أحمد غالب المغلس والشعوب الثورية والجمهوريات التي تمردت على المستعمر وأخرجته من أراضيها، ثم مالبثت في ظل المتغيرات القطبية إلى الالتحاق بركب الديمقراطيات الناشئة, أو تلك التي حاولت الإفلات من الدمقرطة إلى نظام وشعارات لا واقع له ولا مؤسسات كما هو الحال في ليبيا يمر حالياً بمرحلة صعبة. يبدو أنها حالة راهنة لاهروب منها أو تفادٍ لزلزالها، حاملة أجندة التغيير والتشكيل الجديد للخارطة العربية، رغماً عن أنف الحكام والشعوب معاً. العاقل هو الذي يستبق الإعصار المدمر بتقوية القاعدة الاجتماعية من خلال التغييرات الجذرية والقرارات الشجاعة والحاسمة التي تطال الحكومة والمؤسسات ,وضع المرحلة الملتهبة بين يدي المواطن مباشرة , بكسر حاجز الأنا وتجاوز حقيقي وفعلي للمخاوف والدوائر المغلقة المتمترسة حول السلطة التي لايهمها تاريخ الحاكم وسنوات عطائه، ولا التحولات الكبرى التي تحققت في فترة حكمه , بقدر ما يهمهم الحفاظ على مصالحهم، حتى لو احترق الوطن والشعب والحاكم والتاريخ. المرحلة الراهنة تتطلب قراراً تاريخياً من قبل الأخ رئيس الجمهورية، والتزاماً وطنياً واخلاقياً من قبل المعارضة ,المكاشفة المهمة بما هو مطلوب وضعه في المحك والخروج بالوطن من أزمته الرائجة والمتحولة يوماً بعد يوم. إن للأخ الرئيس محطات وطنية وتاريخية مهمة في بناء اليمن المعاصر لايجب إضاعتها أو الزج بها في دوامة الإعصار المدمر، حتى لا تقع في مربع الاحتراق والعودة باليمن إلى التاريخ والجغرافيا والوعي إلى ما قبل الثورة وما قبل الوحدة اليمنية ,لأن المحافظة على المنجزات التاريخية لليمن تستدعي تجاوز الرهانات الخاسرة والارتقاء بالوطن ليكون هو المصلحة الكبرى لليمنيين جميعاً، الرئيس والمجتمع, السلطة والمعارضة. إعلان الأخ الرئيس تقديم الانتخابات الرئاسية سيكون قراراً شجاعاً يتم من خلاله تسليم السلطة لمن يختاره الشعب اليمني عبر صناديق الاقتراع السري والنزيه, بهذا يكون الأخ الرئيس قد حافظ على أحد أهم منجزاته الوطنية وهو النهج الديمقراطي، ليبقى هو الحكم في الحالات اليمنية الشائكة والمراحل الملتهبة. إن هذه الخطوة الشجاعة وغير المسبوقة من قبل فخامة الأخ الرئيس والمسئولية الأخلاقية والوطنية من قبل المعارضة ستقطع الطريق أمام المتربصين باليمن أو أولئك الحالمين بالوصول إلى كرسي الرئاسة، عبر القبيلة أو على جثث البسطاء وجماجم الشباب اليمني أو التجييش المذهبي أو المناطقي. إن التاريخ والأجيال اليمنية ستفاخر بهذه الخطوة الشجاعة والحل التوافقي بين الحاكم والمعارضة في اليمن من أجل التجاوز باليمن عنق الزجاجة , وترك الإنسان اليمني يختار من يشاء ويتحمل في الوقت نفسه مسئولية ذلك الاختيار والنتائج المترتبة عليه في الحاضر والمستقبل. إن الخارطة العربية مقبلة على أحداث ومراحل وتغيرات وأجندات لايعلم كنهها إلا الله, العاقل الحكيم من اتعظ بغيره، واحتفظ بتاريخه ناصعاً لايستغله الانتهازيون الوصوليون ولا تحرقه أنات ودماء البسطاء , لأن الذي يصنع التحولات الكبرى في وطنه لايمكن أن يحرق تاريخه ويرحل من الباب الخلفي لمنزله. في المقابل لابد وأن يكون قادة المعارضة اليمنية عشاق حكمة وأوفياء للوطن والشعب وأن لايسهموا في إحراق الوطن وتسليمه لقمة سائغة للقبيلة اليمنية, تعبث به وبمقدراته بحاضره ومستقبله, لأن خروج الجماهير اليمنية عن السيطرة تعني الكارثة للجميع، فهل للعقل والحكمة اليمنية طريق ودور ومسئولية؟.