خلال الشهرين الماضيين صعد المتمردين من حركة الحوثي "الشيعية" في محافظة صعدة "شمال غرب اليمن " من أعمالهم المسلحة على نحو خطير ويبعث الحيرة . سلسلة هجمات للاستلاء على مواقع للجيش والسيطرة الكاملة على مختلف مديريات صعدة ، واعتقال وقتل المئات من المواطنين والجنود ، الى جانب مناورة استعراضية في مناطق المحافظة التي احكمت السيطرة عليها مؤخرا على الحدود السعودية استخدمت فيها مختلف انواع الاسلحة والمعدات العسكرية ، بل والاتجاه للسيطرة على سلسلة الجبال الحدودية امتدادا الى ساحل البحر الاحمر. فشلت كل مساعي التهدئة للجان الوساطات المحلية لاحتواء ذلك التصعيد ..كان يظهر عناصر الحوثي اصرارا عجيبا على نسف قرار انها العمليات العسكرية الذي أعلنه الرئيس صالح في يونيو العام الماضي حقنا لدماء ابناء شعبه. وصل المتمردين لايقاظ الحرب من جديد مع قوات الجيش لادراكهم ان ما قاموا به فقط خلال اقل من شهرين كفيل بثوران بركان حتى وسط الجليد..ما يدفع لتساؤل لماذا ؟ وعلى ماذا يراهنون ؟ . هل على جبهة صراع واقتتال دموي لا ينتهي ويدركون فداحته ؟ ام على عودة وساطة قطب المعسكر الايراني في الخليج بشعار الخوف على اليمن واهله ، والذي مكن المتمردين ذات يوم من اعادة ترتيب الصفوف واهدار معنويات الجيش ، لإبقاء اليمن والمملكة مهددين في نسيجهما الاجتماعي وأمنهما القومي ومصالحهما المرتبطة مع الغرب المناهض لإيران وحرسها الثوري الطامح لنفوذ بوابته الثانية بعد العراق ، اليمن الفقير المكتظ بمشاكلة الاقتصادية وإهتراء الولاء الوطني لكثير من أبنائه .. بالأمس الخميس أعلن المكتب الإعلامى لعبد الملك بدر الدين الحوثى زعيم متمردي صعدة رفضه للبنود الستة التى أعلنتها اللجنة الأمنية اليمنية العليا للسلام فى صعدة. وأكد المكتب فى بيان "مواصلة الحرب فى ظل ما وصفه بالدفاع عن النفس كحق مشروع ومقدس" . واتهم بيان الحوثى السلطة برفض اتفاق الدوحة وعرقلة تنفيذه، مطالبا باستئنافها اثر اشتداد ضربات الجيش على مواقعهم. وقبل ذلك –أي يوم الاربعاء- دخلت دولة قطر الخط مطالبة الطرفين ضبط النفس وايقاف القتال وكل العمليات العدائية فورا والدخول في حوار جاد يقود إلى وقف دائم لاطلاق النار وتجنيب اليمن مخاطر الفوضى. وعبر افتتاحية الراية القطرية قالت إن ما يحدث الآن بمحافظة صعدة من تصعيد خطير للأوضاع أمر غير مقبول ومضر بالأمن والاستقرار في اليمن ويؤكد أن الطرفين غير جادين للبحث عن وسائل أخرى غير القتال لتحقيق مكاسب باعتبار أن القتال الحالي ليس له مبرر ولا يجب أن يستمر مهما كانت الدوافع لان هناك بدائل أخرى غير القتال كان يمكن اللجوء اليها خاصة أن الطرفين وقعا اتفاق الدوحة وانهما مطالبان بالالتزام به- حد قولها. ***** ثمة أمور خطرة تجري في الخليج واليمن ليست واضحة للرأي العام، و لكن في مطلق الأحوال فإن ما يدور اليوم في اليمن شماله وجنوبه هو عبارة عن لعبة إقليمية بكل المقاييس. ولايضاح الصورة اكثر نسرد التحليل التالي دون تدخل وهو ل" بيير روسلن" رئيس تحرير الشؤون الخارجية في صحيفة لوفيغارو الفرنسية ونشر في 23 يوليو الفائت ، وفيه ما يجيب على كثير من الأسئلة.. إيران تثير قلق دول الخليج ..