مرت مسيرة جماعة (أنصار الله) المشهورة بجماعة الحوثي المسلحة في مدينة عمران الجمعة بسلام بعد صراع مرير بينهم وبين السلطة المحلية للمحافظة والمعسكرات المرابطة فيها، إثر المخاوف من تحول مسيرة الحوثيين الى مواجهات مسلحة مع قوات الجيش والأمن هناك. وبعد مفاوضات وووساطات قبلية وعسكرية سمح لمسيرة الحوثيين بالتحرك والتمركز لساعات بالقرب من ابرز معسكرات الجيش فيها، والتي احتشد فيها آلاف من المسلحين الحوثيين من محافظاتعمران وصعده وحجة المجاورة، في محاولة لاستعراض العضلات والمطالبة بتغيير محافظ عمران محمد حسن دماج المحسوب على حزب الاصلاح، الخصم اللدود لجماعة الحوثي. وذكر شهود عيان أن الحوثيين الذين شاركوا في مسيرتهم التي وصفوها ب(السلمية) في مدينة عمران قدموا عبر المئات من السيارات مدججين بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة، بينها قذائف آر بي جي وقنابل وغيرها. وشهدت مدينة عمران حالة استنفار أمني وعسكري قصوى أمس وخلال الأيام التي سبقتها خشية ان تقوم جماعة الحوثي باحتلال مدينة عمران بحشودها المسلحة تحت غطاء (المسيرة السلمية)، خاصة وأن المشاركين في هذه المسيرة لم يكونوا فقط من أتباعهم ومناصريهم في محافظة عمران بل كانوا من كافة المناطق والمحافظات المجاورة لها، وهو ما فسره البعض بعملية (استعراض عضلات) لجماعة الحوثي في هذا الوقت الذي تحاول فيه الحصول على أعلى مستوى من التمثيل في كل المؤسسات الرسمية. وقال العديد من المراقبين ل(القدس العربي) ان ‘جماعة الحوثي تتحرك وفق الاجندة العسكرية التي رسمتها سلفا لطموحاتها وأطماعها السياسية، ضاربة عرض الحائط كل السياسات والقرارات التي اتخذتها السلطة ومؤتمر الحوار الوطني والذي شددت مخرجاته على ضرورة تخلي الجماعات المسلحة عن السلاح وفي مقدمتها جماعة الحوثي، التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني ووافقت على مخرجاته وقراراته'. واشاروا إلى أن ‘إصرار جماعة الحوثي على عدم التخلي عن السلاح وعدم رغبتها في التحول الى حزب سياسي سلمي، قد يقوض العملية السياسية في البلاد، وبالذات في ظل التوسع العسكري الحوثي في كل المناطق الشمالية وبالذات المحيطة بالعاصمة صنعاء'. وأعرب العديد من السياسيين عن قلقهم إزاء الحروب التي تشعلها جماعة الحوثي بشكل مستمر منذ أكثر من خمسة أشهر ضد مختلف مكونات المجتمع اليمني، بما فيه القبلي ‘لأسباب واهية سرعان ما تنتهي أو تنتفي هذه الأسباب لمجرد تدخل وساطات رئاسية، وكأن المقصود مجرد توجيه رسائل سياسية بأن الحوثيين متواجدون في كل مكان' على حد تعبيرهم. ولم يقتصر هذا القلق على السياسيين اليمنيين بل امتد الى سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية الذين يشعرون بالقلق الشديد إزاء الزحف الحوثي نحو العاصمة صنعاء من مختلف الجوانب، أحيانا من جهة أرحب في الشرق وأحيانا من جهة همدان في الغرب، مع محاولات من جهة الشمال. وأعرب سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية بشأن اليمن عن قلقهم من العنف الدائر في المناطق الشمالية المحيطة بالعاصمة صنعاء. وقالوا في بيان رسمي ان سفراء مجموعة الدول العشر في غاية القلق وبشكل خاص من العنف الدائر في المناطق الشمالية والذي يهدد الان باستدراج البلد بشكل اكبر بينما الجماعات المسلحة تتحرك بأتجاه العاصمة صنعاء'. الاختلافات السياسية ‘يجب ان تحل عن طريق الحوار وليس العنف، إذا اردنا لليمن ان يحقق تطلعات شعبه'. وحذروا الجماعات المسلحة بعدم التهاون مع تحركاتهم العسكرية وقالوا ‘لن يتم التساهل حول الترويع باستخدام الجماعات المسلحة التي تعمل بشكل غير قانوني ضاربة بعرض الحائط مصالح الشعب'. وطالب بيان السفراء ‘جميع الأطراف ممن لها صلة بأعمال العنف المستمرة في انحاء البلد كافة ان تعمل سوياً وجنبا الى جنب مع الرئيس عبدربه منصور هادي للتأسيس لحوار سياسي هادف من اجل تسوية اختلافاتهم'. وجاء هذا البيان بعد هجمات مسلحة قام بها عناصر الحوثي خلال الأيام الماضية على قبائل همدان وثُلا وقبلها على قبائل أرحب بمحافظة صنعاء المحاذية جميعها للعاصمة صنعاء من جهتي الغرب والشرق، سقط خلالها العشرات من القتلى والمئات من الجرحى من أبناء هذه القبائل، كما تم تفجير منازل السكان المحليين وتدمير مدارس عامة وكذا مساجد بطريقة وحشية وغير مسبوقة.