أحيا الفلسطينيون اليوم الخميس، الذكرى ال45 على إحراق المسجد الأقصى المبارك التي وقعت في 21 أغسطس 1969م.. الذكرى الأليمة على الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، والتي أقدم عليها اليهودي المتطرف مايكل دينيس الذي قدم من أستراليا. ففي مثل هذا اليوم من عام 1969، أقدم الصهيوني المتطرف /دينيس مايكل روهان/ على إحراق المسجد الأقصى والتهمت ألسنة اللهب المشتعلة أجزاء مهمة من المسجد بما فيها منبر القائد صلاح الدين الأيوبي. واحترق أكثر من ثلث مساحة المسجد، حيث احترق ما يزيد عن 1500م مربع من المساحة الأصلية البالغة 4400م مربع وأحدثت النيران أضرارا كبيرة في بناء المسجد الأقصى المبارك وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة. وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق وسقط عمودان رئيسيان مع القوس الحامل للقبة كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبص والزجاج الملون، واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية. واستطاع أبناء الشعب الفلسطيني إنقاذ بقية المسجد، وألقت سلطات الاحتلال الإسرائيلية القبض على الجاني، وقال آنذاك "إنه قام بفعلته بأمر من الله"، فيما نقلته سلطات الاحتلال إلى مستشفى للأمراض النفسية في المزرعة بالقرب من عكا وبعد فترة ليست طويلة تم ترحيله إلى أستراليا. وكان لهذا العمل الإجرامي ردة فعل كبيرة في العالم الإسلامي، واشتعلت المظاهرات في كل مكان، وكان من تداعيات هذه الجريمة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية. وقبل حرق المسجد الأقصى وحتى يومنا هذا، تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلية بشتى الوسائل والطرق المس بالمسجد من خلال أعمال حفرية تحته، إلى بناء الأنفاق المتواصلة ببعضها البعض التي أدت إلى تقويض أساسات المسجد في الحرم القدسي. وما زالت سلطات الاحتلال تعمل جاهدة من أجل تهويد القدس العربية، وتحاول دائما إخفاء صورة قبة الصخرة التي تعتبر رمز القدس العربية أمام العالم، في محاولة بائسة لإقناع العالم أن القدس ليست عربية وإنما يهودية. وبالتزامن مع هذه الذكرى اقتحم الناشط الليكودي الحاخام المتطرف /يهودا غليك/ صباح اليوم، برفقة مجموعة من المستوطنين باحات المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة وسط حراسة مشددة من شرطة الاحتلال الخاصة، وصعد إلى صحن قبة الصخرة المشرفة. ونٌقل عن الناشط الإعلامي في مؤسسة الأقصى للوقف والتراث أنس غنايم قوله إن المتطرف /غليك/ اقتحم برفقة 15 مستوطنًا المسجد الأقصى، وصعد إلى صحن قبة الصخرة، ولكن المصلون وطلاب وطالبات مصاطب العلم تصدوا له، وطردوه خارج حدود المسجد. وأوضح غنايم أن /غليك/ يقدم خلال اقتحامه شروحات عن تاريخ ومعالم الهيكل المزعوم، فهم "يؤمنون بأن الهيكل سيقام على أنقاص مسجد قبة الصخرة، لذا يحاولون دائمًا الصعود إلى صحن القبة". ويشهد المسجد الأقصى بشكل شبه يومي سلسلة اقتحامات من قبل المستوطنين وأذرع الاحتلال المختلفة في محاولة لبسط السيطرة الكاملة عليه، وفرض مخطط التقسيم الزماني والمكاني بين المسلمين واليهود. كما تأتي هذه الذكرى بالتزامن مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة، والذي أسفر حتى الآن عن استشهاد ما يزيد عن 2074 