لاقى الهجوم الانتحاري الفاشل الذي استهدف موكب السفير البريطاني بصنعاء صباح أمس استنكاراً وإدانة شعبية وحزبية واسعة، من كافة الفعاليات السياسية والمدنية والاجتماعية بوصفه عملا إرهابيا جبان وجريمة شنعاء بحق اليمن واليمنيين ويتنافى مع كل القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية، في وقت أكدت فيه مصادر متطابقة تعاون بريطاني يمني في التحقيق في ملابسات الهجوم وكشف مزيد من تفاصيله وخيوطه. ونقلت صحيفة الجارديان البريطانية في عددها الصادر أمس عن الدكتور عبدالكريم الإرياني المستشار السياسي لرئيس الجمهورية قوله إن الهجوم كان واحداً من أخطر الأعمال الإرهابية التي حدثت في اليمن. وأضاف الإرياني - بحسب ما نقلته الصحيفة- إن استهداف سفير يتمتع بحماية الحكومة اليمنية يجعل الضرر الذي سيلحق باليمن لا حد له ، نحن لم نكن بحاجة لأن يخبرنا هذا الهجوم بأن القاعدة لم تغادر اليمن وأنه يجب علينا الاستمرار في جهودنا لتعقبها ومواجهتها. وكتب المحرر السياسي بصحيفة الثورة الرسمية الثلاثاء يقول ان هذه العملية الإجرامية أرادت من خلالها الفئة الضالة الرد على الضربات الموجعة والقوية التي وجهتها الأجهزة الأمنية اليمنية إلى أفرادها، ولكن الله خيب مراميها الخبيثة ولم تجن سوى الخيبة. وأضاف "ومع ذلك فإن الواجب أن يدرك الجميع أن ظاهرة الإرهاب تستهدف كل أبناء الوطن وعلينا أن نقف صفاً واحداً في مواجهة مخاطرها الماحقة وتطويقها والقضاء عليها وذلك من خلال العمل على تحصين شبابنا من الوقوع تحت تأثير عناصرها الإجرامية، ومثل هذه المسؤولية ليست مسؤولية طرف بعينه فجميع أبناء الشعب اليمني أحزاباً ومنظمات أفراداً وجماعات، علماء ومفكرين، تربويين ومرشدين، سياسيين وأولياء أمور معنيون باعتبار أن الإرهاب يستهدف الاقتصاد الوطني والسلم الاجتماعي ويستهدف الوطن والدين ووجودنا وحقنا في الحياة. فلنكن جميعاً صفاً واحداً في مواجهة هذه الآفة الخبيثة حتى يتم اجتثاثها من الجذور ويكون انتحارها النهائي. فاليمن أرض الإيمان والتسامح وأرض السلام ولا يمكن أن تكون في يوم من الأيام مأوى أو ملاذاً لعناصر الإرهاب والإجرام والتطرف". وكانت وزارة الداخلية اليمنية قالت إن المؤشرات التي رافقت الهجوم الانتحاري الفاشل الذي استهدف موكب السفير البريطاني تيم تولورو أسفر عن مصرع منفذ الهجوم عثمان علي الصلوي (22 عاماً) من أبناء محافظة تعز، تؤكد تورط "القاعدة" بمحاولة الاغتيال . وأكد بيان صادر عن وزارة الداخلية اليمنية أن الهجوم يحمل بصمات تنظيم "القاعدة"، مشيراً إلى أن ثلاثة أصيبوا هم امرأة ورجلان تصادف مرورهم أثناء وقوع الهجوم . وأردفت راوية العملية بقولها إن الانتحاري كان مفخخاً بحزام ناسف ونزل من إحدى السيارات قبل الحادثة بخمس دقائق ثم اختفى بين الناس، مشيرة إلى أنه كان يرتدي زياً رياضياً عندما اعترض موكب السفير أثناء مروره في الثامنة صباحاً أمام حديقة برلين في منطقة نقم بمديرية شعوب في العاصمة، ثم قام بتفجير نفسه أمام الموكب . وأوضحت الوزارة أن "جسد الإرهابي تناثر إلى أشلاء صغيرة وقد عثر على رأسه على بعد ثلاثة منازل من موقع الانفجار مرمياً على سطح أحد المنازل"، وأنها جمعت أشلاء الانتحاري "التي تناثرت في منطقة واسعة" من أجل تحديد هويته . ولم يصدر تنظيم "القاعدة" بياناً حول العملية، إلا أن الرجل الثاني في التنظيم، السعودي سعيد الشهري أصدر تسجيلاً صوتياً قبل أشهر دعا فيه إلى استهداف المصالح الغربية المنتشرة في الجزيرة العربية، وطالب بالاستعداد لحرب مقبلة تستهدف التنظيم في اليمن بمشاركة أمريكية غير مباشرة . من جهتها، عززت السفارة البريطانية من إجراءاتها الحراسة ووقف استقبال أية معاملات لمنح تأشيرات للسفر إلى بريطانيا بالتزامن مع فرض السلطات اليمنية تدابير أمنية مشددة على مقر السفارة البريطانية المحاذي لفندق "موفمبيك" بضاحية "نقم" إلى جانب مضاعفة الدوريات الأمنية في محيط السفارة الأمريكية . وأشار بيان صادر عن السفارة البريطانية إلى أنها ستبقي أبوابها مغلقة في وجه العامة، ونصح الرعايا البريطانيين بتوخي الحيطة والحذر، مؤكداً أن بريطانيا تجري تحقيقات مع السلطات اليمنية حول الحادث .