصدر تصريحه قائلا : ما ورد على لسان الأخ سلطان العتواني من كلام غير لائق يصل إلى حد السفاهة فإننا سوف نترفع عن الرد عليه. وفي اتجاه منفصل فشل مجلس النواب لليوم الثاني على التوالي في سحب الثقة من وزير العدل لعدم اكتمال النصاب المطلوب ، وقرر النواب رفع جلساتهم لمدة شهر كامل.وفي الجلسة التي قل الحضور عن النصاب (151) نائباً،غاب النائب أحمد عباس البرطي عقب أنباء عن الإفراج عنه امتصاصا للأزمة المتفاقمة منذ سجنه في الثالث والعشرين من مارس الفائت على ذمة اتهامه بالتورط في مقتل مدير مديرية خدير بمحافظة تعز أحمد منصور الشوافي . بالتزامن أخذت قضية الحجز الإداري على بعض الصحف الأهلية ومصادرة أعداد بعض منها ، وبدء نيابة الصحافة تحقيقاتها مع رؤساء تحريرها بتهم (إثارة المناطقية والعنصرية والمساس بالوحدة الوطنية ) المرفوعة من قبل وزارة الإعلام، اخذت بعدا جديدا بأعلان مجلس القضاء الأعلى قرار إنشاء محكمة متخصصة للنظر في قضايا الصحافة والمطبوعات تتولى النظر في جرائم العلانية والنشر وكافة الدعاوى المتعلقة بقضايا الصحافة والمطبوعات المنصوص عليها في قانون الصحافة والمطبوعات والقوانين ذات الصلة، وتعيين قاضيا لها. وفيما عبرت منظمات المجتمع المدني في اعتصام لها أمام وزارة العدل ، عن تخوفها من أن تكون المحكمة بداية لمحاكم أخرى قد تطال السياسيين والحقوقيين , دعت قيادات في المعارضة شاركة في اعتصامات للتضامن مع الصحفيين الى اسقاط السلطة وحزبها الحاكم ، معتبرة قرار إنشاء المحكمة سياسيا ، وهو ما نفاه وزير العدل الذي دافع عن قرار وزارته في إنشاء المحكمة، مشيرا إلى أنه مهني ويأتي في إطار الإصلاحات القضائية التي تنشدها وزارته .وأضاف الوزير "أطمئن الجميع بان المحكمة نشأت وفق لقانون السلطة القضائية : وهي محكمة ابتدائية متخصصة في نوع معين من القضايا "الصحافة والنشر " مشيرا إلى أنها "ليست بدعة بقدر ما هي تأتي ضمن محاكم متخصصة شانها شأن (المحكمة التجارية , الأموال العامة , والضرائب ). وأوضح الاغبري بأن القوانيين التي ستطبق في المحكمة هي ذاتها المعمول بها حاليا في المحاكم , مشيرا إلى أن الدافع من إنشائها هي " مسألة تتعلق بإعادة ترتيب وتنظيم المحاكم، مؤكد بان فكرة إنشاء المحكمة "تدرس من 3 أشهر ,ولا علاقة لها بوزارة الإعلام أو مجلس الوزراء " مؤكد بأنه ينظر للقرار على أنه تكريم للصحفيين.