ينتظر الاسلاميون في تونس يوم الخميس اعلان فوز تاريخي لحركة النهضة الاسلامية بأول انتخابات تشهدها البلاد منذ أن أطاحت الثورة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي. وسعت الحركة الى طمأنة العلمانيين والمستثمرين الذين يشعرون بالقلق بشأن تولي اسلاميين السلطة في واحدة من أكثر البلدان العربية ليبرالية. وقالت حركة النهضة انها لن تفرض قيودا على ملابس السائحات الاجنبيات على الشواطئ ولن تفرض قواعد مصرفية اسلامية. ورشحت الحركة أحد مسؤوليها لمنصب رئيس الوزراء بعدما حققت نصرا كبيرا في أول انتخابات ثورات الربيع العربي. وصرح مسؤولون تونسيون بأنهم مازالوا يجدولون نتائج الانتخابات التي اجريت يوم الاحد لكنهم قد يعلنون النتيجة النهائية الخميس. وسمحت العملية المطولة للعلمانيين بأن يستوعبوا النتيجة على مراحل ففوز حركة النهضة بالانتخابات كان متوقعا على نطاق واسع لكن حجم الفوز فاجأ البعض. ولن تصل حركة النهضة الى حد تحقيق أغلبية مطلقة في المجلس التأسيسي الجديد لكن من المتوقع ان تشكل ائتلافا مع حزبين علمانيين حصلا بعدها على أعلى الاصوات. وسيحصل الاسلاميون على النصيب الاكبر في المواقع المهمة. وقال الباجي قائد السبسي رئيس الوزراء التونسي الحالي في تعليقات نشرت يوم الخميس انه ليس لديه ما يدعوه للتشكيك في التزام حركة النهضة بعلمانية الدولة وبالديمقراطية. وقال لصحيفة الاهرام المصرية "أنا لا استطيع الحكم على النيات فالنوايا عند الله يمكنني فقط ان أحكم بالظاهر وما حدث حتى الان ايجابي وفي النهاية لا يمكن لكل من يأتي الى الحكم أن يغير من ثوابت الامور ويقلبها رأسا على عقب." وأضاف أنه يعتقد أن حركة النهضة ستحكم بذكاء وستتعامل مع الواقع وقال ان تونس ستستمر في المضي قدما ولن تسير عكس التاريخ. والسبسي علماني تولى مناصب في حكومات في نظام بن علي ويتولى منصب رئيس الوزراء الانتقالي منذ مارس اذار. وكانت الثورة التونسية قد اجبرت بن علي على الفرار في يناير كانون الثاني. ومرت انتخابات يوم الاحد بسلام في تحد لتوقعات قالت انها ستؤدي الى عنف واشتباكات بين الشرطة وأقلية اسلامية متشددة. لكن في بادرة على مشاكل محتملة نظم أنصار مليونير تونسي يملك قناة تلفزيونية في لندن احتجاجا في بلدة سيدي بوزيد التي كانت مهد شرارة الثورة التونسية على رفض النهضة التحالف مع قائمته. وحسب نتائج غير رسمية حصلت قائمة العريضة الشعبية للمليونير الهامشي الحامدي المقيم بلندن على نسب مرتفعة فاجأت كثيرين. وجاء الحامدي مالك قناة المستقلة في لندن في المركز الاول في مدينة سيدي بوزيد وفقا للنتائج غير الرسمية. وقال المهدي الحرشاني من سيدي بوزيد لرويترز عبر الهاتف واصفا الاحتجاج الذي شارك فيه المئات "نحن نحتج للمطالبة باحترام خيار الشعب. العريضة فازت بفضل الصندوق ونحن نطالب باحترام ارادة الشعب والا فالامور ستتطور للاسوأ هنا." وستكون للانتخابات أصداء في دول أخرى خاصة مصر التي تتمتع جماعة الاخوان المسلمين فيها بثقل كبير. وجرت الانتخابات التونسية بعد عشرة اشهر من اشعال بائع خضر تونسي النار في نفسه يأسا من الاوضاع مما أدى الى انطلاق شرارة فجرت موجة الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي. ولم يصل الاسلاميون الى السلطة في المنطقة منذ فازت حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) بالانتخابات عام 2006 . وقال حمادي الجبالي الامين العام لحركة النهضة والسجين السياسي السابق في عهد الرئيس المخلوع ان الحركة ستطرح اسمه لتولي رئاسة الحكومة المؤقتة. وأضاف الجبالي يوم الاربعاء أن الحركة قد تعرض منصب الرئيس على السبسي وزعيمي حزبين من يسار الوسط هما منصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر. وقضى الجبالي نحو عشر سنوات في السجن مع الالاف من مؤيدي حركة النهضة ودرس الهندسة. وقالت حركة النهضة مستشهدة بأرقام خاصة بها انها حصلت على 40 في المئة من المقاعد في الجمعية التأسيسية التي ستضع مسودة دستور جديد وتعين حكومة مؤقتة وتحدد موعدا للانتخابات الجديدة التي تجري أواخر العام القادم أو أوائل 2013 . واقر منافسو الاسلاميين من الاحزاب العلمانية الرئيسية بالهزيمة. ولم يظهر سوى جزء بسيط من النتائج الرسمية حتى الان -- على خلاف الانتخابات في ظل حكم بن علي حين كانت النتائج تعلن مباشرة لانها كانت مقررة سلفا. وأظهرت النتائج من المناطق التي استكملت الفرز حصول النهضة على 53 مقعدا من مقاعد الجمعية التي يبلغ عددها 217 مقعدا. بينما حصل اقرب منافسيها وهو المؤتمر من اجل الجمهورية العلماني على 18 مقعدا. ولم تعلن بعد نتائج العاصمة. وارتفع مؤشر بورصة تونس بشدة يوم الاربعاء بعد اجتماع راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة مع مسؤولين تنفيذيين بالبورصة وابلاغهم بأنه يؤيد ادراج مزيد من الشركات بالبورصة. ويقول بعض المحللين ان الغنوشي يبقي نفسه خارج الحكومة للتركيز على الفوز بالانتخابات الرئاسية المتوقع اجراؤها أوائل 2013 .