لا يختلف اثنان حول سيطرة النظام الرأسمالي على الاقتصاد ونظام المال في العالم بما فيها المجتمعات العربية التى ارتمت في حضن هذا النظام ولبست عباءته واتخذه الجميع قدراً ومصيراً. في المجتمعات الغربية وجدت دول المؤسسات التي تضبط حركة النظام وتحد من تعاظمه وطغيانه، مثلما وجدت المنظمات والمؤسسات المدنية التي تراقبه وتتبع خطواته ومشاريعه، الأمر الذي حقق الحماية المطلوبة للفرد والمجتمع من وحشية النظام الرأسمالي وانتهازيته واحتكاره وان وجدت أخطاء فهي قليلة وسرعان ما تعالج. المجتمع اليمني انفتح على هذا النظام وتعاطى معه بصورة مفرغة من مؤسسات التوازن الاجتماعي ناهيك عن منظمات ومؤسسات المجتمع المدني التي يفترض قيامها بالحماية والمراقبة والانتصار للمواطن الفرد والأسرة والجماعة من ظلم وجبروت هذا النظام. ظهرت الرأسمالية بنظامها الاخطبوط الجشع والبشع من خلال مجموعة من البيوت التجارية والمالية التي تحولت بقدرة قادر إلى اخطبوط يمارس كل التخصصات وينافس في كل المجالات والأعمال حتى وصل الأمر بهذا الاخطبوط المتوحش إلى التهام الجميع وتحويل غالبية الشعب اليمني إلى عمال لا حول لهم ولا قوة ولا حماية ولا إرادة . المؤسف في الموضوع ان الجهات المختصة قد اسهمت بشكل أو بآخر في تحور النظام الرأسمالي في المجتمع اليمني ليصبح غولاً لا يرحم وأنانية مفرطة باتجاه الربح، وعدم الاكتراث بالإنسان في الحاضر والمستقبل، فيظل مهدداً بالطرد والاستغناء حتى قبل بلوغ سن التقاعد بشهور. الاستغلال البشع للقطاع الخاص في مجتمعنا لا يخدم التطور والتنمية ولا يشجع الاستثمار بل يحوله إلى محتكر جشع للقمة العيش وحياة البسطاء وممول رئيس للبطالة ومصاص دماء من العيار الثقيل المدعوم . توحشت الرأسمالية المتمثلة في البيوت المالية والتجارية من خلال استثماراتها الاخطبوطية حتى غدت تطارد المواطن اليمني في لقمة عيشه بعضها تركت الجانب الصناعي أو ابقت على الحال على ما هو عليه وذهبت تطارد وتنافس أصحاب الدكاكين والتجار الصغار والأسواق الشعبية الصغيرة بغية تجويعهم والاستيلاء على مواقعهم ومن ثم التفرد باحتكار المكان والرغيف والدخل وإرادة المجتمع وحركته وماء وجهه. الرأسماليون في مجتمعنا لم يكتفوا بالابقاء على الإنسان اليمني (شاقي دائم) لا يؤهل بشكل عملي ومهني يساعده على العمل حين يتم طرده أو الاستغناء عنه في دول الجوار لأن المصانع والشركات والبيوت التجارية في مجتمعنا لا تمنح هؤلاء المساكين شهادة خبرة وكفاءة لأنها ترى في ذلك المطرود انه مازال محتاجاً لها ومربوطاً إلى احتكارها واستغلالها، حتى وإن طرد إلى البطالة بعد عشرين عاماً، شركات ومصانع واستثمارات واحتكارات ومظالم لا ترى للعامل اليمني أي حق، في ظل تباطؤ قانون العمل ومنظمات المجتمع المدني والضمير الاجتماعي. الشركات والمصانع والقطاع الخاص كله في مجتمعنا بقدر احتكاره واستغلاله وارباحه التي تفوق التوقعات لا نجده عادلاً في التعامل مع القوى العاملة أو المجتمع المستهلك المسكين، فمن من البيوت التجارية التي تعاظم شأنها وتوسعت رأسياً وأفقياً، داخلياً وخارجياً بفضل هذا المجتمع الطيب المسالم مِنْْ من أولئك قد أنشأ المدن السكنية وملّكها عمال المصانع والشركات بالتقسيط وبدون أرباح، لا أحد منهم، يجد العامل أو الموظف في القطاع الخاص نفسه بعد عمر طويل من الكفاح بدون مأوى ولا مرتب ولا حقوق. إلى متى يظل التسيب واللامبالاة واللاقانون عنواناً للمجتمع اليمني وسلوكاً متبعاً وظلماً يكبر ويتعاظم حتى يخرج عن السيطرة؟!.