يبدو الحال في اليمن أشبه بمن يلعب على مرجيحة. تهدأ الأوضاع في الجنوب، تنفجر في صعدة، يهدأ الفريقان وتنشط القاعدة ، ينخفض صوت الجبهات الثلاث شوية ويرتفع صوت الخلاف بين السلطة والمعارضة ، يتفق الاثنان والحمد لله ترتفع الأسعار!اللهم طولك ياروح..الشعب مدوّخ،و«المدرهة» هذه ولا وقفت. اليمن الباحث عن موقع متقدم،لاشيء أكثر من السمعة السيئة هو الذي يتقدم؟!.
اليمن الذي يحاول ان يكبر-هكذا عفاطة-تؤذيه دائماً العقول الصغيرة والمصالح الصغيرة والجماعات الصغيرة ويذهب دائماً،على نحو ما، الى جيوب الحيتان الكبيرة!؟. اليمن الذي دخل الاسلام برسالة، يخرج الآن من بوابة الحضارة بأصابع بارود!... هذه السلطة الهيّنة اخترعت الكدح والشقاء للناس. المعارضة-ايضاً- تتشابه معها الى حد كبير. وتريد عبر شقاء الانسان وفقره تأكيد احقيتها في ادارة هذا البلد المدوخ اساساً. بحافز مُحتال أمكن له مراراً أن ينجح، تقبض السلطة على وجهي القمع والديمقراطية! وبحافز واحد «طيّروه من بقعته» تقبض المعارضة على وجهي الحماقة والشجاعة،وتقود الناس نحو تطاحن حزبي ليس فيه شيء من تطلعهم إلى الحياة. نريد سُلطة عادلة ومفتوحة كالبحر. البحر لا يعترف ب«هذا مؤتمري وهذا اصلاحي وذاك اشتراكي وذياك ناصري،وهذا من البلاد»!. البحر لايعترف بهذا من«مطلع» وهذا من «منزل»وهذا زيدي وذاك شافعي وهذا حوثي وذياك انفصالي!. البحر مفتوح يوزع أرزاقه وملوحته للجميع دونما بطاقة انتماء أو ..واسطة. من أين لنا سلطة راقية لا تراهن على حاجة الناس وجهلهم لضمان بقائها . ومن أين لنا بمعارضة ناضجة لا تقود الناس الى عداء مستمر مع السلطة ، فيما هي - أساساً - تفكر بالوصول الى السلطة ، والا بأيش تفكر يعني، بالوصول الى كأس العالم مثلاً. لايجب على الناس أن يشعروا بالامتنان لمعارضة هيجت مشاعرهم وآمالهم،ومن ثم انكفأت من بعد ذلك مشغولة بشرعية الحاكم من عدمها!. والواضح ان مجتمعاً بكامله، بفضل تطاحن الساسة،اصبح الناس فيه الآن على مستوى عال من الكفاءة!. ان قضايا كالصحة والتعليم والثقافة والنظافة والزراعة والماء والكهرباء وقانون المؤجر وحق العاملين في القطاع الخاص بتشكيل نقابات خاصة بهم ومنع حمل السلاح وتخفيض المهور وبناء تجمعات سكنية يشتريها الناس بالتقسيط لا أحد يأبه لها ، جالسين مشغولين بتقاسم مولد الانتخابات! ومن أجل سلامة ماتبقى من ذائقة الناس وشهيتهم للحياة لابد أن تظهر للسطح الآن قوة ثالثة تخوض نزالها من أجل التنمية والحرية والحب..من أجل العدالة والابتسامة والحديقة. إنها قوة الاقتصاد والمجتمع المدني، يعاونهم في ذلك المفكرون والمستنيرون من رجال الدين ويبقى الجيش محايداً يحمي البلد فحسب. أما أن يتُرك الوطن لهذا الصراع السياسي العقيم فان النتائج - بلا شك - لن تختلف عن نتائج منتخب بلادنا في تصفيات الوصول الى كأس العالم!. ينبغي علينا الآن أن نعمل لكل أولئك السياسيين المعتقين في السلطة والمعارضة مهرجان اعتزال بهيجاً،نلبسهم عقود الفل ونهتف لهم بكل عرفان وحب:شكراً لكم..استريحوا الآن ومرروا الكرة الى ملعب الاقتصاد. [email protected]