في موازاة غموض مشاورات الحلّ السياسي التي يقودها مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر ، ومراوحتها دون تقدم منذ استئنافها الاثنين الماضي، أشاعت قرارات عدد من البعثات الديبلوماسية الاجنبية باقفال مقراتها ومغادرة اليمن ، مخاوف واسعة من الأسوأ، في وقت وصفتها جماعة أنصار الله الحوثية التي فرضت مؤخراً سيطرتها على مقاليد السلطة بأنها "غير مبررة". وتتصف الأجواء في اليمن راهنا بالمتوترة إلى حد غير مسبوق وبمهدداتها من انهيار امني واقتصادي وسياسي شامل في بلد طال الجوع فيه خلال العامين الماضيين نحو نصف السكان ، وعصفت فيه الصرعات على السلطة ، والتمترسات المناطقية ، والاندفاعات الانفصالية، وتنامي نشاط المليشيات المسلحة ، ما وضع اليمنيين على شفا حرب أهلية. وحتى اللحظة لم يتوصل الفرقاء اليمنيين لتقارب توافقي في مفاوضات الحل السياسي بعد عودة الأطراف السياسية لاستئناف المحادثات منذ الاثنين الماضي بصنعاء، ومن بينهم الحوثيون الذين حلوا البرلمان مطلع الأسبوع الحالي، فرضا لواقع من سيطرة على السلطة بموجب اعلان دستوري يصوغ خارطة طريق منفردة. وبالتزامن تتداقع تلك القوى لمناورات تحريك ورقة الشارع ، وتتبادل التهديدات والاتهامات ، فيما تسير سلطة الأمر الواقع التي فرضتها جماعة الحوثي لسد فراغ الرئاسة والحكومة وتولي ادارة وترتيب السلطة ، غير عابئة بالمفاوضات ، ما يجعل من التفائل بعيد المنال ، ويلخص جولة المحادثات برعاية الاممالمتحدة بكونها "مضيعة للوقت". وأشاعت قرارات عدد من البعثات الديبلوماسية الاجنبية باقفال مقراتها ومغادرة اليمن ، مزيدا من المخاوف الواسعة لدى اليمنيين من الأسوأ، وسط تدهور الأوضاع وفرض الحوثيين السيطرة على السلطة. وانضمت فرنسا ، الأربعاء، إلى كل من الولاياتالمتحدةوبريطانيا في إغلاق سفاراتهما في اليمن، وطلبت من رعاياها مغادرة البلاد بأسرع وقت ممكن. وقالت السفارة الفرنسية في بيان نشر على موقعها الإلكتروني إن المكاتب سوف تغلق اعتباراً من يوم الجمعة المقبلة، وأخبرت المواطنين الفرنسيين أن يغادروا البلاد "بأسرع ما يمكن". كما أعلنت الأممالمتحدة، إغلاق مكاتبها في العاصمة صنعاء، في نفس الوقت الذي أعلنت فيه السفارة الفرنسية إغلاق أبوابها، نتيجة تدهور الاوضاع في البلاد..وطلبت الاممالمتحدة - في بيان صادر عنها - من الموظفين المحليين الاستمرار في العمل من منازلهم. أكدت مصادر دبلوماسية ان سفيرة الاتحاد الاوروبي بتينا موشايت قررت مغادرة اليمن خلال 48 ساعة القادمة نتيجة للأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد لأسباب أمنية، بحسب مصدر في السفارة. وكانت بريطانياوالولاياتالمتحدة أعلنتا في وقت سابق أيضاً إغلاق سفارتيهما في صنعاء ، وقالت الحكومة البريطانية إنها أغلقت سفارتها في اليمن، وقامت بإجلاء طاقمها الدبلوماسي بأكمله، وطالبت كافة البريطانيين في اليمن ب"المغادرة فورا". وجاء القرار في أعقاب إغلاق الولاياتالمتحدة سفارتها وإجلاء طاقمها الدبلوماسي أيضاً بسبب تردي الوضع الأمني في البلاد. وبالمقابل اعتبر حسين العزي مسؤول العلاقات الخارجية ل "أنصار الله" الحوثية، القرارات التي اتخذتها بعض الدول الغربية لاغلاق سفاراتها في صنعاء بانها" قرارات غير مبررة على الإطلاق" . وقال العزي في تصريح رسمي نشرته الوكالة الحكومية:" إن هذه القرارات تندرج فقط في سياق الضغط على شعبنا في ما صنعه من تحولات عظيمة على طريق عزته وكرامته وسيادته واستقلاله وامتلاك قراره السياسي وحقه المشروع في الحياة الكريمة كأحد أهم مقتضيات وأهداف ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر ". وأضاف :" نحن على ثقة في أن حكومات الدول الشقيقة والصديقة الحريصة على تطوير وتعزيز العلاقات مع بلدنا الكبير والعظيم، ستدرك في القريب العاجل بأن مصلحتها تقتضي التعاطي الايجابي مع ارادة الشعب اليمني الواجبة الاحترام". ونفى مسؤول العلاقات الخارجية ل "أنصار الله" ما تناولته بعض وسائل الاعلام من اخبار عن قيام مسلحي جماعته ب"الاستيلاء على سيارات تابعة للسفارة الأمريكيةبصنعاء" . وقال:" إن تلك الأنباء بكل تأكيد لاتعدو كونها إشاعات وأكاذيب لطالما أدمنتها ودأبت عليها بعض وسائل الإعلام الصفراء التي لإفلاسها تنسى أن مقاعد الطائرات التي أقلت موظفي السفارة الأمريكية اليوم من مطار صنعاء مخصصة للركاب فقط .. وهنا يحق لأي شخص أن يتساءل هل كان يجب أن تتتوفر مقاعد مخصصة لهذه السيارات حتى يرضى هذا البعض من وسائل الاعلام ؟!". وأضاف:"لقد كان من الطبيعي أن يتركوا سياراتهم لان شناطهم وطائراتهم لا تتسع لها ومن الطبيعي جدا أن تعمل سلطات المطار على حفظها وحمايتها خصوصا بعد أن ظهرت مؤشرات الاختلاف والطمع حولها بين بعض سائقيها ممن هم عاملين وموظفين محليين لدى السفارة نفسها ". واستطرد قائلا :"سلطات مطار صنعاء جاهزة لتسليم هذه السيارات لأي جهة موثوقة كمكتب الأممالمتحدة ". وأختتم يقول:" إننا نؤكد بأن مشكلة أنصارالله لم تكن في يوم من الأيام مع الإنسان الأمريكي ولا مع مبنى السفارة الامريكية لدى اليمن أو مع السيارات التابعة لهذه السفارة ..بل هي فقط وفقط مع سياسات الولاياتالمتحدة ومواقفها حيال قضايا أمتنا الإسلامية والعربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ."