ركزت افتتاحيات عدد من الصحف الخليجية الرسمية الصادرة يوم السبت على تداعيات المشهد الداخلي اليمني وما يشهدة من عودة لدعوات الانفصال وأعمال العنف التي برزت مؤخرا في جنوب البلاد بالتزامن مع الاحتفالات بالعيد الوطني ال19 لإعادة تحقيق الوحدة . وفيما أبدت حرص على يمن موحد ومخاوف على تجربته التاريخية التي أسقطت التجزئة ، تداخلت أطروحاتها بين هجوم لاذع ضد النظام الممسك بمقاليد الحكم فيما أجمعت على وصفة بالأزمة الناتجة عن الاستعلاء وغياب العدل والمساوات، وبين محذر من مخطط شيطاني ، وأخر يرى في صمم السلطة عن أراء معارضيها مخل بالتوازن المطلوب للحفاظ على الوحدة الوطنية. صحيفة الخليج الاماراتية وفي افتتاحيتها التي حملت عنوان " الوحدة والتنمية والعدالة"هاجمت وبشدة البعد الداخلي –في شق الممسك لمقاليد الحكم – محملة إياه مسئولية ما يحصل الآن. وانطلاقا من الخوف على اليمن وأهله وما تقتضي الصراحة -بحسب ما جاء في افتتاحية الخليج- قالت "إن ما يحصل الآن ليس ابن ساعته، بل هو نتيجة تداعيات أزمة قائمة منذ الأيام الأولى للوحدة، لم يتم العمل الجدي على تداركها وحلها بما يخدم هدف الوحدة". وبمنطق شديد اللهجة اعتبرت" انه ليس كافياً إزالة الحدود، ورفع علم الوحدة، والصدح بنشيدها والتغني بأهميتها وعظمتها، ذلك لأن المطلوب هو استمرار الوحدة والحفاظ عليها وتعظيم دورها من خلال تكريس مبادئ العدالة والمساواة، وتعميم التنمية، وإزالة الفوارق بين مختلف مكونات الشعب، وتجاوز منطق الغلبة والانتصار والقهر، لأن الإبقاء على كل السلبيات ينمي الشعور بالغبن والحرمان وهذا يؤدي إلى عدم الشعور بالأمان ولا يخدم هدف الانتماء للوطن، بل ويهدد مقومات الوحدة من الأساس" . وأضافت بالقول" أجل، هناك أزمة مديدة لم يتم التعامل معها بإيجابية، أدت إلى النتائج السلبية التي نشهد فصولها الآن . هذه الأزمة لا تبرير لها، كما أن لا تبرير لتهديد وحدة اليمن والعودة إلى شرذمته وتفتيته أمام أعين الجميع، بما يعود بالذاكرة إلى نماذج الصوملة والعرقنة والقبرصة" . وأكدت على ان أبناء اليمن، قيادة وأحزاباً وقوى، مدعوون لتدارك الأمر من خلال وضع الإصبع على الداء_الذي قالت انه " معروف وواضح"، والانطلاق في البحث عن مخرج مشرف بعقل مفتوح ومن دون ، ما وصفته الافتتاحية ب"هواجس ومخاوف واستعلاء، وعلى قاعدة أن اليمن لكل أبنائه، وهم متساوون في الحقوق والواجبات، وفي السراء والضراء" مضيفة "نخاف على اليمن، ونقلق عليه، وندعو إلى التبصر بحكمة وعقل وعدل ". من جانبها أشارت افتتاحية صحيفة الوطن السعودية إلى احتفال اليمن أول من أمس بالذكرى ال19 لقيام دولة الوحدة، متزامنا مع ظروف دقيقة تمر بها البلاد تستهدف سيادتها وأمنها ومقدراتها. مؤكدة ان هذه المرحلة من تاريخ البلاد تتطلب اليقظة والحذر وتستوجب من كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات الاجتماعية والثقافية في السلطة والمعارضة، الاصطفاف لمواجهة التحديات الماثلة. وتطرقت افتتاحية الوطن السعودية إلى ما مرت به الوحدة اليمنية من اختبارات جسام عبر تلك السنوات، مستدركة بالقول "إلا أن التحديات بلغت ذروتها خلال الأشهر الماضية مع تجدد المواجهات في جنوب البلاد مع محتجين ساخطين على أوضاعهم الاقتصادية، بجانب المعركة التي تخوضها السلطات اليمنية بكل بسالة مع تنظيم القاعدة الذي يسعى لجعل اليمن منصة للانطلاق لتنفيذ عملياته الإرهابية في المنطقة". ونوهت الافتتاحية إلى كون المرحلة الحالية التي يعيشها اليمن تتطلب عملا جادا ومخلصا لتعزيز روابط الوحدة الوطنية لأن الوطن ملك للجميع وبحاجة إلى جهود كل أبنائه. وفيما شددة على اهمية أن تبقى الوحدة ملكاً لكل اليمنيين لأنهم شعب واحد ومصيرهم مشترك، إذ إن التشطير ضد مصلحة المواطن والوطن، طالبت السلطة الحاكمة في اليمن أن تستمع للطرف الآخر في جانب المعارضة وأخذ آرائه على محمل الجد، لأن من شأن ذلك أن يحدث قدرا كبيرا من التوازن