* بيير روسلن - «لوفيغارو» القلق من عودة إيران كقوة عظمى مع امتلاك مقومات تصدير الثورة ليس شعورا جديدا في منطقة الخليج العربي ، فتاريخ المنطقة حافل بمواجهات عسكرية عديدة على مر العصور. لكن الجديد يكمن في كيفية تعامل السلطات الإيرانية مع أزمة الثقة التي أنتجها الخلاف في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، إذ يذهب عدد كبير من المراقبين إلى أن إيران ستفتعل أزمة إقليمية جديدة لإلهاء الرأي العام الداخلي والخارجي بقضية غير قضية الانتخابات الإيرانية. ذلك الانطباع تولد من انحياز المرشد الأعلى ، علي خامنئي ، بشكل واضح لصالح أحمدي نجاد ، وهي سابقة تاريخية ، إذ لم يسبق أن تبنى المرشد الأعلى موقفا سياسيا تجاه شخصية أو حزب أو تيار سياسي. هذا القلق يبدو في المرحلة الحالية نظرية غير مؤكدة ، لكن امتلاك إيران للقنبلة الذرية سيرفع من حدة التوتر وسيضع أكثر من مبرر للقلق من توجهات طهران. الطريقة التي يتعامل بها أحمدي نجاد مع الجهود الدولية الرامية إلى حل المسألة بالطرق الدبلوماسية ، تبين بوضوح أن إيران ستسعى قريبا للعودة إلى نفوذها السابق في منطقة الخليج تحديدا وضم ضفتي الخليج ، المسمى عند إيران "الفارسي" وعند الجانب العربي "العربي" ، إلى حدود امبراطورية واحدة تملك من النفط ما يرفعها كقوة عظمى. وبحسب تقارير من مسؤولين كبار في منطقة الخليج ، فإن إيران تملك نحو 70 ألف عنصر إيراني موزعين في منطقة الخليج لهذه الغاية ، وهم يمثلون تهديدا أكبر من تهديد القاعدة. وتؤكد تقارير أخرى أن عددا كبيرا من تلك العناصر موجود أصلا في اليمن ، وبدأت تحركاتها تثير قلق أوساط محلية ودولية. إيران تعتمد في فرض نفوذها على الشيعة الموجودين على الضفة الغربية للخليج. ففي البحرين مثلا تحكم أقلية سنية بلدا يمثل الشيعة فيه نحو %70 من مجموع سكانه. وهو بلد بدا فيه التأثير الإيراني واضحا في أكثر من مناسبة. وفي السعودية تتواجد أقلية شيعية بتوزيع منتظم إلى الشرق من شبه الجزيرة العربية وهي منطقة معروفة بمخزونها الهائل من الهايدروكاربون الطبيعي. وتشارك قطر إيران في إدارة حقول غازية مشتركة عدة ما يجعل علاقة الدوحة بطهران أكثر استقرارا ، وهو ما مكن قطر من لعب دور الوسيط في أكثر من مناسبة ، خاصة فيما يتعلق بملفات حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان. أما الامارات العربية المتحدة ، التي افتتحت للتو قاعدة عسكرية فرنسية ، فيربطها بإيران خلاف قديم حول جزر ثلاث تحتل موقعا استراتيجيا في مضيق هرمز. ويؤكد مراقبون أن جهود إيران لا تتوقف عند زعزعة الأمن في منطقة الخليج فحسب ، فالدور الإيراني بات أكثر من معروف في إثارة التوتر في لبنان مع حزب الله وفي فلسطين مع حركة حماس. وتؤكد تقارير أن هنالك اتصالات دورية مع الإخوان المسلمين في مصر مع اقتراب الرئيس حسني مبارك من بلوغ الثانية والثمانين من العمر وبروز مشكلة خلافة الحكم. ويمثل العراق ، بالتعداد الشيعي الأكبر في منطقة الخليج ، الساحة الاهم لإيران لمد النفوذ خاصة بعد الانسحاب الأميركي الجزئي حاليا والكلي خلال سنتين. ويبدو أن إيران ستحرك بيادق التأثير في منطقة الخليج عموما بعد تثبيت ركائز سياسية ولوجستية أساسية في العراق أولا. أما سياسة مد يد المصالحة والحوار التي تتبعها الإدارة الاميركية بقيادة أوباما فتثير هي الأخرى قلقا دوليا من نوع مختلف. قلق حول جدية أوباما في التعامل مع الملف الإيراني وجدوى ما تحقق حتى الآن من تلك السياسة. وفي هذه المرحلة الحساسة من اختبار السياسة الأميركية والغياب التام للدبلوماسية البريطانية نتساءل جميعا: أين الدور الفرنسي المفترض في المنطقة؟ وأين وصلت كل الجهود الدبلوماسية التي قادتها باريس؟