تحليل خاص - كما كان متوقعا ، أصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي حزمة من القرارات الجمهورية المكملة لعملية هيكلة الجيش اليمني بعد يوم من لقاءه بسفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية حيث عرض عليهم أخر ماتوصل اليه بشأن قرارات الهيكلة. حاول الرئيس هادي خلق عملية توازن في قرارات الهيكلة الصادرة مساء الأمس حيث أعطى القادة العسكريين الذين عملوا مع الرئيس السابق علي صالح منطقتين عسكريتين من 7 مناطق ومثله ذهبت للواء علي محسن الأحمر ليحتفظ هو بثلاث مناطق عسكرية ونصيب الأسد من التعيينات التي شملت عدد كبير من قطاعات مؤسسة الجيش . ورغم أن الرئيس هادي عين اللواء علي محسن الأحمر مستشارا له غير أن الإطاحة باللواء الأحمر من العمل في القيادة الفعلية لإحدى مناطق الجيش كان بمقابل حصول الأحمر على نصيب ليس هينا في تعيينات رئيس الجمهورية وتحديدا الألوية والوحدات التي تتبع مناطق نفوذه العسكري في غرب وشمال اليمن وصولا إلى المنطقة الشرقية التي سلمها هادي لأحد حلفاء علي محسن الأحمر محمد الصوملي . إزاحة علي محسن من المحور الشمالي لكسب رضى الحوثيين بتعيين المقدشي واستبعاد حميد القشيبي الذي كان مرشحا من علي محسن لقيادة المنطقة لم يكن كافيا ،حيث تم الدفع بالكثير من قيادات الجيش الموالية لعلي محسن إلى الألوية المتواجدة في صعده وحجه وعمران وهي المناطق التي يتواجد بها الحوثيين . في الطرف المقابل وتحديدا في صف قائد الحرس الجمهوري حول الرئيس هادي قوات الحرس وألوية من فرقة الأحمر إلى جيش احتياطي سلم قيادتها للواء علي الجائفي الذي كان سبق وعينه هادي في المنطقة الشرقية ليعين خلف له حاليا الصوملي من اجل إرضاء اللواء علي محسن الأحمر. وقد عمد هادي إلى عملية محاصصة ذكية بين علي محسن ونجل الرئيس السابق احمد علي صالح –قائد ما كان يسمى "الحرس الجمهوري" -بناها على آلية اختيار أكفأ القيادات العسكرية من صف العميد احمد علي ليواجه بها قيادات علي محسن الأكثر تطرفا وولاء لفصيل حركة الإخوان المسلمين في الجيش. وفي مقابل الطرفين انتزع هادي حصة كبيرة من تعيينات الهيكلة لصالح فريقه هو شخصيا ليعين عدد كبير من القيادات المقربة منه في مناصب مهمة من اجل إسناده في عمله الرئاسي وتقوية حصة رفاقه في الجنوب ضد فصيل علي سالم البيض الذي ينشط ميدانيا بإسم الحراك الجنوبي الانفصالي . وقبل علي محسن الأحمر ترك منصبه بعد صفقة مع الرئيس هادي عين بموجبها الكثير من أتباع الإصلاح في مؤسسة الجيش في حين اخذ من كواد الحرس الجمهوري والوحدات التي كانت تتبع العميد احمد علي صالح دون أن يكون بذلك يسعى لإرضاء العميد الشاب كما فعل مع اللواء الأحمر. ولم ينسى هادي أقارب الرئيس السابق علي صالح من قراراته ،حيث وضعهم جميعا احمد علي عبد الله صالح وطارق محمد عبد الله صالح وعمار صالح في مناصب خارج البلاد في البعثات الدبلوماسية اليمنية لدول ألمانيا وأثيوبيا والإمارات العربية المتحدة التي عين فيها احمد علي سفيرا، والآخرين ملحقين عسكريين في برلين، واديس ابابا. تعيينات أقارب صالح حملت معاني مختلفة اقلها أن هادي أراد أن يبعث بالثلاثة إلى المنفى ويخرجهم من اليمن وبالتالي القضاء على المشروع السياسي الذي يطمح اليه احمد علي صالح بقيادة حزب المؤتمر الشعبي العام إضافة إلى أن أية محاولة من احمد علي وعمار وطارق لرفض المناصب سيتم التعامل معها كرفض وإعاقة للتسوية السياسية ومطالبة المجتمع الدولي بموقف منهم . وقد جاء ترحيب العميد احمد علي صالح بقرارات الهيكلة كخطوة ذكية تصب في خانة العميد الشاب الذي طالما تعامل مع الملفات الحساسة بصمت وذكاء شديد. ويريد هادي من خلال قراراته الأخير تثبيت أقدامه بقوة في مؤسسة الحكم والاستعداد لمراحل قادمة تتجاوز الفترة الانتقالية حسب المؤشرات الاولية لعملية الهيكلة. الضربات الموجعة في مؤسسة الجيش التي تعرض لها حلفاء الشرعية الدستورية التي كان يمثلها الرئيس السابق علي صالح يواصلها الرئيس هادي من خلال تشكيل طرفي صراع جدد في مؤسسة الجيش هم أتباع قائد الحرس سابقا وأتباع علي محسن في حين تظل جبهة الرئيس هادي في الجيش هي الأكثر تماسكا وقدرة على الصمود في وجه المشاريع المناوئه له. هكذا انتهت عملية الهيكلة إلى إعادة تقسيم الجيش اليمني إلى ثلاث قوى بعد ان كان مقسوما على طرفين فقط .