المطلوب. وأضافت" كما أن الحوار يجب أن يكون هو السبيل الوحيد لحل القضايا الخلافية، لأنه ومهما تباينت الرؤى، فإنها تظل مشروعة طالما كانت في الإطار السلمي وضمن الالتزام بالثوابت الوطنية". كما أن المطلوب أيضا –وفقا لافتتاحية الوطن السعودية "السعي بكل جدية لاستكمال تطوير النظام السياسي وترسيخ القيم الديموقراطية وجعل الوحدة جاذبة من خلال حشد الطاقات نحو البناء والتنمية، وإيجاد موارد جديدة ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة، وتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة، لاسيما في المحافظات الأقل نموا". وخلصت بالقول "إن الخروج من نفق الأزمة التي تعيشها البلاد حاليا، مع تنامي حالة الاحتقان في محافظات الجنوب، يتطلب في الأساس إرادة سياسية ووطنية حقيقية تجسد الوعي وتتبنى الحوار حتى يمكن عزل الدعوات التي تنادي بالانفصال وتريد العودة بعقارب الساعة للوراء". في السياق كانت افتتاحية الراية القطرية قد سبق امس قد عبرت عن الأسف امن ان ينزلق اليمنيون في توترات جديدة بجنوب البلاد ويسعى البعض لإعادة عقارب الساعة للوراء بالحديث عن فصل الجنوب عن الشمال بدعاوى وصفتها الراية ب"واهية وغير منطقية في وقت يحتفلون فيه بالذكرى التاسعة عشرة للوحدة اليمنية التي يجب الحفاظ عليها لانها من المكتسبات التي استطاعت الأجيال الحالية من الشمال والجنوب تحقيقها". واعتبرت ان اية محاولة للتنصل من هذه الوحدة امر غير مقبول ولا يجب ان يسمح به اليمنيون باعتبار ان ذلك من الخطوط الحمراء التي لا يجب لأي يمني مهما كان خلافه مع الحكومة ان يتخطاها. ونبهت افتتاحية الراية القطرية إلى" ان ما يحصل بجنوب اليمن ليس المطالبة بالانفصال فقط وانما هو مخطط لتقسيم اليمن الى اربع دويلات صغيرة يقف خلفها - كما يرى سياسيون ومراقبون يمنيون -جهات اجنبية بهدف السيطرة على الثروات النفطية والتحكم في الممرات البحرية في البحرالاحمر وخليج عدن". ولذلك طالبت من القادة اليمنيين خاصة بالجنوب والذين يقفون وراء الاضطرابات والمظاهرات المطلبية والتي تحولت الى مظاهرات ضد الوحدة، الانتباه الى هذا المخطط الذى يستهدف اليمن كوطن للجميع وجعلهم مخلب قط لتنفيذه. وقالت "من المؤكد ان هناك مطالب شعبية في الجنوب كما هو في الشمال وان الحكومة قد اعترفت بها ووعدت بتلبيتها ومضت بعيدا في الاستجابة لها ولكن ان تتحول الاحتجاجات المطلبية الى مواجهة مسلحة ضد الحكومة وبشعارات ضد وحدة اليمن وبشكل علني ، فهذا غير مقبول ولا يجب السماح به خاصة ان هناك جهات استغلت هذه المظاهرات الشعبية لتحقيق مآرب أخرى هدفها الاساسي فصل الجنوب عن الشمال بأسلوب الفوضى الخلاقة والذى يستهدف تدمير كل البنى التحتية بمدن وقرى الجنوب وجر اليمنيين الى حرب اهلية شاملة هم في غنى عنها". وفيما قالت انه "من المهم ان يدرك الداعون لفصل الجنوب عن الشمال اليمني ان هذا المخطط نبت شيطاني يضر الجميع ،وانهم بمسلكهم غير المنطقي قد منحوا اعداء اليمن خاصة القاعدة والتي اعلنت دعمها للانفصاليين الفرصة للعبث بمقدسات اليمنيين وتنفيذ مخططها التي عجزت عن تنفيذه بسبب وحدتهم ". أكدت على ضرورة "ان يعني قادة الانفصال هذا المخطط والذي لن يحقق لهم ما يريدون من دولة مزعومة، لان الآخرين يستغلونه كوسيلة لمآربهم الآثمة والتي تضر بكل اليمن". وشددت الراية الى ضرورة "ان تدرك الحكومة والمعارضة خطورة الموقف الحالي والعمل معا للخروج من نفقها" ،مقترحة "مؤتمر حوار وطني جامع يضم جميع الاحزاب والشخصيات السياسية والقبلية بالشمال والجنوب يخرج بتوصيات وقرارات ملزمة تعيد الأمور الى وضعها الطبيعي " ، مضيفة "فليس من المعقول ان يعيش اليمن في الأزمات، فقد عايش ازمة متمردى الحوثي والآن يعيش دوامة المطالب الانفصالية". واختتمت افتتاحية الراية القطرية بالقول "ان الجميع مطالبون بالحفاظ على وحدة اليمن لأن الانفصال لن يتوقف عند الجنوب فقط وهذا ما يجب ان يدركه الجميع قبل فوات الأوان".