رشيد الخالدي كتب رشيد خالدى مقالًا فى صحيفة النيويورك تايمز يتساءل فيه عما يتعين أن يفعله باراك أوباما الذى سيزور إسرائيل الأربعاء المقبل للمرة الأولى منذ تولى الرئاسة بشأن الصراع الإسرائيلى الفلسطينى. ويقول إن عليه أولا أن يتخلى عن النهج التقليدى للسياسة الخارجية الأمريكية فى التمسك بالبقايا المنهارة لما يسمى عملية السلام التى لم تساعد خلال 34 عاما، منذ توقيع اتفاقات كامب ديفيد، إلا على جعل السلام أبعد منالا عن ذى قبل. فعندما بدأت آخر المحاولات المتكررة لهذه العملية فى مؤتمرمدريد للسلام فى 1991، بآمال عالية، وأسفرت بعد عامين عن توقيع اتفاقات أوسلو، كان هناك 200 ألف إسرائيلى يستوطنون الأراضى الإسرائيلية المحتلة بصورة غير مشروعة؛ أما الآن فيوجد أكثر من ضعف هذا العدد! وخلال هذا الوقت، لم تفعل الولاياتالمتحدة التى ظلت تتصرف فى عهد أربعة رؤساء متعاقبين بزعم أنها وسيط نزيه شيئا لمنع إسرائيل من التهام الأرض التى يعتمد عليها حل الدولتين. ويرى خالدى أن معظم الفلسطينيين حتى 1991 على الرغم من الاحتلال الإسرائيلى كان باستطاعتهم التنقل بحرية على أى حال. أما الآن، فلم يسمح لجيل بأكمله من الفلسطينيين بزيارة القدس، أو دخول إسرائيل، أو العبور بين الضفة الغربيةوغزة. وصارت الثمار المأساوية لما يسمى عملية السلام بقيادة الولاياتالمتحدة: عزل الفلسطينيين، بالإضافة إلى اضرابات الانتفاضة الثانية من 2000 إلى 2005، وإنشاء ما يبدو أنه مستوطنات دائمة، وجدار على غرار نظام الأبارتهايد. وقد اتسمت «عملية السلام» بالتساهل مع التعنت الإسرائيلى فى مقابل تحقيق أهداف للسياسة الخارجية لا علاقة لها بتقدم السلام أو حرية الفلسطينيين. وفى أواخر السبعينيات، كان من بين ذلك الجائزة الاستراتيجية التى حققتها الحرب الباردة وهى انتقال مصر من المعسكر السوفيتى إلى المعسكر الأمريكى. فقد أدت اتفاقية كامب ديفيد بين رئيس الوزراء مناحم بيجن، والرئيس أنور السادات إلى تنحية «القضية الفلسطينية» جانبًا. وشكلت هذه القيود عملية أوسلو التى اعترف فيها كل من إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية بالأخرى، بينما تم إرجاء جميع القضايا الأساسية، مثل الحدود واللاجئين والمياه والمستوطنات الإسرائيلية ووضع القدس. وتخلى أوباما بشكل أساسى فى نهاية فترة رئاسته الأولى، عن أجندته المتواضعة بالفعل لصنع السلام، فى مقابل تهدئة حملة رئيس الوزراء نتنياهو بشأن الحرب على إيران. ومرة أخرى تدفع فلسطين الثمن، وهذه المرة من أجل رشوة إسرائيل المولعة بالقتال مقابل سلوك طيب مؤقت! ويقول الكاتب إنه فى نهاية المطاف، عززت العملية «التى تقودها أمريكا، موقف اليمين المتطرف الإسرائيلى، وجعلت حق تقرير المصير الفلسطينيين أمرا أبعد منالا عن ذى قبل. واستمرارا للوضع الغريب الذى يجعل «عملية السلام» مخالفة لأى تعريف مستنير للمصلحة الأمريكية. فقد لمعت صورة الولاياتالمتحدة باعتبارها المدافع الدائم عن إسرائيل والعاملة على تمكينها. علاوة عل أنها تهين ذكاء الشعب الفلسطينى. ويستحق الفلسطينيون على الرغم من تواطؤ بعض قادتهم فى عملية تركتهم بلا دولة بينما يستمر احتلال الضفة الغربيةوالقدس بلا نهاية، أن يكون وضعهم أفضل من مجرد مسجونين فى أرضهم. فإذا قرر السيد أوباما تكريس جهد لحل الصراع وهناك شك كبير لن يكون الأمر سهلا؛ فالفلسطينيون منقسمون على نحو حاد بين أنصار فصيل فتح بقيادة محمود عباس، الذى يحكم الضفة الغربية، وحماس الجماعة المسلحة التى تسيطر على غزة.بل أن هناك عقبة كبيرة تتمثل فى حكومة السيد نتنياهو اليمينية المصممة على التوسع الإقليمى. وباختصار، فإن أهداف عملية السلام بكاملها ليست إنهاء الاحتلال، وإزالة المستوطنات، وإعطاء حق تقرير مصير حقيقى للفلسطينيين، فما هو الغرض من التظاهر بالبدء فيها؟ إن هناك حقيقتين، على السيد أوباما أن يضعهما فى الاعتبار جيدًا. حيث تعنى الهيمنة الإسرائيلية الساحقة على الفلسطينيين، أن الصراع ليس من النوع الذى يتطلب تنازلات متبادلة من طرفين متساويين. وبالإضافة إلى ذلك، لابد أن يعقد السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وليس بين السيد أوباما ومنتقديه فى الحزب الجمهورى، واللوبى الإسرائيلى والأحزاب الإسرائيلية اليمينية. فإذا لم يكن أوباما قادرا على مواجهة هاتين الحقيقتين، سيكون من الأفضل كثيرًا له أن يكون صادقا فحسب: الولاياتالمتحدة تدعم هذه الحقيقة التى لاتطاق، وهى مستعدة لتحمل الازدراء الدولى الناجم عن ذلك. ويدرك الناس فى جميع أنحاء العالم أن أمريكا ساعدت لعقود عديدة على انتاج الوضع القائم؛ على الرغم من الدعوات الطيبة لإقامة دولة فلسطينية. ومن ثم، لن تكون هناك سلطة حقيقية ذات سيادة بين البحر المتوسط ونهر الأردن إلا لدولة إسرائيل فحسب. وفى إسرائيل، يتمتع اليهود فقط بالمواطنة الكاملة، بينما يعيش خمسة مليون فلسطينيا فى حالة من القهر أو النفى، ويعيش 1.2 مليون عربى فلسطينى فى إسرائيل كمواطنين من الدرجة الثانية. وفى النهاية، لا يمكن استمرار «حل الدولة الواحدة» على أساس التمييز والاضطهاد الدائم. أستاذ الدراسات العربية فى جامعة كولومبيا «الشروق المصرية» الرأي الأردنية