على الرغم من أن تجربة الانتخابات تعتبر حديثة العهد على السعوديين وجديدة على جلساتهم ومناقشاتهم، إلا أنها لا تخلو من الجدل والاهتمام، وتباين وجهات النظر وتنوع الآراء واختلافهم حول ماهية هذه الانتخابات وأهدافها وأساليبها واهتمام الدولة فيها، وفي المقابل نقرأ في أعين المواطنين عدم الرغبة والحماسة في الترشيح والدخول أو حتى قراءة أهداف المرشحين وتوجهاتهم وبرامجهم ، ذلك يعود إلى ضعف الخدمات البلدية في السعودية وازدياد الملاحظات عليها ، وكذلك الانتقادات اللاذعة عليها حتى وصل الأمر للسخرية من عدد الحفر في شوارع وميادين عدداً من المدن وخاصة العاصمة الرياض. وأصبح الهدف من الترشح - من جهة نظر النقاد والمتابعين - هو اكتساب نوعا من الشهرة والدعاية في بعض الأحيان لأنشطة المرشح الشخصية أو جذب الاهتمام والأنظار له لأغراض شخصية ونفسية بحتة ، كما حدث في الانتخابات البلدية السابقة التي أدت إلى شهرة عددا كبيرا من المرشحين ممن لم يكن يعرفهم المجتمع أصبحوا في تلك الأيام يضاهون في شهرتهم الفنانين ولاعبي كرة القدم في السعودية. وإذا نظرنا عن قرب لما يحدث داخل هذه الانتخابات التي تبدأ اليوم الخميس ، نجد أنها أنعشت وأعادت الروح بشكل كبير جدا لسوق الإعلانات في المملكة ، وسط تقديرات أولية تفيد بأن أكثر من 5323 مرشحا أنفقوا مئات الملايين من الريالات من اجل الإعلانات ضمن حملاتهم التي بدأت قبل أسابيع استعدادا ليوم الانتخابات ، والمستفيد من ذلك وكالات الدعاية والإعلان وكذلك الصحف وبعض القنوات ، ومحلات إعداد اللوحات الدعائية والخطاطين ، مما أدى إلى تنوع وسائل الإعلان من خلال الصحف وكذلك في الطرقات والأماكن العامة ، بالإضافة إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتويتر وكذلك البلاك بيري ، لإرسال البرنامج الانتخابي والأهداف التي يسعى المرشح لتحقيقها بعد فوزه في الانتخابات. هل تستحق الانتخابات هذا الكم الهائل من الإعلانات؟ المشاهد لهذه الحملات والإعلانات والأهداف التي يضعها المرشحون من الممكن أن يرى الحماس الشديد في المرشح لتعديل ولو جزءا بسيطا من الخدمات البلدية التي أرهقت السعوديين وكلفتهم الكثير، ولكن الثقة التي انعدمت من المجالس البلدية السابقة والتي لم يحقق مرشحيها الفائزين أيا ًمن أهدافهم التي سبق وان وضعوها، مما حدا بالمقترعين للنظر لهذه الانتخابات لمجرد التدريب فقط على طريقة الانتخابات وأجوائها لا أكثر ! وحتى القرار الملكي بالسماح للمرأة بالترشح والانتخاب خلال الحملات القادمة قوبل بقليل من الترحيب من جانب العديد ليس بسبب تواجد المرأة ولكن لعدم جدوى الرجل من الأساس في المجلس البلدي فكيف بالمرأة ؟ عشان ما تشوف حفرة اختر الرقم عشرة! تداول عددا كبيرا من الشباب السعودي صورة إعلان لأحد المرشحين تحمل العنوان أعلاه ، والذي يشاهد الإعلان ربما يضحك لجرأته وبساطته واستخدامه للغة العامية في السعودية ، إلا أن من يمعن النظر ويفكر بشكل أوسع في الإعلان يجد انه منطقي ، ويلامس أكثر مشكلة تؤرق السعوديين في شوارع مدنهم بعد مشكلة الازدحام المروري وصور ساهر المتعددة التي أثقلت كاهل السعوديين وشاركتهم دخلهم الشهري! ولكن السؤال المطروح ، هل من الممكن أن يفي المرشح بوعده ويساعد في ردم الحفر التي تزداد يوما بعد يوم التي تكلف الدولة ملايين الريالات سنويا بمشاريع لا تنتهي وغياب الجودة في التطبيق والتنفيذ ، إلى جانب قصور في الرقابة عليها أيضا ، على الرغم من الجهود المبذولة في عملية التمويل من قبل الدولة والجهات الرسمية ، بالإضافة إلى ما تم استحداثه مؤخرا من هيئة رقابية تملك صلاحيات واسعة ممثلة بهيئة مكافحة الفساد. لاشك أن التحديات القادمة أمام المرشحين كبيرة للوفاء بوعودهم وإعادة الثقة للمقترعين حول الخدمات البلدية ، بغض النظر عن الصلاحيات الممنوحة للمرشحين ولكن إيصال الصوت والشكوى هو المهم دائما.