مبررات الحوثيين لعملية خطف الدكتور بن مبارك ذكرتنا بشغل العصابات الذي طالما مارسته مراكز النفوذ في الأذرع العسكرية والإرهابية والقبلية التابعة لتنظيم الإخوان في سنوات سابقة، هذه العصابات التي تورطت وأغرقت كثيرا في عمليات قتل وخطف وإخفاء قسري للخصوم والزج بهم في السجون في سلسلة جرائم لا تزال جراحها مفتوحة حتى اليوم وكانت سببا كافيا لاقتلاعهم. في هذا الحادث البربري، غاب المكتب السياسي لجماعة أنصار الله وظهرت اللجان الشعبية في دور سياسي ليس من مهماتها التي ضجوا بها خلال الفترة الماضية، فقدموا نموذجا لما يمكن أن يصير عليه حال اليمن في ظل نفوذ العصابات. لم يصدر البيان الذي أعترف بمسؤولية اللجان الشعبية عن جريمة الخطف، عن المكتب السياسي بل صدر عن اللجان الشعبية الذراع العسكرية للجماعة والتي حاولت اقناع الناس بخطاب صادم عندما بررت قيامها بهذه العملية لخشيتها من "محاولة جهات نافذة في الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مقررات الحوار تمرير مسودة الدستور دون موافقة القوى السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة وبصورة مخالفة لمقررات الحوار الوطني. زاد من ذلك تسميتها لعملية الخطف العنجهية بأنها "توقيف اضطراري" تم اتهامهم الغامض ل "الجهات النافذة " بالسعي إلى ارضاء الخارج" بتجاوزات في مسودة الدستور ومحاولة تمريرها. تضمن البيان مبررات هوجاء حقا عندما قال إن عملية الخطف جاءت لقطع" الطريق امام محاولات الانقلاب على اتفاق السلم والشراكة" وأكثر من ذلك خلطه الأوراق بصورة غبية لا توحي بحصافة سياسية وتوعده " بسلسلة إجراءات لردع هذه القوى عن غيها، ولوقف ممارساتها الإجرامية"!! المكتب السياسي لجماعة أنصار الله نأى بنفسه عن اذاعة البيان الفضيحة، لكن العملية في النهاية بدت تكتيكا سياسيا بدائيا، لا يمكن القول أنها كانت بعيدة عن مراكز صنع القرار. لا اصدق أن الحوثيين لم يفهموا حتى اليوم أن التعاطي الرسمي مع ملف الدستور يجري حاليا مع مسودة أولية لا تزال خاضعة للنقاش والتعديل وربما التغيير الكامل وثمة خطوة قادمة في طرحه على النقاش العام ستخلص إلى مشروع دستور سيخضع أيضا للاستفتاء الشعبي باعتباره السلطة الشرعية الوحيدة المعنية باقراره دستورا للبلاد أو استبداله بدستور آخر.. فماذا لديهم إذا؟ بجريمة الخطف هذه قدم الحوثيون دليلا بتعصبهم إلى مواقف عدمية في تصديهم للاجراءات المرعية في إقرار الدستور في غياب الرؤية البديلة ، كما قدموا دليلا آخر على اخفاقهم في أدارة معارك سياسية وعدم قدرتهم الانحياز إلى مصالح الناس المُعبّر عنها بالاستفتاء الشعبي. عدم توقيع ممثل الحوثيين في لجنة صياغة الدستور على هذه المسودة لا يعني أنها غير شرعية فلا شيء في هذا العالم يمكن أن يحصل على القبول الكامل فحتى الرسالات السماوية تواجه معارضين، وتوقيع المكونات الاخرى كان كافيا واضفى الشرعية إلى هذه المسودة اضافة إلى شرعيتها من كونها صيغت استنادا إلى مقررات الحوار الوطني، وهي بانتظار إجراءات الاستفتاء الشعبي لنفاذها. ثقوا أن العملية لا تحتاج بالضرورة إلى عرض للقوة وتصرفات عنجهية فهذه الانتهاكات رفضها اليمنيون سابقا وسيقاومونها بإرادة قوية إن حاول البعض أعادة انتاجها مرة أخرى. _____ نقلا عن صفحة الكاتب بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك