أثار جلد القاعدة لخمسة أشخاص في مدينة جعار بمحافظة أبين الجنوبية مطلع الأسبوع الجاري استياء وتنديدا واسعين على المستوى الرسمي والشعبي. وقد نقلت صحيفة المصدر المحلية عن شهود عيان يوم السبت الماضي في 12 تشرين الثاني/نوفمبر، أن جماعة "أنصار الشريعة" التابعة لتنظيم القاعدة قامت بجلد خمسة شبان أمام الملأ اتهمتهم "بتناول حبوب مخدرة". وذكرت الصحيفة أنه تم إحضار الشبان الخمسة من سجن للقاعدة إلى وسط ملعب جعار وقاموا بجلد كل واحد منهم بالعصي 80 جلدة. ويطلق على هذه العقوبة اسم "إقامة الحد"، وهو تنفيذ الأحكام الشرعية في حق من يسرق بقطع يده أو إعدام القاتل، على سبيل المثال. وتستمر في محافظة أبين منذ بضعة أشهر الاشتباكات بين الجيش اليمني وعناصر القاعدة التي سيطرت على مدينة جعار أواخر آذار/مارس الماضي وأعلنتها إمارة إسلامية. وقال أحمد الرهوي، وكيل محافظة أبين، للشرفة إن جلد الشبان الخمسة من قبل القاعدة جريمة تحظى بتنديد شعبي ورسمي واسع. وأضاف الرهوي "الناس يتذمرون مما يحصل من هذه الجماعات الظلامية والإرهابية التي تدعي أنها تمثل الدين وتتصرف باسمه وهي أول من يخالف هذا الدين بارتكابها جرائم قتل وتشريد الآلاف من منازلهم". وتابع "إن جريمة جلد الشبان تضاف إلى جرائمهم [القاعدة] السابقة الخاصة بقطع الأيدي وتنفيذ الإعدام في مشاهد هزلية تستخدم الدين لأغراض الدعاية لهم وهم وحدهم ينفذون أحكام الشريعة لكنهم يتناسون من أعطاهم هذا الحق". وأشار إلى أن المواطنين في جعار "لا حول لهم ولا قوة وهم يعيشون في خوف ورعب"، متوقعا أن تخلو المدينة من سكانها عما قريب بسبب تصرفات القاعدة . من جانبه، أكد العقيد محمد القاعدي، الناطق باسم وزارة الداخلية اليمنية، للشرفة أن اليمن في حرب مستمرة ومفتوحة مع الإرهاب. وقال "إن ما يقوم به تنظيم القاعدة وخاصة في ما يتعلق بتنفيذ الحدود هي جرائم محل تنديد واستنكار، وهذه الجماعات هي جماعات خارجة عن النظام والقانون لذا ما بني على باطل فهو باطل". وأشار إلى أن القاعدة لا تتمتع بصفة قانونية أو شرعية لتنفيذ الحدود سواء بقطع الأيدي أو الجلد أو قطع الرؤوس. وفي هذا الإطار، أوضح العلامة محمد الأكوع، مفتي محافظة ذمار وعضو جمعية علماء اليمن، للشرفة أن تطبيق الحدود أمر منوط بولي الأمر (رئيس الدولة) من خلال الجهاز القضائي التابع للدولة. وأكد أن إقامة الحد تتم وفقا لضوابط الشريعة التي تحدد بوضوح أن رئيس الدولة وحده دون غيره مسؤول عن تطبيق الحدود، مضيفا أنه لا يجوز لأي فئة أخرى أن تقوم بذلك. من جهته، قال الدكتور سعيد عبيد الجمحي، رئيس مركز الجمحي للدراسات والأبحاث، "إن تصرفات القاعدة في جعار تذكرنا بتصرفات طالبان في أفغانستان التي تأخذ قشور الدين من دون أن تأخذ الجوهر بهدف رسم صورة ذهنية للمتتبع بأنها تطبق الشريعة، وبذلك أساءت للإسلام وشوهت صورته لدى الرأي العام العالمي". وأشار الجمحي إلى النفوذ الكبير الذي يتمتع به التنظيم في أبين بسبب ما يمارسه من سلوكيات وأعمال إرهابية تمنع أحدا من مخالفته، على حد قوله. وقال إن الافراد القائمون على تنفيذ عقوبة إقامة الحد، ناتجة عن عدم فهم حقيقي للإسلام، مضيفا "تنفيذ الحد هو من مهام الدولة وإذا كانت كل جماعة تسيطر على منطقة بهذا الشكل تقرر أن تقيم الحدود، فإن هذا سيؤدي إلى الفوضى لأن إقامة الحد تحتاج إلى قضاء عادل يعطي المتهم الحق الكامل في الدفاع عن نفسه وليس كما يحدث في جعار".