رجحت مصادر مصرفية استمرار البنك المركزي اليمني في ضخ مزيدا من العملات الأجنبية إلى السوق المحلية لدعم العملة الوطنية الريال والذي شهد خلال الأسبوع الماضي تراجعا إلى أدنى مستوى له على الإطلاق أمام الدولار، وسط اتهامات للحكومة ، ومخوف من انعكاسات استمرار انحدار سعر الريال لصالح ارتفاع أسعار كثير من السلع والخدمات الأساسية، ما سيزيد من عدد الفقراء الذين يشكلون حالياً 50 % من مجموع السكان في اليمن". ورغم بيع البنك المركزي في اكبر عملية تدخل متتابع في تاريخه مبلغ بلغ 452 مليون دولار في غضون عشرة ايام، يؤكد متعاملين ان سعر صرف العملة اليمنية لم يشهد أي تحسنا ملموسا حيث بقى متأرجحا بين 215 و210 للدولار نتيجة الاقبال الكبير على شراء العملات الأجنبية مع توقعات خلقتها اضطرابات السوق مؤخرا لمزيد من ارتفاع سعر الصرف للدولار مقابل العملة المحلية. وقال البنك المركزي انه أصدر تعميما للبنوك وشركات الصرافة بأنه سيواصل بيع العملات الأجنبية حتى يتم تغطية كافة احتياجات السوق من العملات ودعما للريال وبلغ سعر صرف العملة الخضراء في الأسواق المحلية 215 ريالاً، حتى الخميس محققا ارتفاعاً بتسعة ريالات في غضون أقل من عشرة أيام. وبذلك يكون الريال خسر حوالي 4.2 % من قيمته أمام الدولار في غضون عشرة أيام. وباع البنك المركزي يومي الثلاثاء والاربعاء الماضيين 238 مليون دولار ،قال انها بحسب طلبات قدمت إليه ، لتضاف إلى مبلغ 214 مليون دولار كان قد ضخها الى السوق المحلية في 12 يناير الجاري ليصل إجمالي ما قام البنك ببيعه خلال يناير إلى 452 مليون دولار. وفي السياق اتهم رئيس الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة جمال المترب ، الحكومة بالوقوف خلف ارتفاع سعر الدولار أمام الريال لتغطية جزء من عجز الميزانية العامة من عوائد مبيعات النفط من العملة الصعبة. ونقل موقع حزب الاصلاح المعارض "الصحوة نت" عن المترب قوله "أن زيادة الدعم للمشتقات النفطية قد يكون له أثر سلبي وأثر ايجابي على ميزانية الحكومة". وأكد المترب بأن تذبذب أسعار الصرف كبير وهذا يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وإرباك السوق وتوقيف عمليات الشراء لأن السوق اليمني يبيع بالآجل وقد يأخذ الأمر شهراً لتحصيل قيمة البضاعة المباعة اليوم وحينها لا أحد يعلم كم سيكون سعر الصرف. وأشار رئيس تجارية العاصمة إلى أن البنك المركزي على مدى السنوات الماضية نجح في التحكم بسعر الصرف ويحتمل أن يواصل البنك دوره في تثبيت سعر الصرف، مشيرا إلى أن محافظ البنك ونائبه مسافران وربما هذا ما أدى إلى إرباك سعر الدولار. وكان رئيس مركز الإعلام الاقتصادي (غير الحكومي ) أكد "إن الاقتصاد اليمني يعاني أزمة خانقة في ما يتعلق بالعملة الأجنبية، بسبب تراجع عائدات النفط والأزمات الداخلية التي تتمثل في حالة الشلل في القطاع السياحي". وأشار أيضاً إلى "تراجع صادرات الأسماك وغيرها من القطاعات، التي تولد العملة الصعبة للاقتصاد اليمني، وهذا التراجع في أسعار العملة هو مظهر من مظاهر الخلل الذي يعيشه الاقتصاد اليمني، وتعبير عن حالة الفشل للسياسة النقدية التي يديرها البنك المركزي اليمني". واعتبر مصطفى نصر أن "المعالجات الآنية لم تعد مجدية في الوقت الراهن". وأعرب عن اعتقاده بأنه من الصعب أن تعود أسعار الريال "إلى وضعها الطبيعي، بل بالعكس نتوقع أن تتصاعد الأزمة إذا لم يتم تداركها والتخفيف من آثارها السلبية". وأشار نصر إلى أن استمرار انحدار سعر الريال له آثار سلبية على الاقتصاد اليمني، إذ إنه "سيرفع أسعار كثير من السلع والخدمات الأساسية، وهو ما سيزيد من عدد الفقراء الذين يشكلون حالياً 50 % من مجموع السكان في اليمن". وطالب رئيس مركز الإعلام الاقتصادي "باجتماع طارئ للمعنيين في إدارة السياسة النقدية لضبط السوق والحد من التلاعب في بيع العملة وشرائها"، مؤكداً أن "أحد مظاهر هذا التلاعب هو الفارق الكبير بين سعر البيع وسعر الشراء في الدولار، حيث وصل سعر البيع إلى 217، فيما سعر الشراء 213 ريالاً".