انتقدت حكومة الرئيس المصري حسني مبارك الأربعاء ما وصفته بمحاولات الولاياتالمتحدة "فرض" إرادتها على حليف مهم في الشرق الأوسط قائلة إن إجراء إصلاحات سريعة سيكون خطيرا للغاية. لكن مع امتداد المظاهرات المطالبة بالديمقراطية إلى موقع جديد أمام مبنى البرلمان في القاهرة قال البيت الأبيض إن الحكومة المصرية يجب أن تبذل مزيدا من الجهود لتلبية مطالب المحتجين الذين يسعون لإنهاء حكم مبارك- المستمر منذ 30 عاما- على الفور ويطالبون أيضا بإصلاحات تشريعية واسعة. وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الذي بقي في منصبه في تعديل وزاري أجراه مبارك في محاولة فاشلة لوقف الاحتجاجات إنه "مندهش" من جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي الذي دعا لإلغاء فوري لحالة الطوارئ التي استغلها مبارك وقتا طويلا لكبح المعارضة. وقال أبو الغيط خلال مقابلة مع شبكة (بي.بي.إس( التلفزيونية الأمريكية "عندما تتحدث عن (إصلاح) سريع فوري الآن- كما لو كنت تفرض على بلد كبير مثل مصر .. وهي صديق عظيم حافظ دوما على أفضل علاقات مع الولاياتالمتحدة- أنت تفرض إرادتك عليه". ومنذ اندلعت الاحتجاجات قبل نحو أسبوعين مستلهمة إلى حد ما الإطاحة بالرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي سلكت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما نهجا غير واضح في بعض الأحيان بين التأييد لحليف عربي رئيسي في صراع واشنطن مع المتشددين الإسلاميين وبين مساندة المطالبين بالديمقراطية. لكنها لم تصل إلى حد تأييد الدعوة لتنحي مبارك (82 عاما) على الفور. وكان الرئيس المصري قال الأسبوع الماضي إنه لن يرشح نفسه مجددا في انتخابات الرئاسة المقررة في سبتمبر أيلول المقبل. لكن مسؤولين أمريكيين أبدوا استياءهم أيضا من وتيرة الاصلاحات الموعودة وساندوا المحتجين في مطالبهم بتغيير فوري وملموس. وقال روبرت جيبز المتحدث باسم البيت الأبيض إن عدد المحتجين في الشوارع في مصر ما زال يتزايد وأن حكومة مبارك يجب أن تتخذ إجراءات "حقيقية وملموسة" لإرضائهم. وقال جيبز "ليس من الغريب أن يرى المرء ما يحدث في شوارع القاهرة بالنظر إلى تقاعس الحكومة (المصرية) عن اتخاذ خطوات للوفاء بمطالبهم". وبعد يوم من واحد من أكبر الاحتجاجات حتى الآن في القاهرة ظل مركز المعارضة في ميدان التحرير مزدحما. ويسعى المحتجون بالفعل إلى تنظيم تجمع حاشد آخر في الشوارع يوم الجمعة. وقال كرم محمد من محافظة البحيرة في منطقة دلتا النيل إن عدد المحتجين يتزايد. واضاف "نضغط عليهم شيئا فشيئا وفي النهاية سيسقطون".
