أدى الرئيس التونسي المنتخب الباجي قائد السبسي أمس اليمين الدستورية أمام البرلمان كرئيس للبلاد. وعقب أداء اليمين، ألقى السبسي كلمة أكد فيها أن الشعب التونسي فاز في مساره الانتقالي وإنجاح تجربته الديمقراطية رغم المحاولات اليائسة التي كانت تريد منع تونس من قطع هذا الشوط الحساس بسلم واستقرار، قائلا "حاول البعض إقحام تونس في دوامة الفوضي والتنافر والتحارب حيث قاموا بعمليات شغب وعنف عديدة وخطيرة بلغت باغتيال شكري بلعيد وغيره وأكثر من 60 من الجنود وأفراد الأمن والحرس، إلا أن الشعب التونسي تصدى لهذه المساعي وأفشلها". وأكد تقديره وامتنانه العميق لجميع التونسيين والتونسيات الذين منحوه الثقة، معربا أيضا عن تقديره لمن صوتوا لمنافسه. كما أعرب عن تقديره للرئيس محمد المنصف المرزوقي الذي بادر بتقديم التهنئة إثر الإعلان عن النتائج المؤقتة لانتخابات الرئاسية في مظهر من المظاهر الحضارية، كما عبر عن بالغ تقديره لأرواح الشهداء الأبرار الذين وهبوا حياتهم لعزة تونس وسيادتها. وأضاف أن دستور الجمهورية الثانية يفتح أمام تونس حياة سياسية تعددية ومتحررة مبنية على دولة مدنية تقوم على المواطنة وإرادة الشعب وإعلاء القانون، مشددا على ضرورة إعداد القوانين الضرورية بإحداث بقية المؤسسات الدستورية كالمجلس الأعلي للقضاء والمحكمة الدستورية. وأكد التزامه بمعاجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق وعود الثورة على رأسها كرامة المواطن وتحسين ظروف العيش وتوفير الصحة وتوفير فرص العمل ومكافحة الفقر وإحداث تنمية اقتصادية، إلا أن هذا الطموح لن يتحقق إلا بشروط يشترك في توفيرها الشعب والدولة معا، وشدد على ضرورة أن يساهم الشعب بجميع عناصره في بناء نظامه السياسي والاجتماعي الجديد وذلك بالمثابرة في العمل الجدي ومكافحة الفساد وعودة استباب الأمن وعودة هيبة الدولة وذلك في نطاق العدل وإعلاء القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وقال السبسي في كلمته إن هيبة الدولة تعنى في النظام الديمقراطي دولة القانون وعدم التعسف للأغلبية وضمان حقوق المعارضة الوطنية وتدوال السلطة، مؤكدا أنه سيكون رئيسا لجميع التونسيين والتونسيات وبدون إقصاء مهما كان راعيا للوحدة الوطنية ولتماسك صفوف التونسيين، مشيرا إلي أنه لا مستقبل لهذا البلد من دون توافق بين الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني. وأضاف: أن بلادنا بحاجة لكل أبنائها بدون أي تمييز، ولا مستقبل لها دون مصالحة وطنية، مؤكدا أنه سيولي استقرار الوطن وأمنه اهتماما بالغا، خاصة أن تونس تعرضت ولا تزال تتعرض لخطر الإرهاب. ودعا إلي تضافر جهود الجميع للوقوف صفا واحدا للتصدي للإرهاب ولكل خطر يهدد الصفو العام والسيادة الوطنية وذلك من خلال تماسك الشعب التونسي. وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، قال السبسي: سنحرص على انتهاج دبلوماسية نشيطة بما يمكن بلادنا من تعزيز علاقاتنا مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة ودعم حضورها ومكانتها على الساحة الإقليمية والدولي، كما أكد حرص الاستجابة لمقتضيات انتماء تونس المغربي والعربي والإسلامي والأفريقي والمتوسطي إلى نصرة قضايا الحق في مقدمتها القضية الفلسطينية بما يمكن الشعب الفلسطيني من استرداد حقوقه وإقامة دولته المستقلة وتحقيق السلام العادل في المنطقة. كما أكد أنه سيعمل من أجل تفعيل اتحاد المغرب العربي، كما سيعمل على تفعيل العمل العربي والإسلامي المشترك وتمكين أواصر التعاون مع دول المشرق والخليج العربي الشقيق خاصة مع تصاعد التهديدات الإرهابية على الصعيدين الإقليمي والدولي، لذا ستحتل المسألة الأمنية صدارة اهتمام تونس. وأضاف السبسي أن بلاده ستحرص على تطوير علاقات الصداقة والتعاون مع الاتحاد الأوروبي، مؤكدا عزم بلاده على استعادة مكانتها المرموقة أفريقيا، وشدد على أن تونس ستعمل على تمكين الشراكة والتعاون مع دول القارتين الأمريكية والآسيوية وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية واليابان والهند، مضيفا أنه سيحرص على أن يكون هذا التعاون قائما على أساس مبدأ الشراكة المتكافئة والبناءة التي تستجيب للمصالح العليا للبلاد، كما أكد اهتمامه بالجاليات التونسية حول العالم. وأشار الرئيس التونسي إلى حجم الأمانة الثقيل لكنه أكد عزمه على القيام بأعباء هذه المسئولية كاملا حسب ما جاء في الدستور التونسي من صلاحيات. وكان السبسي أعلن استقالته من رئاسة حزب "حركة نداء تونس" الفائز بالأغلبية في البرلمان فور إعلانه رئيسا للبلاد. وسيكون أمام السبسي بعد استلامه لمنصبه مدة أسبوع لتكليف مرشح عن حركة نداء تونس أو شخصية أخرى للانطلاق في تشكيل حكومة جديدة خلال شهر واحد.