وحين تذكر تعز - فقط - يتفجَّر الحنين، ويتدفق الشجن، ويهل من الذاكرة ألف مشهد ومشهد. } المشهد الأول : تلك الجحافل من الشباب الذين كانوا يقدمون من عدن، كنا لا نزال نحبو، كانوا هم يتدفقون من كل محافظات البلاد، شمالها وجنوبها، بل لم يكن أحد يتحدث وقتها عن شمال وجنوب، كان الجميع يستقبل مئات الشباب، بل آلافاً يلتحقون بالحرس الوطني الذي لم يؤرّخ له كما هو قطاع الطلاب إلى الآن، كَدَوْر لا بعده دور يحسب ترسيخاً لوجود هذا الوطن. } المشهد الثاني تلك الوجوه التي طالما رأيتها ذات صباحات عند دكَّان عبداللَّه عبداللطيف القدسي، تأتي إليه تتزود بالسلاح وتذهب إلى «الجنوب» لتقاتل من أجل الاستقلال. } المشهد الثالث جحافل من شباب تأتي إلى مدرسة ناصر في شارع 26 سبتمبر، تتدرب لتحمل السلاح وتغادر من نفس الشارع نحو صنعاء، ذاهبةً لتقاتل مَنْ أرادوا إعادة العجلة إلى الوراء، كنا نتابعهم بخيالنا، بشوقنا إلى أن نكون رجالاً مثلهم، تمنينا لحظتها أن تكون أجسادنا قد نضجت لتنضم إليهم لنساهم في الدفاع عن الأرض والعرض. } المشهد الرابع علي الشيباني ومحمد علي مقبل وعبداللَّه علي عبده، وبالتوازي أحمد سلاَّم نعمان، الثلاثة الأوائل يدربون أفواج المقاومة الشعبية، أولئك الذين أتوا من قلب المدينة، من جبال حولها، من ريفها، من شجن الأطفال وأحلام الكبار، كلهم كانوا في ساحة مدرسة «ناصر» ينشدون للمستقبل الذي حلموا به، وطلاب تعز يتدفقون إلى فرق «الفتوة» يتدربون على حمل السلاح، كل شوقهم ومُناهم أن يأتوا بالمستقبل على ظهر الحلم، وأي حلم. } المشهد الخامس إلى التاسع عشر : مظاهرات تتدفق في شرايين تعز، تدعو إلى الحرية، إلى الانعتاق، ترفع صوتها في وجه الليل، ترنو إلى الصباح، وأجمل صباحات كانت تلك التي تشرق في تعز ولا تزال. وتتعدد الصور، والومضات، ويبرز القمر من بين تلال السُّحب، وتظل الشمس تشرق نهارات تعزية يرنو إليها كل الوطن من صعدة إلى المهرة، وبرغم برميل الشريجة الذي يريد البعض الآن أن يستبدله ب «تائر». وتتعدد الخطوات، ويكبر الحلم وينضج في شوارع تعز الوسيط بين عهد تولى، وعهد انتظرناه طويلاً حتى جاء من عدن، التي هي البدايات. } المشهد العشرون هي تعز - إِذَاً - دائماً إذا أبعدت السلس الأول، فقط، لتُحيل الثاني ذهباً على جيدها، سلس للبدايات، آخر للحلم، ثالث للانعتاق، رابع للحرية، خامس للمستقبل، سادس للأفق، سابع للوطن اليمني، ومن السابع حتى العشرين، لعشرين سلساً من ذهب على جيدها. الثورة