أعلنت الحكومة اليمنية أن خسائر الخزينة من الاعتداءات المتكرّرة على خطوط نقل النفط والغاز وشبكات الكهرباء بين عامي 2012 و2014 بلغت نحو 1.482 تريليون ريال (6.8 بليون دولار) أو ما نسبته 94 في المئة من إجمالي العجز الصافي في هذه السنوات. وأشارت الحكومة في برنامجها العام المقدّم إلى مجلس النوّاب إلى «ما تكبّدته الخزينة العامة من خسائر نتيجة عدم القدرة على تنفيذ القوانين المالية بسبب الانفلات الأمني». وقال رئيس الوزراء خالد بحّاح، إن الحكومة «على استعداد لتحمل مسؤولياتها الوطنية، وهي تُدرك طبيعة الأوضاع والتحديات الراهنة التي يمر بها البلد في المرحلة الانتقالية، والتي نتج منها أزمات مركّبة وعلى رأسها ثمانية تحديات رئيسة». وأوضح أن تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية وغياب التنفيذ الكامل لمبدأ سيادة القانون، تُرتّب تكبّد الاقتصاد القومي عموماً وموازنة الدولة خصوصاً خسائر كبيرة. ولفت إلى اتّساع نطاق الفقر بمفهومه العام إلى 54 في المئة من إجمالي السكان، وتفاقم مشكلة البطالة إذ ارتفعت نسبتها بين الشباب للفئة العمرية ما بين 15 و24 سنة إلى 33.7 في المئة من إجمالي السكان. وأشار البرنامج العام للحكومة إلى الانخفاض الكبير في مستوى النشاط الاقتصادي واقتراب الاقتصاد من هوّة الركود الاقتصادي، إذ أدّى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2011 بنسبة 15.1 في المئة وما تلاه من انخفاض معدّلات نمو الناتج المحلي الإجمالي من 2012 إلى 2014 في المتوسط، إلى 2.82 في المئة، في ظل معدل نمو مرتفع للسكان بلغ ثلاثة في المئة، أدّى إلى انخفاض قيمة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي هذه السنة عن مستواه عام 2010 بنسبة 9.1 في المئة. كما تفاقمت مشكلة اختلالات المالية العامة، إذ بلغت نسبة العجز النقدي الصافي إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات 2011 - 2014 نحو خمسة في المئة و4.7 في المئة و8 في المئة و6 في المئة على التوالي. وأشار برنامج الحكومة إلى تفاقم الاختلالات الهيكلية في الموازنة، إذ تراجع حجم النفقات الاستثمارية إلى إجمالي النفقات العامة إلى ما نسبته 8 في المئة و11 في المئة و8 في المئة على التوالي من عام 2011 إلى عام 2013، لمصلحة النفقات الجارية وخصوصاً نفقات الأجور والرواتب والتي استحوذت خلال السنوات الثلاث الأخيرة على ما نسبته 31 في المئة في المتوسط. كما استأثرت أوجه دعم المشتقات النفطية بما نسبته 23 في المئة في المتوسط خلال الفترة ذاتها. واستحوذ دعم المشتقات المخصّصة لإنتاج الطاقة الكهربائية والذي لا يزال قائماً، على 34 في المئة في المتوسط من إجمالي دعم المشتقات النفطية أي ما نسبته 7.8 في المئة من إجمالي النفقات العامة، ما يقارب نسبة الإنفاق الاستثماري. وأفاد البرنامج بأن مدفوعات فوائد الدَين العام الداخلي ارتفعت نسبتها إلى إجمالي النفقات من 10.4 في المئة عام 2011 إلى 16.5 في المئة عام 2013، ويتوقّع تجاوزها 21 في المئة العام الحالي بسبب ارتفاع حجم الدين العام الداخلي من 1.892 تريليون ريال (8.8 بليون دولار) أو 111 في المئة من إجمالي الإيرادات الذاتية عام 2011 إلى 2.850 تريليون ريال (13.2 بليون دولار) بما نسبته 141 في المئة من إجمالي الإيرادات الذاتية عام 2013، ويتوقّع تجاوز النسبة 150 في المئة هذه السنة. ولم يغفل البرنامج التراجع الكبير والمستمر في إنتاج النفط محلياً وأسعاره في السوق الدولية، في ظل عدم قدرة النشاطات الاقتصادية الموجّهة نحو التصدير على تعويض النقص في عائدات الصادرات النفطية، وتزايد حجم اعتماد الاقتصاد الوطني على توفير حاجاته من المشتقات النفطية خصوصاً والسلع الأساس عموماً، ما يشكّل خطورة ليس على عائدات الخزينة العامة من الموارد العامة فحسب، بل أيضاً على عائدات الاقتصاد الوطني من النقد الأجنبي، ما يترتّب عليه استنزاف احتياط الجهاز المصرفي وبالأخص البنك المركزي من العملات الأجنبية والانعكاسات الخطيرة على فاتورة الاستيراد الضرورية وعلى أسعار الصرف وبالتالي معدلات التضخّم وصولاً إلى انعدام الاستقرار الاقتصادي. ولفت إلى أن «ضعف البنية المؤسساتية والتنظيمية للوزارات، والهيئات والمؤسسات والمصالح في القيام بمهام الإدارة العامة للدولة، على رغم أهميتها كونها ما زالت تقوم بوظيفة الدولة الضامنة ويعتمد عليها المجتمع في تقديم خدماته وتلبية حاجاته في شكل كبير، أمام ضعف إشراك القطاع الخاص في إدارة الاقتصاد والمجتمع»، مشدّداً على أن ذلك الأمر يتطلّب «مراجعة وتطوير الدراسات المعدّة لدور الدولة في الجوانب الاقتصادية والإنتاجية». كما أشار البرنامج إلى التحدّي المتمثّل في ضعف الخدمات الأساس وتدنّي كفاءتها وعلى رأسها خدمات التعليم والصحة والكهرباء والمياه والطرق.