ومن قال إننا نستطيع الفصل بين السياسة والرياضة في مونديال البرازيل 2014 وفي كل المنافسات الرياضية الساخنة.. · إذا قُدِّر لك أن ترصد تفاعلات المشجعينوهم يتابعون مباريات كأس العالم ستجد الكثيرين ممن يسقطون الواقع السياسي على انفعالاتهم..
· في واحدة من مباريات المنتخب الأمريكيقلت لمن يشاركوني الفرجة على المباريات: هنا فقط تتحقق العدالة، حيث يمكن مشاهدة اللاعبالأمريكي وهو يسقط على الأرض ويخرج الدم من أنفه على مرأى ومسمع من النقل التلفزيونيالمباشر، دون أن يتحرك أسطول أو يتعرض الفاعل لقصف بارجة بحرية أو طائرة عصية على صاروخسام..
· في الملعب وحده يستطيع حكم المباراة القادممن دولة أفريقية فقيرة أو من إحدى جزر الموز أن يطرد لاعباً بريطانياً أو يشهر الإنذارفي وجه لاعب غير مؤدب ينتمي إلى دولة أساسية في مجلس الأمن، وطبعاً لا مكان للفيتو،وإلا فليس الاعتراض على الإنذار بالأصفر غير الطرد بالأحمر..
· إنها امبراطورية الفيفا وعدالة الكرةالجلدية المنفوخة بالهواء.. وهي قبل وبعد ذلك تكنولوجيا الرصد التي تفضح السقوط الرياضي ومعه السقوط الأخلاقي، سواء جاء في صورة تحايل أو نطحة أو عضة.
· ولأننا أمة عربية يحاصرها الإحساس الشديد بالدونية والإحباط كانت فرحتنا بتأهل الجزائر إلى المرحلة الثانية من المونديال بصورة تجاوزت حدود الرياضة إلى فضاءات كثيرة، حتى أن الوحدة العربية "الإندماجية"تحققت لمدة 94 دقيقة هي زمن الوقت الأصلي وبدل الضائع من مباراة محاربي الصحراء الجزائري ينمع الدب الروسي..
· هتفنا للجزائر في البيوت وفي المقاهي وشوارع الشاشات العملاقة واستوديوهات التحليل، وارتفعت حرارة الأعصاب والأنفاس والقلوب،وكان لسان حالنا: هذا التأهل الجزائري شيء من التعويض عما أصابنا من الإحساس بالغبن والانكسار على مدى عقود طويلة.
· السياسة حاضرة في المونديال، لأنها تستحضرالنزعة القومية وتشعل الشرر فيها، فدائية وهستيريا تمتد من مدرجات المتابعة إلى أماكن قصية في كل منطقة تصل إليها ثنائية الكهرباء وخدمة كسر التشفير المتوحش..
· على ملاعب كأس العالم تحضر عناوين الاعتزازبالأوطان وفيها يحضر الإسقاط الذي يربط بين ما هو رياضي وما هو سياسي.. وشخصياً أجدنفسي مناصراً للمنتخبات اللاتينية على الدول ذات التأريخ الاستعماري، ما يعني تشجيع الأرجنتين ضد بريطانيا ليس من أجل زملاء ميسي وإنما رفضاً لأطماع الإنجليز في جزر الفوكلاند.