بدأت طهران تحركاً حثيثاً لإنقاذ المتمردين الحوثيين من عمليات الجيش اليمني الرامية لبسط سيطرت الدولة على كافة ارجاء صعدة والقضاء على "المتمردين" واستئصال شوكتهم الذي لم تفلح معه 5 مواجهات سابقة كانت تنتهي بمصالحة يستغلها الحوثيين لاعادة ترتيب صفوفهم والتوسع وبدء مناوشات مع الجيش وقتل الجنود والمواطنين الامنين "نساء وشيوخ واطفال" بحجج الاشتباه بموالاتهم للسلطة في صعده وعدم الانضمام لهم. وفيما بات اليمنيون يأملون بنهاية حاسمة للتمرد والعودة بالبلد إلى مربع الاستقرار الأمني الذي يتطلع إليه كل شعب يعاني وطنه من اهتزازات وأزمات تهدد حاضره ومستقبله وتحدياً خطيراً لسيادته واستقراره، يسير التحرك الإيراني في اتجاهات عدة استنفر معها الايرانيون كل قواهم في المنطقة. وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي وبعد يوم واحد فقط من تحذيرات شديدة اللهجة وجهها الى اليمن والسعودية ومجملها في صالح الحوثيين عاد الاربعاء ليتحث بلهجة مرنه على استعداد بلاده للتعاون مع الحكومة اليمنية من أجل إرساء الأمن في ربوع البلاد. وقال متكي في مؤتمر صحافي "إن ايران على استعداد للتعاون مع الحكومة اليمنية وبلدان أخرى لاستعادة الأمن" في اليمن داعيا إلى بذل "جهد جماعي" لتسوية النزاع بين صنعاء والحوثيين. واعتبر متكي دور ايران قد يجلب الأمن والسلام لليمنيين وللمنطقة بأسرها معتبرا أن "كل إجراء مخالف لهذه المقاربة سيخدم مصالح أعداء البلدان الإسلامية والعربية". وفي ذات الاتجاه أعلن متكي عن زيارة مرتقبة سيقوم بها الى السعودية لبحث ملفات عديدة منها حسب مصادر ايرانية الوضع في شمال اليمن وإمكانية تبني مبادرة سعودية لإيقاف المعارك بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية. حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني الموالي لإيران دعا الأربعاء في خطاب ألقاه في بيروت إلى العمل على وقف القتال في شمال اليمن الذي يحاول البعض أن يذهب به إلى حرب طائفية بشكل خطير جداً. ومن مدينة قم "المقدسة عند الشيعة" إنتقد آية الله لطف الله صافي كلبايكاني أحد مراجع الدين في ايران منظمة المؤتمر الإسلامي لتجاهل ما اسماها المجازر التي يتعرض لها أتباع اهل البيت في اليمن ودعاها وسائر المسلمين الى اتخاذ موقف حيال ذلك. وأكد على ما ذهب إليه متكي ونصر الله من حاجة الامة الإسلامية إلى توحيد الصفوف والتعاون والتضامن بين المسلمين وإصلاح ذات البين اكثر من أي وقت مضي وشدد علي أن ضعف المسلمين في بلد ما انما يعتبر ضعفا للمسلمين كافة. هذا التناغم بين إيران وأنصارها في المنطقة جاء في وقت تقترب فيه القوات المسلحة في اليمن من إنهاء تمرد الحوثيين الموالين لايران خشية سقوط ورقة تعدها طهران من اوراقها المهمة لوجود الحوثيين على حدود المملكة العربية السعودية خصم إيران ومنافسها في الإقليم. وكان قادة المتمردين الحوثيين قد دعوا السعودية إلى وقف هجماتها عليهم رغم تصريحاتهم بأن قواتهم لا تزال تتواجد في أراضي سعودية وأنهم حققوا انتصارات على الجيش السعودي. مقابل ذلك استفز الحوثيون الأقطار العربية بمهاجمتهم للمملكة العربية السعودية حيث أعلنت جميع الدول العربية عدا العراق وقوفها إلى جانب المملكة في مواجهتها للحوثيين، بل وذهبت الكويت إلى حد دعوة دول الخليج الى مشاركة السعودية عسكرياً في مواجهة المتمردين الحوثيين شمال اليمن. المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط اقام ندوة حضرها العديد من الخبراء والمهتمين وممثلى سفارتى السعودية و اليمن حول "الأزمة اليمنية مع الحوثيين وخطرها على الأمن القومى العربى. وفي الندوة قال اللواء عبد الحليم محجوب الخبير الاستراتيجى، إن الأزمة اليمنية سببها الفقر والأحوال الاقتصادية والاجتماعية السيئة فى اليمن، بالإضافة إلى سوء إدارة الموارد الاقتصادية من قبل الحكومة بالإضافة إلى التدخلات الخارجية من إيران التى تحاول بسط نفوذها داخل البلاد العربية مشيراً إلى أن كل ما سبق هيأ بيئة مناسبة ومناخاً ملائماً للحوثيين للتمرد. وطالب محجوب الحكومة اليمنية بعدم تجاهل الخطر القادم من جنوب اليمن وبداية ظهور حديث حول عودة الانفصاليين وبحثهم عن دور، وأكد أنه على الحكومة اليمنية أن تتعامل بحكمة مع الوضع حتى لا يتفاقم ويؤدى لنتيجة مماثلة لما حدث مع الحوثيين. د.نيفين مسعد نائب مدير معهد البحوث والدراسات العربية وحول الدور الإيرانى أوضحت أن إيران تعتبر اليمن دولة مهمة ذات موقع إستراتيجى وعلى الحدود مع دوله تقوم على أساس دينى ومذهب سنى منافس، وهى السعودية، وبالتالى فمن الطبيعى أن تهتم إيران بالتواجد القوى فى اليمن. واشارت الى ان هناك دعماً سياسياً ودبلوماسياً إيرانياًَ للحوثيين تمثل فى الزيارات المتبادلة بينهم ويظهر بشدة أيضاً فى "النظام السياسى المؤسس على ولاية الفقيه"، والذى يتبناه الحوثيون. وأضافت جولة الحرب الأخيرة بين الحكومة اليمنية والحوثيين تتمتع بطابع خاص ومثير ويرجع إلى أن الملف النووى الإيرانى قارب على الحسم أو أنه يراد له أن يحسم ولذلك حركت إيران الحوثيين بكل هذه القوه لتثبت أن لها أذرع قويه فى البلاد العربية ولتدعم موقفها فى حال اضطرارها للدخول فى مفاوضات من أجل استكمال الحلم النووى.