تقول الطرفة الشعبية أن رجلاً كان يمر في قرية بضواحي العاصمة صنعاء في ليلة شديدة البرد فرض على أهلها السكون التام حتى بدت وكأنها مدينة أشباح.. لجأ هذا الغريب إلى أحد الأركان الخالية علّه يجد شيئاً من الدفء، وراحت نفسه تحدثه عن النعيم الذي يعيشه أهل هذه القرية تحت سقوف منازلهم الدافئة وما لبث أن بدأ الحسد يدب إلى قلبه وأطرق يفكر في حيلة يخرج بها الناس من هذا النعيم ليذوقوا بعض ما يعانيه تحت زغات زمهرير الشتاء القارس وسرعان ما اهتدى إليها وانطلق في دروب القرية الساكنة يردد بأعلى صوته: «أسراب الجراد قادمة» مرات عدة وما هي إلا لحظات حتى تحول ذلك السكون الرهيب إلى هرج ومرج وخرج الناس رجالاً ونساء حاملين «شوالاتهم» باتجاه المزارع المجاورة لاصطياد «الوجبات» الطائرة.. وبعد أن خرج الجميع اسفرت القرية عن سكانها مجدداً ووجد نفسه وحيداً لتوسوس له نفسه من جديد ماذا لو أن الأمر صحيحاً وأن هناك جراداً بالفعل ومضى يركض وراء القوم مصدقاً لكذبة هي في الأساس من بنات أفكاره.. «الجراد» لم يعد وجبة مفضلة اليوم خاصة بعد التحذيرات من إمكانية اصابة من يتناولها بأمراص السرطان بل أن الأسراب التي اجتاحت مناطق عدة في البلاد مؤخراً والقادمة من السعودية وفلسطين عبر الرياح الشديدة ما هي كما يبدو إلا آخر الغزاة على خيرات هذه الأرض المثقلة بأصناف لا تحصى من الخطوب والأهوال..