تضاءلت الآمال في العثور على ناجين آخرين بعد مرور اكثر من 48 ساعة على حادث طائرة الخطوط الجوية اليمنية المنكوبة التي تحطمت قبالة سواحل جزر القمر صباح الثلاثاء الماضي . وغادر وزير الدولة الفرنسي لشؤون التعاون (الان جويانديه) مساء الاربعاء مطار موروني حاملا الى باريس الناجيه الوحيدة من الحادث وما يراه "الورقة الرابحة" لتعزيز الأحكام المسبقة للمسئولين الفرنسيين منذ وقع الكارثة بعدم صلاحية الطائرة. واحتجت الجهات القمرية بشكل غير معلن على إصرار فرنسا على نقل الناجية الوحيدة من الحادث حتى الآن إلى خرج جزر القمر. اليمن كان قد عزز أمس فريقه الفني في ( موروني) عاصمة جزر القمر بفريق إضافي الى جانب غواصين من القوات الخاصة اليمنية للمشاركة في عملية البحث والإنقاذ وانتشال جثث الضحايا وحطام الطائرة والصندوقين الأسود بعد أنباء من تحديد مكان احدهم . في الاثناء تتواصل الحملة لوسائل الاعلام الفرنسية والغربية ضد شركة الخطوط اليمنية الجوية ،استنادا إلى اتهامات أضحت أحكاما تسبق كل نتائج التحقيق والصندوق الاسود ولا تستند الى حقائق . خبير امريكي في الملاحة الجوية انتقد تحميل فرنسا للجانب اليمني مسئولية الحادث بإظهار ان سبب سقوط الطائرة اليمنية نتيجة سو حالتها وخلل كبير فيها ، معتبرا في حديث لقناة الحرة مساء الأربعاء أن أية أحكام لا تستند الى نتائج التحقيقات ومحتوى الصندوق الأسود متسرعة ومجافية للحقيقة . مسئولون يمنيون ومن جزر القمر اكدوا ان ما تمارسه فرنسا في تعاطيها مع الحادث إعلاميا واطلاق الاتهامات والأحكام المسبقة عبر القنوات الاوروبية، حملة شعواء لا تستند لحقائق الواقع غير مسئولة ، تستهدف شركة الطيران اليمنية لكونها تعمل كناقل وطني في بلدين فقيرين اليمن وجز القمر . إبراهيم عبد الله وكيل وزارة الخارجية القمرية، اتهم اليوم الخميس فرنسا بشن ما وصفه بحملة إعلامية شعواء على بلاده على خلفية حادث تحطم الطائرة اليمنية ، كما حمل بشدة على تغطية وسائل الإعلام الفرنسية للحادث، وقال إن دوائر فرنسية مشبوهة تسعى إلى تسميم العلاقات بين بلاده واليمن. وكشف إبراهيم عبد الله في اتصال هاتفي من العاصمة القمرية مورونى لصحيفة «الشرق الأوسط» في عددها اليوم عن بدايات توتر في العلاقات القمرية الفرنسية على خلفية هذا الحادث، وقال إن الجهات القمرية احتجت بشكل غير معلن على إصرار فرنسا على نقل الناجية الوحيدة من الحادث حتى الآن إلى خارج جزر القمر. وقال: «لا نريد أن يكون بيننا شد وجذب مع فرنسا، لكنهم أرسلوا أشخاصا غير جيدين لانتشال الجثث، والصيادون المحليون لدينا كانوا أكثر مهارة منهم». وكشف عن حقائق تتعلق بالدور الفرنسي على الواقع ازاء انتشال ضحايا الطائرة وقال «مررت الاربعاء على المستشفى المركزي في العاصمة مورونى وسألت: أين هي الجثث التي تباهت البحرية الفرنسية وأسطولها وغطاسوها بانتشالهم؟ فقيل لي إنهم لم ينجحوا حتى الآن في انتشال أي جثة»، مشيرا إلى أن انتشال جثث الضحايا الثلاث حتى الآن تم بواسطة الإمكانيات المحلية المحدودة وعلى أيدي صيادين. ومضى إلى القول: «العملية الكبيرة والشاقة يقوم بها المحليون»، منتقدا مسؤولين في الحكومة الفرنسية قالوا قبل يومين إن الطائرة المنكوبة حوت عيوبا خطيرة وما كان لها أن تطير مجددا. وتساءل: «إذن لماذا لم يبلغنا الفرنسيون بذلك، إذا كانوا منعوها من الطيران في فرنسا؟»، موضحا أن هناك فرنسيين وغيرهم يركبون الطائرة من مارسيليا وباريس، فكان يجب إخطار الجهات التي يتوجهون إليها. وأضاف: «هم لم يخطرونا بوضع الطائرة مطلقا، وبالتالي لا نستطيع أن نمنع أي طائرة من أن تأتى إلينا». وأكد أن اليمن حكومة وشعبا يشاطر حكومته وبلاده العزاء في هذا المصاب الجلل، معتبرا أنه «ليس هناك ما يدعو الفرنسيين إلى الاصطياد في المياه العكرة ومحاولة الوقيعة بيننا وبين أشقائنا اليمنيين». وتابع: «المفروض أن اليمن هي الدولة العربية التي تسير رحلة طيران إلى جزر القمر، وهى تتكبد الخسائر في سبيل ذلك. أحيانا لا يكون على متنها سوى ستة أشخاص. اليمنية سجلّها نظيف ومعروفة». ولفت إلى أن المواطنين في فرنسا انجرفوا وراء هذا التعصب والحقد الفرنسي الأسود، على حد تعبيره. وقال: «إحداهن قالت