بكى رجل، وهو أمين عام لمجلس محلي لإحدى مديريات محافظة عدن، لأنه عجز عن توفير مال لعلاج زوجته، في وقت تتبعثر فيه الأموال يميناً وشمالاً على قضايا تافهة، بعضها يخرج من بنود لا علاقة لها بالجوانب الإنسانية، بل ب"الفهلوة" والشطارة؛ بنود يمكن أن تسيل منها ملايين، بل ومليارات من الريالات في أماكن غير أماكنها، كتلك التي يمكن إنفاقها على ثمانية آلاف شخص تقرر دعوتهم لحضور فعاليات المؤتمر الوطني للحوار الذي تأجل إلى أجل غير مسمى. بكى الرجل، وهو قيادي محلي بارز ومعروف، لأنه لم يجد من قيادة محافظة عدن التجاوب اللازم لإنقاذ زوجته التي كانت تحتاج مبلغاً من المال لإنقاذها خلال أربع وعشرين ساعة. غضب الرجل وبكاؤه زاد عندما خاطب المصلين في إحدى مساجد مديرية صيرة في صلاة الغائب على زوجته التي توفيت في بلاد غير بلادها، عندما قال إنه ترجى قيادة السلطة المحلية في المدينة، وهو أحد قادتها وأحد أعضاء الحزب الحاكم، لتوفير مساعدة لإسعاف زوجته التي كانت تعاني من السرطان، فلم يتجاوب معه أحد، فكيف إذا كان الرجل مجرد مواطن لا يملك أي شيء؟! تفوح روائح خلافات حادة في أروقة السلطة المحلية بمدينة عدن، وكل يوم تزودنا وسائل الإعلام بالكثير من الخلافات بين قادتها، وهو أمر يؤثر على سير ونشاط الحياة والاستثمار في محافظة تعد من أهم مناطق البلاد.. والسؤال هو: لماذا هذا الصمت على هذه الخلافات؟، وهل يجب أن ننتظر حتى خراب مالطا لنقوم بعدها بمعالجة الأزمات؟! هذه الخلافات لا تقتصر على مدينة عدن، بل رأينا وسمعنا عن خلافات شهدتها محافظات أخرى، مثل ريمة والبيضاء، والجوف ومارب، وكانت المعالجات تتم دائماً متأخرة، وبعض من هذه الخلافات لا يزال باقياً دون حل. وهناك خلافات لا تصل إلى وسائل الإعلام تدور في كواليس الوزارات والمحافظات وغيرها من الوحدات الإدارية وتؤثر على حياة المواطنين. الحلول المتأخرة لا تحل أزمات، بل تفاقمها، وصمت الجهات المركزية وعجزها عن حل هذه الأزمات يجعلها تتمدد وتصبح غير ممكنة الحلول، وعندما يأتي التدخل المركزي يكون قاصراً وترقيعياً. نحن بحاجة إلى مراقبة الأوضاع التي تعيشها المحافظات ومعالجة الاختلالات التي تواجهها بصرامة دون تأخير حتى لا تأتي المعالجات متأخرة وتكون نتائج هذا التأخير كارثية!. *( السياسية )