لا يكاد يمر يوم في اليمن دون ورود أنباء عن غارة أميركية بطائرة دون طيار على مواقع أو سيارات يشتبه بأنها تابعة لتنظيم القاعدة. ويستهدف القصف مواقع ثابتة وعربات متحركة في مناطق عدة، بينها محافظاتأبين وشبوة ومأرب والبيضاء وحضرموت. ويتزايد السخط الشعبي باليمن ضد هذه الغارات التي تؤدي لسقوط عشرات المدنيين الذين لا علاقة لهم بما يسمى "الإرهاب". وباستياء وغضب، يروي المحامي أحمد الذيباني للجزيرة نت مقتل شقيقه الطبيب هشام الذيباني، الذي تعرضت سيارته للقصف بأربعة صواريخ من طائرة بدون طيار في أغسطس/آب الماضي. وأشار الذيباني إلى أن والده تعرض لحالة نفسية صعبة أفقدته القدرة على الكلام، إثر علمه بما جرى لابنه الشاب الذي كان يرتب لزواجه, وتساءل قائلا: كيف يقتل طبيب لمجرد أنه يقدم العلاج لأبناء منطقته ويداوي الجرحى والمصابين؟ وقال الذيباني إن هجمات الطائرات الأميركية تمثل انتهاكا للقانون الدولي والمحلي، وهي بمثابة "إعدام خارج القانون". تواطؤ رسمي واعتبر أن "التواطؤ الرسمي" مع استخدام هذه الطائرات واعتراف الرئيس عبد ربه منصور هادي بأنه سمح بها يعد "استهانة بدماء اليمنيين". ويعتقد نشطاء يمنيون أن استمرار هجمات هذه الطائرات أدى إلى اتساع دائرة المآسي والآلام في المناطق القبلية، كما دفع بأسر وعائلات الضحايا وهم بالمئات إلى التفكير في إسماع أصواتهم الرافضة لهذا النوع من القتل. وأعلن بالعاصمة صنعاء أمس الثلاثاء عن إشهار منظمة حقوقية يمنية هي الأولى من نوعها تناهض هجمات الطائرات الأميركية بدون طيار وتطالب بوقف نشاطها بعد أن راح ضحيتها الكثير من المدنيين. وقال محمد القاولي مؤسس "المنظمة اليمنية لضحايا الدرونز"، إن مبادرته جاءت إحياء لذكرى شقيقه الذي قتل مع آخرين بقصف سيارته بصواريخ من طائرة أميركية بدون طيار بمنطقة خولان جنوبصنعاء في 31 يناير/كانون الثاني 2013. وأكد القاولي أن هذه الغارات تجعل اليمنيين جميعا في دائرة الخطر، حيث تقتل الأبرياء وتصب الزيت على نار التطرف. إلى ذلك، اعتبرت كات كريج المديرة القانونية لمنظمة "ريبريف" الحقوقية البريطانية أن ضربات الطائرات بدون طيار تودي بحياة مدنيين أبرياء كثير منهم أطفال ونساء. واعتبرت -في حديث للجزيرة نت- أن الحرب على ما يسمى "الإرهاب" وبدون تمييز والقتل خارج القانون ستكون لهما تبعات كارثية. وقالت إن منظمة ريبريف تدعم الشعب اليمني من أجل وقف هذه الغارات. وأشارت إلى رفع دعاوى بالمحاكم البريطانية بهذا الشأن. وقالت إن منظمتها قدمت شكاوى إلى محكمة الجنايات الدولية والأمم المتحدة للتأكيد على عدم مشروعية ضربات الطائرات بدون طيار. واعتبرت كريج أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يتحمل المسوؤلية عن آثار هذه الغارات في بلاده، مضيفة أن منظمة ريبريف "ستعمل مع أهالي الضحايا لكشف الظلم الذي تعرضوا له". رصد ميداني وأفاد محمد الأحمدي المنسق القانوني لمنظمة الكرامة - ومقرها الرئيسي في جنيف بسويسرا- بأنها رصدت تزايدا في معدل الغارات الجوية التي تشنها طائرات بدون طيار، مما أدى لارتفاع عدد ضحاياها من المدنيين بعد توسع نطاقها حيث وصل 11 محافظة. وقال الأحمدي -في حديث للجزيرة نت- إنهم تأكدوا ميدانيا من وقوع ست غارات أميركية خلال 2011 أسفرت عن مقتل ما بين 18 و25 شخصا. وفي العام 2012، ارتفع معدل الهجمات إلى 44 غارة أسفرت عن مقتل ما بين 322 و357 شخصا، بينما نفذت هذه الطائرات 22 غارة في 2013 أسفرت عن مقتل قرابة مائة شخص. وكانت أشهر عملية للطائرات الأميركية في اليمن نفذت بمحافظة أبين بقرية المعجلة في 9 ديسمبر/كانون الأول 2009 وسقط بها 49 مدنيا معظمهم من النساء والأطفال. وقيل حينها إن القصف استهدف موقعا لتدريب عناصر تنظيم القاعدة، لكن الحكومة اليمنية اعتذرت لاحقا لأهالي الضحايا والتزمت بتعويضهم. وفي 15 ديسمبر/كانون الأول 2013 صوّت مجلس النواب اليمني على منع الطائرات بدون طيار بعد أيام على حادثة مقتل 17 مدنيا في رداع بمحافظة البيضاء في قصف أميركي، بينما تقدم مؤتمر الحوار الوطني بقرار يقضي بتجريم استخدامها ومنع الصواريخ الموجهة وتجريم القتل خارج نطاق القانون. ويعتقد مراقبون أن هجمات الطائرات الأميركية بدون طيار لن تقضي على تنظيم القاعدة، بل ستزيد من رصيده في أوساط القبائل وسترفع منسوب التطرف تجاه السياسة الأميركية، خصوصا عندما يسقط مدنيون أبرياء. الجزيرة نت