وقال محتجون إن المنظمين يعكفون على إعداد خطط للتحرك إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون الحكومي يوم الجمعة. وشارك مئات المحتجين في تجمع حاشد جديد في الشارع أمام مبنى البرلمان وعلقوا لافتة على بوابته الرئيسية كتب عليها "مغلق حتى إسقاط النظام". ويقع مقر رئيس الوزراء الجديد أحمد شفيق بالقرب من هذا المكان. والتقى شفيق الأربعاء برجال أعمال وقال لهم إنه ما زال يسعى إلى اجتذاب استثمارات أجنبية للمساعدة في تعزيز الاقتصاد. وقال مجدي راضي المتحدث باسم الحكومة إن الأولوية بالنسبة للوزارة الجديدة في الوقت الحالي هي عبور الأزمة الحالية بأقل قدر ممكن من الأضرار. وأضرت الأزمة الحالية باقتصاد مصر أكثر الدول العربية سكانا وأحد المعابر الرئيسية للنفط والبضائع كما أثرت تداعياتها على العالم. وارتفع مزيج برنت خام القياس الأوروبي في لندن نحو اثنين في المئة مقتربا من 102 دولار للبرميل اليوم الأربعاء لأسباب من بينها المخاوف من احتمال امتداد عدم الاستقرار السياسي إلى دول رئيسية منتجة للنفط مثل السعودية. ويقدر محللون في بنك كريدي أجريكول أن الأزمة تكلف مصر 310 ملايين دولار يوميا. وتراجعت إيرادات قناة السويس أحد أهم مصادر الدخل في مصر 1.6 بالمئة في يناير كانون الثاني مقارنة مع ديسمبر كانون الأول. لكنها ارتفعت عن مستواها قبل عام وقال مسؤولون إن العمليات في القناة لم تتأثر بالاضطرابات. وقتل أربعة أشخاص وأصيب عدد آخر بأعيرة نارية خلال اشتباكات يومي الثلاثاء والأربعاء بين نحو ثلاثة آلاف محتج والشرطة في محافظة الوادي الجديد الصحراوية البعيدة عن القاهرة. وكان ذلك على ما يبدو أخطر اشتباك من نوعه مع قوات الأمن منذ 28 يناير كانون الثاني عندما اختفت الشرطة من معظم شوارع القاهرة بعد أن ضربت المحتجين بالهراوات وأطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع والرصاص. ووقعت مصادمات دامية الأسبوع الماضي عندما هاجم موالون لمبارك في ملابس مدنية المحتجين. وانتقد تنظيم القاعدة في العراق الذي يطلق على نفسه اسم دولة العراق الاسلامية الحكومة المصرية لعدم تطبيقها الشريعة الإسلامية وقال إن من الأفضل للمسلمين أن يموتوا خلال قتال الحكومة من ان يعيشوا تحت حكمها. ودعا التنظيم المسلمين في مصر إلى إطلاق سراح المعتقلين من السجون بعد أن قال عمر سليمان نائب الرئيس المصري أمس الثلاثاء إن متشددين مرتبطين بتنظيم القاعدة كانوا بين آلاف السجناء الذين فروا من وراء القضبان بعد 28 يناير كانون الثاني. وصلات جماعة دولة العراق الاسلامية بالمتشددين المصريين غير واضحة لكن بعض المحللين قالوا إن هجوما دمويا على كنيسة في مصر الشهر الماضي ربما استلهم فكر الجماعة. ونبذت جماعة الإخوان المسلمين في مصر -- أكثر جماعات المعارضة المصرية تنظيما -- العنف وحذرت من ان محاولات الحكومة للقضاء على نفوذها قد يدفع البعض الى المزيد من الفكر المتطرف. وفي وقت يرفض فيه مبارك التنحي قبل نهاية فترة ولايته الحالية في سبتمبر أيلول حاولت الحكومة تصوير نفسها على أنها حصن ضد التشدد الإسلامي ودعت إلى العودة إلى الأوضاع الطبيعية من أجل مصلحة الاقتصاد. وقال سليمان نائب الرئيس المصري والذي يجري محادثات مع جماعات المعارضة إن هناك الآن خارطة طريق لنقل السلطة لكن المحتجين لم يستجيبوا له.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية أن لجنة دستورية عينها مبارك اتفقت بشأن تعديل ست من مواد الدستور وقالت إن من الممكن تعديل مواد أخرى أيضا. ومن بين المواد الست مادتان تختصان بشروط الترشح لمنصب رئيس الدولة وعدد فترات الرئاسة. وقالت جماعة الإخوان المسلمين إن "المحادثات الحقيقية" بخصوص تسليم السلطة لم تبدأ بعد وإنها متمسكة بمطالبتها برحيل مبارك على الفور.