بعد اللقاء الذي جمع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بنظيرها السوري وليد المعلم على هامش اجتماع للأمم المتحدة في نيويورك، يبدو أن الهدف من هذه الموجة الأخيرة من النشاط الدبلوماسي هو إقناع سوريا بالامتناع عن لعب دور المربك في المفاوضات الإسرائيلية -الفلسطينية المستأنفة حديثاً. وتطرح واشنطن إمكانية التوصل إلى سلام شامل بقيادة الولاياتالمتحدة يشمل سوريا ولبنان، بشرط قيام الرئيس السوري بشار الأسد بتقييد عمليات جماعات الرفض الفلسطينية التي تتخذ من سوريا مقراً لها، بحسب ما تناوله الكاتب الأمريكي أندرو جيه. تابلر. وركزت أوساط الصحافة الأمريكية على أن إسرائيل ربما تكون على استعداد لاستئناف مسار السلام مع سوريا برعاية الولاياتالمتحدة في المستقبل القريب، إذا استطاعت دمشق إبعاد "حماس" وغيرها عن التدخل في المحادثات الفلسطينية الجديدة. وجاء في صحيفة "وول ستريت جورنال": إن قيام سوريا بلعب مثل هذا الدور الإيجابي سيُكسبها القليل من التأييد بين حلفائها في إيران ولبنان. غير أن الاحتمال الذي يلوح في الأفق حول قيام تحقيق من قبل "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" وتداعيات المحاكمة الجارية حول قضية اغتيال رفيق الحريري، ربما تحث الأسد على الترحيب بالفكرة على أن يصبح "شريكاً في السلام". وترصد صحف أمريكية الموقف من الشرق الأوسط قائلة: اليوم، تقول دمشق إنها ستكون مستعدة للعودة إلى محادثات غير مباشرة تحت رعاية تركية إذا ما التزمت إسرائيل بالانسحاب إلى خطوط حزيران (يونيو) 1967 كأساس لمحادثات مباشرة نهائية. بينما أشارت إسرائيل إلى أنها تفضل إجراء محادثات مباشرة بوساطة أمريكية - بسبب علاقاتها المتدهورة مع تركيا - تركز فيها ليس فقط على الأرض، ولكن أيضاً على تقاطع إيران-حزب الله. وقد منع هذا الخلاف استئناف المفاوضات حتى الآن. وقال موقع "مونيتر" الأمريكي: "من جانبها، تواجه سوريا الآن موقفاً مع "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" حول عرقلة التحقيق في أنشطتها النووية. ومن الناحية التاريخية، تدرك دمشق جيداً أن أفضل طريقة لتفادي أو تأجيل الضغوط الأمريكية والدولية هي فتح محادثات سلام مع إسرائيل". ويضيف الموقع الراصد للأخبار، الذي يتناول نشاطات سياسية واقتصادية في الشرق الأوسط، أن لدى كلا الدولتين أسباباً استراتيجية للعودة أيضاً إلى طاولة المفاوضات، فوسط التآكل البطيء لنفوذ "تحالف 14 آذار" في لبنان، يرى أعضاء في مؤسسة الدفاع الإسرائيلية بشكل متزايد أن توقيع معاهدة سلام مع سوريا هي وسيلة لاحتواء توسع نفوذ "حزب الله" في لبنان. ورغم أن تفاصيل هذه الاستراتيجية غير معروفة، ترى الحكمة التقليدية في إسرائيل أن معاهدة سلام من شأنها أن تجبر سوريا على إنهاء عمليات نقل الأسلحة التي تقوم بها إلى الجماعة. وبالنسبة لدمشق، يتطلع النظام إلى تعزيز نفوذه في لبنان وإضفاء الشرعية عليه. وبإمكان معاهدة سلام أن تسهل هذا الهدف، لاسيما إذا كانت تنص على قيام دور سوري تجاه "حزب الله". وفي مقابلة صحافية مع "وول ستريت جورنال" أجريت أخيراً، قلل وزير خارجية سوريا المعلم من أهمية فرص استئناف المحادثات مع إسرائيل وعبّر عن معارضته للعديد من مبادرات واشنطن الإقليمية. وقد أظهرت سوريا سابقاً علامات تدل على تغيير موقفها بعد عام من التقدم البطيء في التعاطي مع إدارة أوباما. فعلى سبيل المثال، خلال محادثات ميتشل في دمشق قام النظام السوري باستبعاد السفير عماد مصطفى الذي ألقي عليه اللوم بحدوث أخطاء دبلوماسية سابقة، ومع ذلك، يبدو أن تصريحات المعلم عقبة أمام حدوث تقدم. يُذكر أن الكونغرس الأمريكي مستمر في تأجيل المصادقة على تعيين السفير الأمريكي روبرت فورد في سوريا لكون أعضائه قلقين من الحكومة السورية ومتحيرين إزاء نبرتها. وتشير هذه التطورات وغيرها إلى أن الحركة على المسار السوري ستستمر في بطئها بغض النظر عن زيادة عدد الزيارات الرسمية وغيرها من الأنشطة الدبلوماسية، بحسب رأي الكاتب والمحلل السياسي أندرو جيه تابلر الذي عاش فترة من حياته في سوريا وعمل فيها.