وضع قانون الجمارك الجديد الصادر عام 2005م مالكي السيارات القديمة غير المجمركة في موقف صعب كونه يفرض نسبة تعرفه تصل إلى 129 % مقابل عملية الترسيم، وفي المقابل خفض نسبة التعرفة على السيارات الجديدة التي لا يزيد تاريخ صناعتها عن ثمان سنوات من 50 % إلى 10 % فقط مناصفة بين الضرائب والجمارك. وفيما ينتظر مالكو السيارات القديمة من أفراد وأصحاب معارض فرصة أخيرة من مصلحة الجمارك للسماح لهم بترسيم سياراتهم بنفس التعرفة المفروضة على السيارات الجديدة... يؤكد مسؤولو الجمارك عدم إمكانية ذلك. معللين ذلك بأن القانون الجديد كان قد منح بعد صدوره في العام 2005 مهلة زمنية ثلاثة أشهر كفرصة أخيرة لترسيم السيارات القديمة بمختلف موديلاتها وذلك تمهيدا لتطبيق القانون الجديد. ولأن ترسيم السيارات القديمة بهذه التعرفة المرتفعة سيرفع قيمتها الشرائية إلى أكثر من ضعف قيمتها السوقية، فقد أحجم مالكوها وأغلبهم من أصحاب معارض السيارات عن الترسيم، معتبرين أن بيعها بنصف قيمتها دون ترسيمها هو أقل خسارة لهم. يقول إبراهيم الشبامي الذي يعمل في أحد معارض السيارات بحي شميلة " هناك الكثير من السيارات القديمة المكدسة داخل معارض السيارات وأصحاب المعارض الآن في ورطة كبيرة كونهم غير قادرين على بيعها بما يحقق لهم الفائدة وإن تمكنوا من ذلك فإنهم يبيعونها بنصف سعرها والسبب في ذلك هو قانون الجمارك ". وأضاف" لدينا في المعرض ست سيارات اقل من موديل 98، اشتراها صاحب المعرض على أمل أن يتم جمركتها بالتعرفة الجديدة المحددة للسيارات الجديدة وهي 10% فقط لكنه لم يستطيع ذلك، والآن يتم عرض تلك السيارات بأقل من أسعار مثيلاتها المرسمة جمركياً. وفي محاولة للتخلص من السيارات القديمة غير المرسمة ولو بأقل فائدة فإنه يتم تخفيض أسعارها وأكثرها (مهربة) إلى حدود نصف قيمتها السوقية وهي أسعار مغرية دفعت الكثير من الراغبين في اقتناء سيارة إلى الشراء خاصة بعد إيهامهم من قبل أصحاب المعارض بأن الجمارك ستعيد فتح عملية الترسيم بنفس التعرفة المخفضة البالغة 10 % والمحددة للسيارات التي لا يزيد تاريخ صنعها عن ثمان سنوات. عادل العفيفي 35 عاما لايزال ينتظر فرصة جديدة لترسيم سيارته القديمة التي اشتراها منذ عام ونصف لأنه لا يستطيع ترسيمها بتعرفة القانون الجديد. يقول العفيفي " اشتريت سيارة تويوتا " كرسيدا " موديل 91 لأنني وجدت سعرها مغري جداً حيث لم يتجاوز ال650 ألف ريال مقارنة بسعر نفس الموديل والنوع المجمرك الذي يزيد عن مليون و200 ألف ريال". وأضاف :" أوهمني سماسرة بيع السيارات في المعرض أن الجمارك ستعيد في وقت قريب فتح باب الترسيم للسيارات القديمة بالتعرفة المخفضة، لكن بعد متابعتي في الجمارك أتضح لي أن ذلك غير ممكن وانه لا سبيل أمامي سوى أن ادفع أكثر مما دفعته لشراء السيارة لكي أجمركها، وهذا صعب جدا". والأسوأ من ذلك حسب قوله انه غير قادر على بيعها حتى بخسارة مائة الف ريال من قيمتها الشرائية. مشيراً إلى أن مطاردة رجال المرور له وخاصة أثناء الحملات على السيارات الغير مجمركة تجعله يعاني من حالة صداع مستمرة. واستدرك قائلاً " القانون لا يحمي المغفلين.. فأنا الآن بين مطرقة الجمارك وسندان عدم القدرة على ترسيمها أو بيعها بالحد الأدنى من الخسارة". وفيما ينتظر أصحاب المعارض فرصة أخيرة من الجمارك للسماح بترسيم السيارات القديمة بنفس التعرفة المفروضة على السيارات الجديدة يستبعد رئيس مصلحة الجمارك الدكتور علي الزبيدي حدوث ذلك. حيث أوضح انه وبعد انتهاء فترة الترسيم المؤقتة للسيارات القديمة التي تم منحها عقب صدور القانون الجديد عام 2005م أصبحت المصلحة ملزمة بتطبيق القانون وأن أي عملية ترسيم للسيارات القديمة بتعرفة مخفضة هو مخالفة صريحة وواضحة للقانون. وأضاف" وبعد انتهاء فترة الترسيم تلك لم يطرق أحد أبواب الجمارك ليقول إن لديه سيارة قديمة يريد جمركتها ونحن الآن غير مسؤولين لعدم مبالاة أصحابها. وقال:" خلال مدة الثلاثة الأشهر تلك بلغ عدد السيارات