مرّ أكثر من أسبوعين على الجمعة أسمتها بعض مكونات وائتلافات ساحات الاعتصامات في محافظات الجمهورية ب جمعة رفض الوصاية في إشارة للدور الذي تقوم به كلٌّ من المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية في إيجاد مخرج سياسي واقتصادي آمن للمشكلة اليمنية، وبالرغم من الانتقادات الشديدة التي وجهها العديد من السياسيين والمثقفين المراقبين للشأن اليمني لهذه التسمية، وهذا الهجوم غير المبرر على السعودية بالتحديد؛ لكن للأسف لازال الكثير يتهمون صنّاع القرار في الجارة السعودية بالتآمر على ثورة التغيير في اليمن..! توجد مؤشرات تدل على أن السعودية -كغيرها من الدول الشقيقة والصديقة- قد سئمت من مراوغة وكذب النظام اليمني وتظهر انحيازها لخيار التغيير، وعلى رأس هذه المؤشرات تقديم المبادرة الخليجية التي تُلبي مطلب المعتصمين الرئيس في الساحات والمتمثل في رحيل صالح عن سدة الحكم. وهذا يعد موقف غير مسبوقا إذ لم يسبق في التاريخ أن وقفت دول الخليج مع أي ثورة شعبية الإ في اليمن. وبالطبع من غير المنطقي أن تقف هذه البلدان مع التغيير بنفس ألفاظ قناة سهيل ومنصة الساحات. لا أدري بالضبط ما هو الدور الذي كنّا ننتظره من أشقائنا في المملكة ليساعدنا على إنجاح ثورة التغيير في اليمن؟ هل كنّا نريد منهم رفض استقبال صالح لمعالجته مثلاً؟ أم احتجازه في المملكة وعدم السماح له بالعودة إلى بلده؟ بشكل عام، هل كنّا ننتظر منهم أن يقوموا بما يجب أن نقوم به نحن في الداخل؟! إلى الآن، لم أجد سببا واقعيا ومنطقيا واحداً يقنعني ويدفع بي إلى مربع المؤيدين لهذه الأطروحة التي تُطرح وتُنشر بشكل يُثير الريبة حول من يديرها في ساحات الاعتصامات، لاسيما ونحن نعي جيداً بأن هذا الطرح في المرحلة الحالية لا يخدم اليمن بل يُفقدنا شركاء يساعدوننا في الحالية والفترة المُقبلة على مواجهة تحديات التغيير وتحمّل أعباء بناء اليمن. لا يوجد مواقف أو تصريحات أو إجراءات أو قرارات من قبل السعودية ضد الثورة تجعلنا نجد مبررا لهذا التحامل. بل على العكس لم تحاول المملكة الضغط على حلفائها التقليديين حتى لا يقفوا مع الثورة. مثال بيت الأحمر وغيرهم. والسعودية ليست مطالبة بمساندة الثورة هذه أو تلك بل بمراعاة مصالح شعبها ونظامها مع هذا لم تتصادم مصالحهم مع رغبة الشعب اليمني في التغيير.. وهب أنها وقفت ضد التغيير هذا شأن يخصها وكان الأجدى بأصحاب التغيير كسب أي طرف داخلي أو خارجي ليس مع التغيير والتعامل مع هذا التحدي بأسلوب راقٍ لإظهار صف التغيير أنه شريك مستقبلي ناجح لدول الجوار التي عانت كثيرا من مراوغة السلطة الحالية في كثير من الملفات. المعركة الكلامية ضد السعودية ليست بريئة بل وراءها أطراف بعضهم مرتبط بأجندة إقليمية معادية للمملكة وبعضهم يعادونها بأثر رجعي بسبب تعبئة مرحلة الحرب الباردة. وكلا هذين النوعين غير حريص على نجاح التغيير في اليمن الى الأفضل. هذا الأسلوب غير الحصيف في التعاطي مع السياسات الخارجية تجاه ما يحدث في اليمن؛ أو بالأصح هذا الفخ الذي وقعت فيه بعض الأصوات في ساحات التغيير، ما هو إلا وسيلة مُخجلة نحاول من خلالها تبرير فشلنا نحن في الداخل.. لأن المواقف الدولية ليست عاملاً أساسياً يدفع بالثورات إلى الحسم، فعلى سبيل المثال نلحظ دعما واضحا تقدمه الولاياتالمتحدة وأوربا وحتى السعودية في الخفاء -حسب تحليلات صحفية- لخيارات الشعب السوري في التغيير، لكن ها قد مرت أكثر من أربعة أشهر منذ بدء الثورة السورية، ومازال الوضع صعبا..!! قد نختلف مع بعض سياسات المملكة العربية السعودية تجاه اليمن، في مرحلة ما، وفي ملف ما، لكن هذا لا يعني تحميلها مسؤولية فشلنا، سواء السلطة أو المعارضة، فهذا سقوط أخلاقي قبل أن يكون سقوطا سياسيا. والأمر برمته هو أن هناك أشخاص لديهم أمراض تاريخية وعُقَد تجاه الجيران بسبب ارتباطاتهم أو طموحاتهم أو بسبب تعبئة خاطئة أو سوء قراءة والمشكلة ما عادت هنا؛ بل المشكلة أن يفلح هؤلاء المرضى وضيقي الأفق في نقل أمراضهم وعقدهم إلى قطاع من الشباب لاتزال صفحاتهم بيضاء وليسوا بحاجة أن يحشروا أنفسهم في ثارات الآخرين أو أن يعزفوا أغنياتهم على ألحان نشاز. [email protected]