مبدئياً لا أثق بشيء اسمه الكفاح المسلح، ضد الدولة، ولا بشرعية النظام الذي يترتب عنه، سواء كان من يحمل السلاح جيفارا أو حكمتيار، القردعي أو الحوثي أو الزنداني.. وسوى ثورة الاستقلال عن الأتراك، والقوانين والمواثيق الأممية الحديثة، وهي خلاصة ما أنتجته الحضارة الإنسانية على صعيد العدالة، تكفل هذا الحق. السياسي يكيل الدين بمكاييل كثيرة، بغض النظر عن التجربة اليونانية القديمة.. الديمقراطية نظام حديث يكتسب شرعيته من قيم حديثة تتبلور حول الدستور وحق الشعب في اختيار ممثلية عبر الانتخابات، والحرية السياسية وحقوق الأقليات الإنسان. إذا انتصر الإرهاب، لا قدر الله، نفس الذين حرَّموا رفع السلاح الاشتراكي في وجه الدولة في السبعينيات، أجازوا رفع السلاح الإخواني في وجه الدولة بعد 2011م، وعادوا إلى تحريم رفع السلاح الحوثي في 2014م.. قال أحدهم: (أصبح واجباً أخلاقياً وإنسانياً مقاتلة كلَّ من يرفع السلاح في وجه المجتمع أو الدولة ولو تشبَّث بأستار الكعبة). لفت نظري دعوة بعض مثقفي الإخوان، إلى إعادة النظر حول مبدأ (المعارضة المسلحة)، أو الخروج المسلح على الدولة، أو بعبارتهم: (الخروج المسلح على الحاكم الظالم)، يقول مجيب الحميدي (نحن بحاجة ماسة إلى إعادة الاعتبار لمذهب رفض الخروج المسلح على الحاكم، يكفينا النضال السلمي. فمن يرفع السيف ولو كان مظلوماً فقد فتح باباً للفتنة له أول وليس له آخر). ويؤكد محمد اللطيفي، بغض النظر عن كون هذه الدعوات تأتي بعد رفع الإخوان السلاح في وجه الدولة خلال الثورة الأخيرة، في اليمن وغيرها، كما أن المقصود بها على الأرجح هم القوى العسكرية الإسلامية المنافسة لقوة الإخوان، على التيارات الثورية الراديكالية التي باركت نظرية الخروج المسلح في المذهب الزيدي أن تراجع مواقفها، لاسيما وأن الخروج المسلح وسفك الدماء أصبح شرطاً لصحة ولاية الحاكم، وهذا الشرط لا يجب احترامه باعتباره حرية رأي أو عقيدة، ولاسيما بعد أن تسرب هذا المنهج إلى التيارات السنية.. أتذكر أن الشيخ الزنداني قال ذات حوار صحفي إنهم اعتمدوا على المذهب الزيدي في الثورة على الإمام. بقدر استنكارها وإدانتها للإرهاب. من أجل الحرية والاستقلال. كذلك لا إشكالية حول عدم شرعية الإرهاب، الإشكالية الأصل في التراث السني، عدم الخروج عن الحاكم الجائر، ولو جلد ظهرك، وأخذ مالك. بدوافعه النبيلة وقيمه الأخلاقية، القرآن من قبل، فرَّق بحسم بين المناضلين الشهداء وجزائهم الجنة، وبين من يحاربون الله ورسوله، وجزاؤهم أن يقتلوا أو يصلبوا.. إن احتمالات ثورة المغامر ضد الحاكم الفاضل أقوى من احتمالات ثورته ضد الحاكم الشرير. إننا قد نجرؤ على اصطياد الحيوان الفاضل أكثر من جرأتنا على اصطياد الحيوان المفترس. الكفاح المسلح، من أجل الحرية والاستقلال، حق شرعي تكفله.. رفع السلاح في وجه الدولة.