عبر إحدى المحطات الفرنسية إنها عثرت على فأر داخل الطائرة، وأخرى زعمت أنها وقفت من صنعاء إلى مورونى. هل معقول أن الدم لم يجف في عروق هذه المرأة؟». واختتم إبراهيم تصريحاته النارية ل«الشرق الأوسط» بقوله: «هذا كلام لا يجوز، ويصعب علينا تصديقه، ولا ينبغي أن يصدر من دولة بحجم فرنسا». رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية عبد الخالق القاضي كان قد سبق المسئول في جزر القمر بانتقد شديد لوسائل الإعلام الفرنسية والغربية متهما إياها بأنها تشن هجوما لا يستند إلى حقائق الواقع فيما يتعلق بحادثة سقوط الطائرة اليمنية يوم الثلاثاء بالقرب من جزيرة موروني عاصمة جمهورية جزر القمر. وأوضح القاضي في مؤتمر صحفي امس الأربعاء بمطار صنعاء الدولي أن وسائل الإعلام الفرنسية والأوروبية بالغت في اتهام الشركة اليمنية بالقصور في صيانة الطائرات، وقال "هذا كلام غير صحيح وغير مسئول وللأسف قامت بالتهكم على الشركة كونها في بلد فقير" وأشار رئيس الشركة اليمنية إلى أن تاريخ الشركة وسجلها نظيف كونها تخضع لمعايير السلامة المعمول بها دوليا . وتابع "نحن نطير منذ أربعين سنة بمعدل أربعين ألف ساعة في السنة، وهذا لا يعطي الحق لأي كان بأن يمسح تاريخنا بسبب هذه الحادثة". وأضاف أن "أربعين سنة من الطيران لم تأتي مصادفة وإنما جاءت نتيجة مجهود كبير وصيانة مستمرة وعمل باتقان". وأعلن رئيس مجلس إدارة اليمنية بأن الشركة ستدفع تعويضات اولية لأسر ضحايا الطائرة لمنكوبة بمبلغ 20 الف يورو لأسرة كل ضحية . الى ذلك أعلنت اللجنة العليا لمتابعة حوادث الطيران المدني في اليمن جنسيات ركاب الطائرة المنكوبة البالغ عددهم 153 تتوزع بواقع 75 من جزر القمر و65 فرنسيا وكندي وفلسطيني إضافة إلى طاقم الطائرة ال 11 وهم 6 يمنيين ومغربيتان وأندونيسية وأثيوبية وفلبينية . وأشار عبدالقادر إلى أن طائرات فرنسية وأمريكية تشارك حاليا في عمليات البحث والإنقاذ . وأكد أنه من خلال متابعة اللجنة لعدة جهات رسمية فإنه لم يتم التأكيد على وجود أي ناجين جدد حسب ما تناقلته بعض وسائل الإعلام وأن الناجي الوحيد حتى مساء امس الاربعاء هي الفتاة الفرنسية البالغة من العمر 14 عاماً . من جانبه أكد مدير الصيانة في شركة الخطوط الجوية اليمنية حسن الحوثي أن كابتن الطائرة ووفقا لتأكيدات برج مطار موروني لم يصدر عنه أي نداء استغاثة يفيد بوجود أي عطل فني في الطائرة وأنه تلقى تعليمات من برج المطار لتغيير اتجاه الطائرة نتيجة الرياح الشديدة التي واجهت الطائرة أثناء الهبوط . وقال إن أكثر الاحتمالات هو تقلبات الطقس كما أكد ذلك وزير النقل الفرنسي .. مؤكدا أن الخطوط الجوية اليمنية تقوم بالعمل حسب متطلبات السلامة الدولية تحت إشراف دولي وبمشاركة المصنع . ولفت الحوثي إلى أن الظروف التي واجهتها الطائرة أثناء الهبوط كانت غير مناسبة .. وقال "الطائرة هبطت في ليلة ظلماء في جو عاصف جدا وكان ارتفاع أمواج البحر فيه يزيد عن 20 متراً " . وذكر أن الطائرة الإيرباص 310 المنكوبة كانت تحت الصيانة المكثفة منذ بداية العام الجاري 2009 حتى وقت خروجها للخدمة في مايو الماضي وأنها خضعت لصيانة مكثفة تحت إشراف الشركة المصنعة . وشدد مدير الصيانة بشركة الخطوط الجوية اليمنية حسن الحوثي على أن الطائرة تخضع لرقابة دولية ومن الهيئة العامة للطيران المدني كما تخضع لرقابة فنيه كل ستة أشهر من الهيئة العامة للطيران المدني الفرنسي والأوربي .. مشيراً إلى أن الخطوط الجوية اليمنية تقوم بالصيانة وفقا للمقاييس والمعايير الدولية . وباتجاه متصل قالت اللجنة الأوروبية أنها أبلغت شركة الخطوط الجوية اليمنية في رسالة بعد سقوط إحدى طائراتها في المحيط الهندي بأن فحوص السلامة الاوروبية لطائرة الركاب اليمنية كشفت عن "نتائج مُهمة" في مجال الصيانة. وطالبت الرسالة اليمن بتقديم ضمانات بأنها ستتخذ "إجراء تصحيحيا" لأوجه النقص ، أو قد تعرض نفسها لحظر يمنعها من العمل في دول الاتحاد الاوروبي. وجاء في الرسالة التي نشرتها وكالة "رويترز "ما لم تتسلم اللجنة أدلة كافية فيما يتعلق بالمعلومات المطلوبة فإنها ستضطر الى تقديم اقتراح بفرض حظر على جميع عمليات شركة الخطوط الجوية اليمنية في الاتحاد الأوروبي.