فلسطينياً وأكثر من 10200 جريح غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ. فيما تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية ردودها على هذا العدوان بقصف المواقع في المستوطنات والمدن وسط وجنوب الكيان الإسرائيلي بعشرات الصواريخ والقذائف المختلفة. وكانت جريمة إحراق المسجد الأقصى من أبشع الاعتداءات بحق الحرم القدسي الشريف، كما كانت خطوة يهودية فعلية في طريق بناء الهيكل اليهودي المزعوم مكان المسجد الأقصى وكانت الكارثة الحقيقية والصدمة التي أعقبت هذا الاعتداء الآثم أن قامت محاكم الكيان الصهيوني بتبرئة ساحة المجرم الاسترالى بحجة أنه /مجنون/ !! ثم أطلقت سراحه دون أن ينال أي عقوبة أو حتى إدانة!!. وتشير الكثير من الدلائل إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية ساهمت في الجريمة، إذ قطعت المياه عن منطقة الحرم فور ظهور الحريق، وحاولت منع المواطنين العرب وسيارات الإطفاء التي هرعت من البلديات العربية للقيام بإطفائه، ولكنهم اندفعوا وأطفؤوا الحريق. واستناداً لاستنتاجات المهندسين والخبراء فإن الذي شارك في الحريق أكثر من يهودي متطرف واحد بالرغم انهم حصروا المسؤولية عن الحريق بشخص واحد وهو /روهان/ لأنه اكتشف وتم القبض عليه. وتولت لجنة إعمار المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية إزالة آثار الحريق التي تعرض له المسجد الأقصى وترميمه وإعادة صنع منبر صلاح الدين الأيوبي. وتم إجراء دراسات تاريخية وأثرية وهندسية قبل القيام بأي ترميم ولذلك أعيد تشكيل لجنة الإعمار وأصبح لديها فريق فني متكامل بدأ عمله في مطلع عام 1970 وبعد أن اكتمل ترميم مسجد الاقصى حصلت لجنة الإعمار على جائزة /الأغاخان/ العالمية على عملهم في الترميم. وعندما يذكر (المسجد الأقصى المبارك) تختلط الأمور في أذهان الكثير من المسلمين، فمنهم من يعتبر أن الأقصى هو ذلك البناء ذي القبة الذهبية، والبعض الآخر يظن أن الأقصى المبارك هو ذلك البناء ذي القبة الرصاصية السوداء.. ولكن مفهوم الأقصى المبارك الحقيقي أوسع من هذا وذاك.. فالمسجد الأقصى كل الساحة المسورة. ويقع المسجد الأقصى المبارك على تلة في الزاوية الجنوبية الشرقية من مدينة القدس القديمة المسورة (البلدة القديمة) والتي تقع في القدس الشرقية في الضفة الغربية.. وله سور أيضاً وهو على شكل مضلع غير منتظم مساحته حوالي 144 دونم (144 كم متر مربع). ويشمل المسجد قبة الصخرة المشرفة، (ذات القبة الذهبية) والموجودة في موقع القلب بالنسبة للمسجد الأقصى (ويستخدم الآن كمصلى للنساء يوم الجمعة). وفضلاً عن نحو 200 معلم آخر، ما بين مساجد، ومبانٍ، وقباب، وسبل مياه، ومصاطب، وأروقة، ومدارس، وأشجار، ومحاريب، ومنابر، ومآذن، وأبواب، وآبار، ومكتبات وساحات، ومكاتب لدائرة الوقاف وما انبثق عنها، لجنة الزكاة، لجنة التراث السلمي، دور القران والحديث، خلوات غرف لأئمة مبان المسجدين الكبيرين، وحراس المسجد الأقصى، ومخفر الشرطة. تجدر الإشارة إلى أنه لم يطرأ أي تغيير على حجم مساحة المسجد الأقصى المبارك عبر فترات التاريخ الإسلامي المتعاقبة وحتى يومنا هذا.. وقد حفظ الله تعالى حدود هذا المسجد فلم يتعداه أحد من الناس إلى أن قام الأيوبيون والمماليك بترسيخ الحدود وأكملوا سور المسجد الأقصى كما نراه اليوم.