المجمركة أكثر من 54 ألف سيارة، لكن عملية الترسيم الجديدة تتم بموجب قانون محدد فيما كان في السابق بموجب قرارات". وكانت السنوات السابقة لصدور القانون عام 2005م قد شهدت حالة إغراق غير مسبوقة للسوق المحلية بالسيارات القديمة التي كان يتم استيرادها من دول الجوار التي تفرض قوانينها التخلص منها بعد انتهاء أعمارها الافتراضية. ونظراً لبيعها بأسعار رخيصة في تلك الدول فقد أقبل على شراءها الكثير من اليمنيين سواء من المغتربين او الموردين من أصحاب المعارض وعملوا على إدخالها إلى السوق اليمنية بغية المتاجرة بها إلا أن ذلك مثل عبئاً كبيراً على الاقتصاد الوطني نظراً لاحتياج الكثير من تلك السيارات إلى أعمال صيانة دورية وبعد فترات وجيزة جداً. يقول الدكتور الزبيدي": القانون الجديد حد من استيراد السيارات القديمة بطريقة مباشرة من خلال فرض تعرفة مشددة تصل إلى 129 % من قيمة السيارة التي يزيد تاريخ صنعها عن ثمان سنوات، كما حد من عملية إغراق الأسواق المحلية بالسيارات المهترئة ". ولا ينكر مسؤولو الجمارك ظهور العشرات من السيارات التي لم ترسم في محافظة المهرة ومدينة سيئون بمحافظة حضرموت خاصة بعد انتهاء مدة الثلاثة الأشهر التي حددها قانون 2005م كفرصة أخيرة لعملية ترسيم السيارات القديمة داخل البلاد يقول رئيس مصلحة الجمارك " ندرك أن هناك الكثير من السيارات في عدد مختلف المحافظات لم ترسم لكننا لا نستطيع جمركتها بالتعرفة الجديدة لان ذلك يتطلب تعديل القانون.. وهذا مستبعد". وأضاف" القانون أوجد حل وهو دفع 129% من قيمة السيارة التي يزيد تاريخ صنعها عن ثمان سنوا مقابل عملية الترسيم... واستدرك قائلاً " الناس للأسف لم يتقبلوا ترسيم سياراتهم بحسب هذه التعرفة الجديدة كونها مرتفعة قد تكلفهم ضعف قيمتها ..لكنه القانون." وفيما تواجه الجمارك مشكلة التخلص من السيارات الموجودة في ساحتها والتي لم يأتي أصحابها لترسيمها حتى الوقت الراهن لأن القانون يمنع على مصلحة الجمارك بيعها فيما يجيز لها إعادة تصديرها للخارج على أساس ان القانون يمنع دخولها البلاد... ما تزال هناك مئات السيارات القديمة المكدسة في العديد من معارض السيارات سواء في أمانة العاصمة أو غيرها من المحافظات . وفي هذا الصدد كشف رئيس مصلحة الجمارك عن مساعي مشتركة مع الإدارة العامة للمرور لتنفيذ عملية تفتيش على معارض السيارات لضبط أي سيارة قديمة غير مرسمة جمركيا، مؤكداً أن أي سيارة سيتضح أنها غير مرسمة سيطبق عليها القانون وهو ترسيمها بمقدار 100 % بالإضافة إلى غرامة مالية تصل إلى 29 % مقابل عملية التأخير. وبين الدكتور الزبيدي أنه سيتم عقد اجتماع مع الإدارة العامة للمرور خلال الأيام القليلة القادمة لوضع خطة النزول الميدانية إلى معارض السيارات. مشيراً إلى أن هذه الحملة سيتم تنفيذها بالتدريج. ورغم أن خطة التفتيش على المعارض قد تكون حلا للحد من حالات النصب التي يمارسها البعض في بيع سيارات قديمة غير مجمركة إلا أن هذه الحملة قد تجلب الكثير من المشاكل حال اكتشاف أعداد كبيرة منها كون الأمر سيتطلب من مصلحة الجمارك توفير مساحات كبيرة لهذه السيارات في حال احتجازها إضافة إلى توفير الحماية الكافية لها حتى يتم ترسيمها. وتخشى مصلحة الجمارك عدم إقبال أصحاب المعارض على ترسيم سيارتهم القديمة لأن ذلك سيؤدي إلى رفع أسعار الكثير منها إلى ضعف قيمتها السوقية مما سيجعلهم غير قادرين على إعادة بيعها مرة أخرى لان أسعارها ستكون مرتفعة جداً. في حين لن يكون بمقدور مصلحة الجمارك وكما يقول الدكتور الزبيدي بيع تلك السيارات المتخلف عنها أصحابها لان القانون لن يسمح بذلك في الوقت الذي يمنح فيه القانون مصلحة الجمارك حق مصادرة أي سيارة مر على ضبطها 90 يوماً وتخلف أصحابها عن الحضور لترسيمها. لكنه أكد في ذات الوقت أنه سيتم إغلاق المعارض التي يكتشف وجود سيارات قديمة غير مجمركة فيها فضلا عن محاولته دفع مالكي المعارض على ترسيم السيارات الجديدة الموجودة لديهم بحسب ما حدده قانون 2005. سبأ