ينتظر إبراهيم محمد في خيمته منذ 9 أيام تحت صورة للرئيس المعزول محمد مرسي عودة هذا الأخير إلى الحكم . ويؤمن إبراهيم بأن "الملايين تساند رئيسنا" شأنه شأن عشرات الآلاف من مناصري جماعة الإخوان المسلمين المعتصمين في مدينة نصر، شرق القاهرة، والذين باتوا معزولين عن الخارج لا يسمعون غير خطباء الجماعة، وفقاً لما اعتادوا عليه من ترديد عبارة "سمعاً وطاعة" . منذ أسبوعين يحتشد عشرات الآلاف من أنصار جماعة الإخوان، التي ينتمي إليها مرسي، في محيط مسجد رابعة العدوية في ضاحية مدينة نصر للمطالبة بعودة الرئيس المعزول . لكن هؤلاء ومعظمهم من قرى فقيرة لا يتلقون المعلومات إلا من منصة عملاقة يعتليها قادة الإخوان وأنصارهم . وعادة ما يعلن من على تلك المنصة عن أعداد مبالغ فيها للمتظاهرين المؤيدين لمرسي في الميدان وعبر البلاد، لكن المعتصمين يصدّقونها من دون نقاش، لا بل ويحتفلون بها . وزعم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان، الأحد الماضي للصحافة الأجنبية عبر بريد الكتروني أن عدد المتظاهرين في الاعتصام يتراوح بين 4 و5 ملايين مؤيد لمرسي، وهو رقم بعيد جداً عن العدد الحقيقي . يقول الشاب إبراهيم الذي جاء من محافظة الشرقية (دلتا النيل) "نحن هنا بالملايين . . أعدادنا تفوق أعداد معارضي مرسي"، ويضيف "الرئيس مرسي سيعود للحكم . المنصة تؤكد لنا ذلك" . وفيما كانت تمسك يد طفلتها التي تحمل صورة لمرسي، قالت حنان التي جاءت من الاسكندرية "نحن بالملايين، أعدادنا اكبر بكثير من المعارضة . . قنواتنا تقول ذلك ونحن نصدقها" . ويعتقد أنصار مرسي أن معظم المصريين يساندون مطالبهم، ذلك رغم ملايين المصريين الذين خرجوا في 30 حزيران/يونيو للمطالبة بعزله . ويقول المهندس سيد عبدالله "من تظاهر في 30 يونيو كانوا جنود الأمن المركزي والفلول . الإعلام كبر الصور وأشاع أن مصر كلها خرجت"، وهي رواية يوافق عليها العشرات من حوله . ومن على "منصة رابعة العدوية" قيل مراراً إن هناك مسيحيين مؤيدين لمرسي في الاعتصام للدلالة على أن الرئيس المعزول يحظى بدعم شعبي واسع، وذلك رغم مشاركة الآلاف من مسيحيي مصر في التظاهرات التي عزلت مرسي قبل أسبوعين . ويقول محمد احمد من الإسكندرية "أصدق أن هناك مسيحيين موجودين معنا في الاعتصام"، وهو ما ردده إبراهيم محمد القادم من الشرقية "يوجد بيننا مسيحيون مؤيديون لمرسي"، لكن كلاهما يؤكدان أنهما لم يقابلا أي مسيحي منذ بدء الاعتصام . ويروي دعاة من الإخوان أو مقربون منهم رؤيا في المنام عن حضور مرسي مجلساً مع الرسول وأنه طلب منه أن يؤم الصلاة، وأخرى عن ظهور الملاك جبرائيل فوق رابعة العدوية وثالثة عن الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي عزل مرسي وهو غارق في دمائه . ويقول احمد عارف الناطق باسم جماعة الإخوان "ليس لنا أي سيطرة على المنصة وما يقال عليها آراء فردية لأصحابها" . ويضيف "نحن لا نستدعي أي أكاذيب أو (نمارس) ضغوطات، ولا نضغط على احد للبقاء معنا فالقرار للمؤيدين"، في حين تشير تقارير صحفية محلية إلى ان جماعة الإخوان تجبر الكثير من أنصارها على البقاء في اعتصام رابعة العدوية من خلال احتجاز بطاقات هويتهم وهو ما نفاه عارف . وتفسيراً لتلك الظاهرة يقول د .أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي إن "غالبية أنصار مرسي مغرر بهم عبر عملية غسيل مخ وتغيير المفاهيم المعرفية من خلال قصر تثقيفهم على تعاليم الجماعة وتفسيرها للقرآن والشريعة"، وتابع "هم منفصلون تماما عن الواقع" . وعن خضوع أنصار مرسي التام لقادتهم، يقول عكاشة "هناك ما يسمى غريزة القطيع ومعناها أن البسطاء ينساقون وراء قادتهم بلا مراجعة أو تفكير" . وخلاف المنصة، يقول المئات من أنصار مرسي إنهم لا يتابعون ما يحدث في البلاد إلا من خلال بعض القنوات الدينية أو التابعة للتيار الإسلامي . وهو الأمر الذي يجعلهم معزولين تماما عن مصادر الأنباء الأخرى، سواء المحايدة أو المعارضة . ويقول د .حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة "الخطورة أن هناك قيادات قادرة على إرباك المشهد بجماهير غير واعية وليس لها إرادة حرة"، وتابع "يخشى في حال تعقد المشهد استخدامهم في عمليات انتحارية أو هجمات جماعية ضد المنشآت العسكرية والأمنية عبر خطاب ديني يعدهم بالجنة" محذراً من تحولهم إلى "قنابل موقوتة" . (أ .ف .ب)